الصين تمد حبل الإنقاذ لإسبانيا عبر استثمار 5.6 مليار يورو وتوقيع 12 اتفاقية مشتركة

في زيارة التقى فيها نائب رئيس الوزراء الصيني كبار رجالات الدولة والمال

TT

بالأمس، تركزت نشرات الأخبار التلفزيونية في إسبانيا على أمرين: الملوك السحرة الثلاثة الذين يظهرون في موسم أعياد الميلاد، حاملين الهدايا للأطفال الإسبان، ووصول لي كيكيانغ، نائب رئيس الوزراء الصيني، في زيارة لإسبانيا حاملا تحت إبطه «رغيفا من الخبز» في صورة اتفاقيات تجارية بقيمة 5.6 مليار يورو.

كان أول لقاء لكيكيانغ مع ممثلين من 50 شركة إسبانية لديها مصالح في الصين، خاصة القطاع المصرفي. وخلال اللقاء قال: «إننا نرحب بالمؤسسات المالية كي تأتي وتستكشف سوقنا»، مضيفا أن «الصين تعد من المستثمرين الذين يتحلون بالشعور بالمسؤولية وتستثمر منذ أمد بعيد داخل إسبانيا». بجانب تأكيده على استمرار بلاده في شراء الديون الإسبانية، أوضح كيكيانغ رغبة بكين في «تناول اللحم والخمر الإسبانيين» للاحتفال بأعياد الميلاد، مشددا على أن بلاده «ستبقى مع إسبانيا في السراء والضراء».

ووقع الجانبان الإسباني والصيني 4 اتفاقيات رسمية بمجالات متنوعة مثل الطاقة والاستثمارات الأجنبية والسياحة. وتأمل الحكومة الإسبانية في أن يصل عدد زائريها من الصينيين إلى قرابة 300 ألف سائح بحلول عام 2012. وأعلن نائب رئيس الوزراء الصيني أنه «سنستمر في تشجيع المواطنين الصينيين على زيارة إسبانيا وقضاء العطلات بها للتمتع بالفولكلور الإسباني».

من جهتها، ترى وزارة السياحة الإسبانية أن السوق الصينية الأهم على مستوى العالم. وتشير الأرقام إلى أنه عام 2009، زار إسبانيا 89523 سائحا صينيا، بزيادة قدرها 2.9% عن عام 2008، وارتفع إجمالي السائحين خلال السنوات العشر الأخيرة بنسبة 470%.

علاوة على ذلك، تم التصديق على 12 اتفاقية أخرى بين شركات مختلفة من الجانبين بما يضمن استثمارات بقيمة تتجاوز 5.6 مليار يورو، مما يشكل دفعة بإمكانها مساعدة إسبانيا على تجاوز الأزمة الاقتصادية التي ألمت بها مبكرا عما هو متوقع.

بعد تناوله الإفطار مع عدد من رجال الأعمال، التقى نائب رئيس الوزراء الصيني رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويز رودريغيز ثاباتيرو، وكذلك التقى ملك إسبانيا الذي كان يحتفل الأمس بعيد ميلاده الـ73. خلال اللقاء، قدم المسؤول الصيني للملك خوان كارلوس ألبوما يضم صورا متنوعة من الرحلات التي قام بها أفراد من الأسرة المالكة الإسبانية إلى الصين.

من بين الاتفاقيات الموقعة، اثنتان تعنيان بمجال الطاقة، ترمي إحداهما لتشكيل مجموعة عمل ثنائية، بينما تتناول الثانية مصادر الطاقة المتجددة، طبقا لما ذكرته وكالة «إيفي». ومن المنتظر تشكيل لجنة عمل أخرى لتعزيز الاستثمارات بين الجانبين.

كما تم توقيع اتفاقية بين «المعهد الإسباني للتجارة الخارجية» و«مركز بكين الدولي لإدارة العلامات التجارية»، حيث تقرر إنشاء مركز إسباني للسلع بمنطقة تشاويانغ متخصص في السلع المرتبطة بصناعات الموضة والجلود والأحذية والخمور.

