اليابان بعد الصين تمد حبل الإنقاذ لانتشال أوروبا من أزمة الديون السيادية

البرتغال تواجه اختبارا اليوم حينما تلجأ للاستدانة من الأسواق

رئيس وزراء البرتغال أثناء مغادرته لاجتماع القمة الأوروبية الأخيرة في بروكسل (أ.ف.ب)
TT

ارتفعت أسعار الأسهم الأوروبية، أمس، في أعقاب التراجع الذي شهدته يوم الاثنين متأثرة في هذا التحسن بالتصريحات اليابانية التي قالت إن اليابان ستقوم بشراء سندات الدين الأوروبية لتنضم في ذلك إلى الصين التي أعلنت في إسبانيا الأسبوع الماضي أنها ستقوم بشراء سندات ديون إسبانية. ورغم أن الضغوط خفت قليلا على منطقة اليورو، فإن محليين يقولون إن البرتغال ربما تحتاج إلى خطة إنقاذ في الشهور المقبلة. وكشف تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» أمس عن أن دول الاتحاد الأوروبي تبحث في إمكانية رفع حجم صندوق الإنقاذ المؤقت بمبلغ 440 مليار يورو لمقابلة احتياجات الدول الأعضاء الغارقة في الديون. ونسبت الصحيفة التقرير إلى مسؤولين أوروبيين، ولكنها قالت إنه لم يتم اتخاذ قرار نهائي بشأن زيادة رأسمال الصندوق المخصص للطوارئ، كما أنه من غير المنتظر اتخاذ قرار بشأن الزيادة في اجتماع وزراء مالية الاتحاد في الأسبوع المقبل. وكان عدد من الأعضاء قد طالب بزيادة رأسمال الصندوق لأن مبلغ الـ750 مليار يورو (نحو تريليون دولار) يبدو غير كاف إذا توسعت أزمة الديون لتشمل البرتغال وإسبانيا واليونان.

ودافع رئيس الوزراء البرتغالي جوزيه سقراطس أمس (الثلاثاء) عن قدرة بلاده الاقتصادية وسط تكهنات بأن البرتغال على وشك أن تكون الدولة التالية بمنطقة اليورو التي تحتاج إلى مساعدة دولية. وقال سقراطس في مؤتمر صحافي إن عجز الموازنة كان أقل حتى من مستوى 7.3 في المائة المستهدف في عام 2010، وتراجع مقابل 9.3 في المائة عن العام السابق عليه، ما يجعل البرتغال إحدى دول الاتحاد الأوروبي التي حققت أكبر خفض في عجز موازناتها.

وشدد رئيس الوزراء على أن «البرتغال لن تطلب مساعدة مالية لأنها غير ضرورية». واشتكى من أن شائعات مساعدات الإنقاذ أضرت باليورو وساعدت المضاربين في السوق. وقال رئيس الوزراء الاشتراكي إن البرتغال سوف تستمر في الحصول على التمويل من السوق العالمية. ويتوقع أن تواجه البرتغال اليوم اختبارا حينما تلجأ الحكومة إلى الأسواق لجمع 1.25 مليار يورو (1.6 مليار دولار) من خلال طرح سندات حكومية للبيع. وقال وزير المالية فيرناندو تيكسيرا دوس سانتوس إنه لا يتوقع أن تجد الحكومة صعوبة في جمع تمويل من أسواق السندات، موضحا أن الحكومة «قامت بوظيفتها» لحل المشكلات الاقتصادية للبلاد.

وانتقد تيكسيرا دوس سانتوس في تصريحات لمحطة «تي إس إف» الإذاعية، الاتحاد الأوروبي، قائلا إن «أوروبا يبدو أنها لا تقوم بوظيفتها في الحفاظ على استقرار اليورو». وعلى أي حال، قالت صحيفة «بابليكو» إنه تم بعناية شديدة وضع ترتيبات فنية بالفعل لدى الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لإنقاذ البرتغال ماليا، ومن المتوقع أن تكون البرتغال في حاجة إلى ما يصل إلى 100 مليار يورو (130 مليار دولار).

قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، خلال مؤتمر صحافي في نيقوسيا أمس (الثلاثاء) إن البرتغال اتخذت «إجراءات مهمة جدا» في مواجهة مشكلات الديون. وأضافت ميركل أن تنفيذ الإجراءات سيستغرق وقتا لكن البرتغال ستبقى ملتزمة باطلاع صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية إذا كانت الإصلاحات غير كافية. ولكن فنلندا ترى غير ذلك، حيث نسبت وكالة الأنباء الألمانية إلى وزير المالية الفنلندي يركي كاتاينن قوله أمس إن على البرتغال أن تتخذ خطوات سياسية حاسمة لتهدئة الأسواق العالمية. وقال الوزير في تصريحات لإذاعة «إم تي في 3» الفنلندية «أعلنت البرتغال بالفعل عن خطوات كثيرة لكن سيكون من الجيد إجراء مراجعة لما يمكن القيام به فوق ذلك». وأضاف أن آيرلندا قد لا تكون آخر بلد يطلب مساعدة مالية من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، لكنه أحجم عن قول ما إذا كانت هناك مباحثات بشأن إقراض البرتغال. وكان مصدر رفيع بمنطقة اليورو قال لـ«رويترز» يوم الأحد إن ألمانيا وفرنسا وفنلندا ودولا أخرى في منطقة اليورو تمارس ضغوطا على البرتغال كي تطلب برنامج مساعدة من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وقال كاتاينن ردا على سؤال بشأن تقرير «رويترز»: «لا أستطيع التعليق على إجراءات لدول أخرى ولا على مثل تلك الشائعات لأن الشائعات تلد شائعات جديدة».

وفي أعقاب إعلان الصين عن استعدادها لشراء سندات إسبانية خلال زيارة نائب الرئيس الأخيرة إلى مدريد، أعلنت اليابان أمس أنها ستشتري سندات ديون أوروبية خلال الشهر الحالي. وقال وزير المالية الياباني يوشيهيكو نودا إن الحكومة سوف تشتري سندات منطقة اليورو لمساعدة المنطقة التي تكافح في مواجهة تصاعد أزمة الديون السيادية للدول الأعضاء. وأضاف نودا أن اليابان سوف تستخدم احتياطياتها من النقد الأجنبي في زيادة مشترياتها من سندات منطقة اليورو التي ستطرح خلال الشهر الحالي بأكثر من 20 في المائة. وستطرح السندات من خلال آلية الاستقرار المالي الأوروبية. يذكر أن آلية الاستقرار المالي الأوروبية عبارة عن صندوق إنقاذ مالي سيادي يهدف إلى مساعدة حكومة دول منطقة اليورو المثقلة بالديون. وتعني مشاركة اليابان في الاكتتاب في هذه السندات أن أكبر دولتين في العالم من حيث حجم الاحتياطي النقدي، وهما الصين واليابان، سوف تساعدان منطقة اليورو، حيث كانت الصين قد أعلنت في وقت سابق اعتزامها شراء سندات إسبانية إضافية. وتعد إسبانيا من دول اليورو التي تعاني صعوبات مالية جمة.

واقتفت آيرلندا أثر اليونان العام الماضي في المطالبة بحزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي.

وكانت العملة الأوروبية الموحدة قد تراجعت بشدة خلال الأيام الماضية في ظل تكهنات بشأن حاجة البرتغال، إحدى دول منطقة اليورو، لحزمة إنقاذ مالي على غرار اليونان وآيرلندا. وقال نودا إنه من المناسب لليابان التعهد بمساعدة صندوق الإنقاذ الأوروبي في «اكتساب بعض الثقة».

وتأسس الصندوق عام 2010 برأسمال قدره 400 مليار يورو (569 مليار دولار) تقدمها دول منطقة اليورو، وكان عددها في ذلك الوقت 16 دولة زاد إلى 17 بانضمام استونيا مطلع العام الحالي. ويهدف الصندوق إلى حماية الاستقرار المالي للاتحاد النقدي الأوروبي من خلال تقديم مساعدات مالية مؤقتة إلى الدول المثقلة بالديون.

وبلغت احتياطيات اليابان من الصرف الأجنبي 1.096 تريليون دولار بما فيها 1.036 تريليون دولار احتياطيات بالعملة الأجنبية بنهاية ديسمبر (كانون الأول) بتراجع قدره 4.86 مليار دولار في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وفقا لما ذكرته وزارة المالية اليابانية أمس.