قانون «اشتر الأميركي» يلزم البنتاغون بشراء المنصات الشمسية الأميركية.. بدلا من الصينية

ربما يكون موضوع خلاف كبير بين واشنطن وبكين

قانون البنتاغون الجديد يمنع شراء المنصات الشمسية من الصين قد يفيد شركة ألمانية تصنعها في اوريغون («نيويورك تايمز»)
TT

يحتوي قانون المخصصات العسكرية الذي وقع عليه الرئيس الأميركي باراك أوباما يوم الجمعة الماضي على بند لم يلحظه الكثيرون يدعو وزارة الدفاع الأميركية إلى «شراء المنتج الأميركي» فيما يتعلق بمشتريات المنصات الشمسية - ويحتمل أن يضايق هذا البند مسؤولين صينيين في الوقت الذي يستعد فيه الرئيس هو جين تاو لزيارة الولايات المتحدة الأسبوع المقبل.

وعلى الرغم من أن هناك الكثير من القضايا الهامة التي سيتم تناولها بالنقاش، ومن بينها مخاوف تتعلق بكوريا الشمالية، فإنه من المؤكد أن قضايا اقتصادية وتجارية ستحظى بمكانة بارزة في أجندة الزيارة. ويسعى كلا الجانبين إلى جعل النقاشات إيجابية؛ حيث تعد الولايات المتحدة المستورد الأكبر في العالم فيما تمثل الصين أكبر مصدر للسلع، إلا أن مشاعر الاستياء المتنامية بشأن تجارة التقنيات الصديقة للبيئة قد تمثل عنصر تشتيت.

وقد ظهرت الصين كمنتج مهيمن للمنصات الشمسية خلال العامين الماضيين، إذ تحوز على نصف الإنتاج العالمي خلال العام الماضي، وترتفع حصتها داخل السوق بشكل مطرد ومتسارع. وتمثل حصة الولايات المتحدة ما قيمته 1.6 مليار دولار من السوق العالمية للمنصات الشمسية التي تبلغ 29 مليار دولار، وفي المعتاد لا تتناول تحليلات السوق المبيعات العسكرية بشكل منفصل.

وتوجد مخاوف داخل الكونغرس بسبب فكرة قيام بكين بدعم قطاع الطاقة الشمسية داخل الصين بصورة تلحق أضرارا بشركات أميركية وغيرها من الشركات الأجنبية المنافسة. وتأتي قضية دعم الطاقة النظيفة في قلب تحقيق تجاري تجريه إدارة الرئيس أوباما، التي تخطط لرفع دعوى ضد الصين أمام منظمة التجارة العالمية.

ويمنع بند «اشتر الأميركي» الجديد وزارة الدفاع من شراء منصات شمسية مصنوعة في الصين، وقد صاغ هذا البند أعضاء بمجلسي الشيوخ والنواب في نهاية جلسة تمهيدية للكونغرس. ويتوسع الجيش الأميركي بصورة مطردة في استهلاكه لمنتجات الطاقة المتجددة بسبب التكلفة الكبيرة والمخاطر التي تتهدد عملية نقل كميات كبيرة من الوقود إلى مناطق نائية داخل العراق وأفغانستان.

وأشار محامون إلى أن بند المنصات الشمسية صيغ بحرص كي يكون متماشيا مع قواعد التجارة الحرة التي حددتها منظمة التجارة العالمية، مما يجعل من الصعب على الصين توجيه طلب للمنظمة بهدف إلغاء البند.

ووجه قياديون داخل الصين انتقادات قوية لمثل هذه البنود خلال الفترة الماضية، ولا سيما لأحد البنود في حزمة التحفيز الاقتصادي التي طرحها الرئيس أوباما بداية 2009 والتي تنص على المشتريات الحكومية لمواد البناء والتسليح. وطلبت الصين في نهاية فصل الربيع من عام 2009 إنفاق حزمة التحفيز الاقتصادي التي تبلغ قيمتها 600 مليار دولار داخل الصين، وليس مجرد مواد البناء. ولم يرد مسؤولون صينيون داخل بكين وواشنطن على طلبات للتعليق على البند الخاص بالمنصات الشمسية وُجهت لهم يومي السبت والأحد.

وبينما تركز الولايات المتحدة وأوروبا على دعم مشتري المنصات الشمسية، أكدت الصين على الدعم الذي تقدمه لمصنعي المنصات الشمسية. وتقوم الصين بتصدير جميع منصاتها إلى الولايات المتحدة، وغالبا ما تستفيد من دعم المستهلك الأوروبي والأميركي.