ومن بين أهم الاتفاقيات الموقعة اتفاقية أبرمت بين مصرف «بي بي في إيه» و«بنك التنمية الصيني» لتعزيز العلاقات بين الجانبين داخل إسبانيا ودول أخرى محل اهتمام مشترك.

من بين العناصر التي تزيد أهمية إسبانيا بالنسبة للصين دور الجسر الذي تلعبه الأولى مع أميركا اللاتينية. في الواقع، تركز الاتفاقية الموقعة بين المصرفين على تشجيع تمويل المشروعات والخدمات التجارية والمشتقات داخل دول مختلفة من أميركا اللاتينية، مثل الأرجنتين والبرازيل وفنزويلا.

كما تتعلق الاتفاقيات التي وقعتها «إندرا» بتشغيل أنظمة إدارة في الملاحة الجوية الصينية بقيمة 19 مليون يورو، علاوة على اتفاقية بين «ريبسول» و«سينوبك».

بمجال الاتصالات، وقعت «فودافون» إسبانيا وشركة «هوواي» الصينية مذكرة تفاهم لبناء مركز مشترك للابتكار.

من بين الشركات الإسبانية الأخرى التي وقعت اتفاقيات مع الجانب الصيني «إنسا» و«غاندارا» بمجال الصناعة و«أرتولا»، بجانب شركات إنتاج خمور وأغذية مثل «لوزانا» و«كونسنترادوس دي أوفا»، و«هوييبلانكا» و«سالامانكا هام». وأبدى رجال الأعمال الإسبان إدراكهم لأهمية هذه الاتفاقيات. وأكد أحدهم، أرتورو فيرنانديز، على أن زيارة المسؤول الصيني «بالغة الأهمية» بالنسبة لإسبانيا التي «تحتاج لثقة ومساعدة الحكومة الصينية». وأكد فيرنانديز أيضا على أن إنشاء مصرف الصين التجاري والصناعي في إسبانيا يعتبر «أنباء اقتصادية جيدة ستعمل على تحفيز الاستثمارات الصينية في إسبانيا وستعمل على تيسير وجود الشركات الإسبانية الصغيرة والمتوسطة الحجم في السوق الآسيوية».

وخلال الكثير من الكلمات التي ألقيت لم يشر أي من المتحدثين إلى حقوق الإنسان في الصين. بيد أن المتحدثة باسم من الحزب الاشتراكي أشارت إلى أن حزبها «يقيم حوارا جادا مع الحزب الشيوعي بشأن حقوق الإنسان»، لكنها أكدت على أن زيارة لي كيكيانغ لا علاقة لها بذلك لأنها تهدف إلى «تعزيز أواصر التعاون بين الصين وإسبانيا».

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن الصادرات الإسبانية إلى الصين في الفترة بين يناير (كانون الثاني) وأكتوبر (تشرين الأول) 2010 وصلت إلى 2140 مليون يورو أي بزيادة وصلت إلى 33.6% عن الفترة ذاتها في عام 2009. لكن برغم ذلك لا يزال الميزان التجاري يميل تجاه العملاق الآسيوي مع ارتفاع الواردات الإسبانية إلى 15500 مليون يورو.

ستكون زيارة لي كيكيانغ التي تستمر 3 أيام أهم تقدير اقتصادي للحكومة الإسبانية في أوقات عصيبة. ومن المتوقع أن تساعد هذه الاتفاقية في استثمار الأموال في السوق الإسبانية وخلق المزيد من فرص العمل في واحد من أضعف جوانب الاقتصاد الإسباني.

من أجل ذلك، اتفقت وجهات نظر ملك إسبانيا ورئيس الوزراء وأحزاب المعارضة على أهمية هذه الزيارة والعقود قائلين إن «المنقذ في هذه الحالة قدم من آسيا».

* صحفية اسبانية بصحيفة «الموندو» متعاونة مع «الشرق الأوسط»