ويأتي بند المنصات الشمسية في قانون مخصصات الدفاع في وقت أمر فيه الرئيس أوباما بإجراء تحقيق موسع لتحديد ما إذا كان دعم الصادرات الصينية ومتطلبات المحتوى المحلية وغيرها من القواعد تخالف قواعد منظمة التجارة العالمية. وكنتيجة للتحقيق بدأت الولايات المتحدة دعوى قضائية أمام منظمة التجارة العالمية في الثاني والعشرين من شهر ديسمبر (كانون الأول) ضد ما أسمته دعم تصنيع توربينات رياح صينية.

ويقول مسؤولون تجاريون أميركيون إنهم ما زالوا يدرسون سياسات دعم للطاقة النظيفة متبعة داخل الصين بهدف تحديد ما إذا كان يتعين رفع دعاوى أخرى أمام منظمة التجارة العالمية.

وجاء بند المنصات الشمسية في إطار مشروع قانون حول مخصصات الدفاع مرره مجلس النواب. وكانت صيغة مجلس النواب تتضمن اشتراطا بسيطا يدعو وزارة الدفاع إلى شراء المنصات الشمسية المصنوعة داخل الولايات المتحدة.

ولم يكن لدى مجلس الشيوخ، الذي كان أكثر حظرا في التدخل في قضايا متعلقة بالتجارة الحرة، بند مماثل، ولم يكن يتوقع الكثيرون داخل قطاع المنصات الشمسية أن يتضمن القانون النهائي على مثل هذا البند.

ولكن انتهى اجتماع قيادات مجلس النواب والشيوخ إلى الإبقاء على بند مجلس النواب وتعديله من خلال إضافة لغة قانونية تشترط أيضا الالتزام بتشريع تجاري أميركي سابق.

ويقول النائب موريس هينتشي، الديمقراطي من نيويورك، إنه دافع من أجل إدراج البند في مشروع القانون. وأوضح في مقابلة أجريت معه عبر الهاتف قائلا: «لدينا الكثير من المال الذي يخرج من هذه الدولة ويستثمر داخل أماكن أخرى بمختلف أنحاء العالم، ولا سيما داخل الصين، ولا سيما في مجال الطاقة البديلة». وبالنسبة إليه يعد إنتاج الطاقة البديلة شيئا جيدا، «ولكننا في حاجة إلى القيام بذلك بأنفسنا وبأكبر قدر ممكن».

وأشار إلى أنه لم يعتقد أن البند سوف يعرض العلاقات مع الصينيين لمخاطر قبل الزيارة المرتقبة للرئيس الصيني. وقال: «لقد أمددناهم بالكثير من النمو الاقتصادي هنا، وخرجت أموال كثيرة من هذه الدولة إلى الصين، وذهبت الكثير من عمليات التصنيع، ولا سيما في مجال الطاقة البديلة، إلى الصين أيضا».

وأثنى هينتشي على إدارة أوباما في نوفمبر (تشرين الثاني) بسبب تدشين تحقيق موسع في الدعم الصيني لصادرات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وقال حينها إن هذا الدعم جعل شركة «ريسم سولر تكنولوجيز» داخل هايلاند بولاية نيويورك، بها نقطة ضعف من الناحية التنافسية.

وقال محاميان بارزان داخل القطاع في رسائل عبر البريد الإلكتروني نهاية الأسبوع إن لغة القانون قصدت أنه من الناحية العملية يجب على وزارة الدفاع شراء منصات شمسية من أي دولة توقع على اتفاق إضافي لمنظمة التجارة العالمية خاص بعمليات الشراء الحكومية. وكانت قوانين التجارة الأميركية السابقة تشترط الالتزام بهذا الاتفاق.

وواقعيا وقعت كافة الدول الصناعية على الاتفاق الإضافي، الذي يلزم بتجارة حرة في المشتريات الحكومية. وتعهدت الصين بأن توقع عليه في أقرب وقت ممكن عندما انضمت إلى منظمة التجارة العالمية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2001 ولكنها لم تقم بذلك حتى الآن.

وقال المحاميان إن الولايات المتحدة تتصرف في إطار حقوقها بالتمييز ضد المنصات الشمسية الصينية في المشتريات العسكرية. وقال كارولين غليسون، وهو شريك في «ماكدرموت ويل آند إيمري» داخل واشنطن ومن أشهر المدعين في قضايا منظمة التجارة العالمية: «يسمح اتفاق المشتريات الحكومية بمنظمة التجارة العالمية للدول الموقعة، بما فيها الولايات المتحدة، أن تفضل سلع من دول وقعت على هذا الاتفاق على دول لم توقع».

ويقول آلان وولف، وهو مسؤول تجاري أميركي سابق يشرف حاليا على قسم الممارسات التجارية بشركة «ديوي أند ليبووف» للاستشارات القانونية داخل واشنطن، إنه من الصعب تفهم سبب معارضة الصين للتوقيع على الاتفاقية. وأضاف: «ستكون هناك فائدة واضحة لها ولشركائها التجاريين». وتوجد تعقيدات تكنولوجية في عملية تصنيع المنصات الشمسية، ويتم تصنيعها في الأغلب داخل دول صناعية وقعت على الاتفاق الإضافي لمنظمة التجارة العالمية - أو داخل الصين.

وكانت هناك ضغوط داخل مدن وأقاليم في الصين كي لا توقع بكين على الاتفاق لأنهم يريدون الاحتفاظ بالحق القانوني للاستمرار في توجيه تعاقدات الحكومة إلى شركات محلية، بحسب ما ذكره مستشار سياسات لدى الحكومة الصينية أصر على عدم ذكر اسمه بسبب حساسية الموضوع من الناحية السياسية.

ويتضمن بند «اشتر الأميركي» في تشريع التحفيز الاقتصادي لعام 2009 على عبارة غير مشهورة على نطاق واسع تسمح بعمليات شراء من دول أخرى وقعت على اتفاق المشتريات الحكومية، من دون الاقتصار على الموردين الأميركيين.

ويقول أوشين يوان، الرئيس التنفيذي ورئيس شركة «غراب سولر» ومقرها يوجين بولاية أوريغون التي توزع معظم المنصات الشمسية الصينية إلى جانب منصات أميركية ويابانية وتايوانية، إن المنصات المستوردة تتكلف عادة أقل من المنصات المصنوعة في أميركا بـ20 في المائة.

ويتوقع يوان أن التشريع الجديد سيكون له أثر كبير على سوق المنصات الشمسية الأميركية، من خلال تشجيع شركات المنصات الشمسية الصينية على بناء مصانع داخل الولايات المتحدة. ويقول: «سيكون لهذه السياسة بالتأكيد أثر سلبي على المنصات الشمسية المستوردة من الصين التي ترجع تكلفتها الأقل إلى نفقات التشغيل وتكلفة العمالة الأقل».

ويقول يوان إن «غراب سولر» باعت ما قيمته 500.000 دولار من المنصات الشمسية المصنوعة في الصين إلى الجيش الأميركي قبل أعياد الميلاد بوقت قصير، مشيرا إلى أنه يتوقع أن العقود المقبلة ستوجه إلى منصات مصنوعة في الولايات المتحدة. وقد رحبت شركة «سولر ورلد» الألمانية بالتشريع، وهي واحدة من أكبر الشركات المصنعة للمنصات الشمسية داخل الولايات المتحدة ولم تحذو حذو معظم المصنعين الذين نقلوا خطوط الإنتاج إلى الصين.

«كشركة أميركية تعمل في مجال التقنية الشمسية قائمة منذ وقت طويل ولا تزال تتوسع، يشجع (سولار ورلد) أن الجيش والحكومة الأميركية تفهم بوضوح الدور الحيوي للتقنية الشمسية المصنوعة محليا في مستقبل الأمن القومي للبلاد»، هكذا قال بوب بيزنر، المدير الإداري لفرع الشركة داخل هيلزبورو بولاية أوريغون، التي تثبت بالفعل منصات شمسية مصنوعة في أميركا داخل المنشآت العسكرية الأميركية داخل بيرل هاربل في هاواي.

ويحتوي مشروع قانون مخصصات الدفاع على بند آخر متعلق بالصين. ويشترط أن يقوم الجيش بمراجعة فورية لاحتياجاته من المعادن الأرضية النادرة، وهي المواد التي تزداد أهميتها في التقنيات المتطورة. ويأتي نحو 95 في المائة من الإمداد العالمي من الصين. ويلزم مشروع القانون الوزارة بأن توجد «مصدر إمداد مضمون» للمعادن الأرضية النادرة بحلول 2015 ودراسة تكوين مخزون. وتعد المعادن الأرضية النادرة ضرورية لنطاق واسع من المعدات العسكرية، سواء كانت صواريخ أم أجهزة استكشاف. وتدرس وزارة الدفاع مدى اعتماد المتعهدين على الإمدادات الصينية منذ أكثر من عام. وخلصت مسودة تقرير تبادلها مساعدون داخل الكونغرس في الخريف الماضي إلى نتيجة مبدئية مفادها أن المعادن الأرضية النادرة مهمة جدا ولكنها اقترحت استمرار السماح لمتعهدي الوزارة شراء هذه المعادن من أي مصدر.

* خدمة «نيويورك تايمز»