مخاوف من اقتراب العالم من أزمة غذائية مع ارتفاع جنوني في أسعار الحبوب

في أعقاب صدور تقرير مصلحة الزراعة الأميركية

ثلوج كثيفة غطت معظم الحقول الأميركية ، مما أفسد المحاصيل في اميركا هذا الموسم
TT

يقترب العالم من صدمة في أسعار المواد الغذائية، في أعقاب خفض الولايات المتحدة لتوقعاتها بشأن محاصيل الحبوب الرئيسية للموسم الحالي (2010 – 2011). وارتفعت في أعقاب صدور التقرير، مساء الأربعاء، أسعار الذرة الشامية وفول الصويا إلى أعلى مستوياتها منذ 30 شهرا، في التعاملات التي جرت في بورصة شيكاغو للسلع، وكذلك في بورصة طوكيو. وكانت منظمة الزراعة والأغذية الدولية (الفاو) قد حذرت، الأسبوع الماضي، من أن العالم قد يشهد تكرارا للأزمة الغذائية التي ضربت العالم في عام 2008، إذ واصلت أسعار الحبوب والمواد الغذائية ارتفاعها أكثر من مستوياتها الحالية. وبينما تطمئن أسعار الأرز المستقرة التي تعتمد عليها دول آسيا كحبوب رئيسية في الغذاء، فإن مسؤولي المنظمة يحذرون من تواصل الارتفاع في أسعار الحبوب الرئيسية، خاصة القمح. ويذكر أن ارتفاع أسعار الغذاء قد أدت إلى مظاهرات في الكثير من دول العالم، من بينها الجزائر وتونس.

وتوقع تقرير مصلحة الزراعة الأميركية، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، عجزا عالميا في الذرة الشامية بنحو 20.1 مليون طن متري. كما توقع أن ينخفض مخزون الذرة الشامية الأميركي إلى 745 مليون بوشل (نحو 18.9 مليون طن متري)، قبل حصاد محصول الموسم الحالي. وهو ما يمثل أقل مخزون، حسب قول وزارة الزراعة.

وفي ذات الوقت، توقع التقرير انخفاض محصول فول الصويا في الأرجنتين، ثالث أكبر منتج لفول الصويا، بمعدل 15 في المائة إلى 47 مليون طن هذا العام، بسبب النقص في مياه الأمطار.

وتوقع التقرير أيضا انخفاض مخزونات فول الصويا في أميركا إلى 3.82 مليون طن، قبل حصاد المحصول الحالي. وتوقعت مصلحة الزراعة الأميركية انخفاض مخزونات فول الصويا العالمية إلى 58.28 مليون طن قبل حصاد محصول فول الصويا في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، مقارنة مع توقعاتها للمخزونات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي البالغة 60.1 مليون طن.

وفي لندن، قال خبراء لصحيفة «فاينانشيال تايمز» إن أسعار الذرة الشامية تتجه إلى تحقيق ارتفاع كبير في الأسعار خلال الشهور الثلاثة المقبلة. وذلك لأسباب، أهمها أن مخزونات الذرة الشامية في أميركا ستنخفض بمعدلات كبيرة عن التوقعات السابقة، بسبب البرودة الشديدة التي ضربت الولايات المتحدة، وسيكون لها تأثير مباشر على المحصول خلال الموسم المقبل.

وارتفعت عقود الذرة الشامية لشهر مارس (آذار) في بورصة شيكاغو للسلع إلى 6.435 دولار للبوشل، كما ارتفعت ذات العقود إلى أعلى مستوى في بورصة طوكيو إلى 6.495 دولار. ويلاحظ أن أسعار الذرة الشامية كسبت 8.2 في المائة خلال الأسبوع الحالي، وهو أعلى ارتفاع لها منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول).

ويذكر أن مؤشر «ستاندرد آند بوورز» للحبوب والمواد الزراعية، الذي يقيس أداء 8 سلع زراعية رئيسية، قد ارتفع 70 في المائة منذ يونيو (حزيران) الماضي.

وجاء الارتفاع بسبب الأضرار التي لحقت بالمحاصيل الزراعية في كل من روسيا التي ضربها الجفاف، وكندا وباكستان بسبب الأمطار الغزيرة التي أفسدت المواسم الزراعية. وكانت أسعار القمح ارتفعت بمعدل 48 في المائة خلال العام الماضي، كما ارتفعت أسعار الذرة الشامية بمعدل 69 في المائة، وفول الصويا بـ44 في المائة.

وقال محللون إن تزايد العجز في مخزونات القمح والذرة الشامية وفول الصويا أسهم في تزكية المخاوف من حصول نقص في الغذاء مثل الذي حدث في عام 2008.

وعلى صعيد أسعار القمح، تشير أرقام بورصة شيكاغو إلى ارتفاع أسعار بوشل القمح بمعدل 0.6 في المائة خلال الأسبوع الحالي. وكانت أسعار عقود مارس (آذار) قد ارتفعت إلى 7.785 دولار للبوشل في تعاملات وسط الأسبوع، إلا أنها انخفضت في تعاملات أمس في أعقاب إعلان مسؤول باكستاني أن باكستان، ثالث أكبر منتج للقمح في آسيا، ستقوم بتصدير القمح لأول مرة، بعد الحظر الذي نفذته خلال الثلاث سنوات الماضية على تصديره.

وقال مدير الأغذية في إقليم البنجاب، نجم شاهفي، تصريحات نقلتها وكالات الأنباء، أمس، من أن باكستان ستقوم بتصدير 700 ألف طن من القمح إلى الخارج. وهو إعلان بعث الارتياح في أوساط مسؤولي منظمة الأغذية والزراعة التي يوجد مقرها في روما. وحسب توقعات خبراء في تجارة السلع، فمن المتوقع أن تدخل الهند أسواق الحبوب كمشتر كبير خلال الشهور المقبلة، ضمن خطط بناء مخزونات استراتيجية، مما سيسهم في رفع أسعار القمح، ويطال الحبوب الأخرى. وكانت الصين قد أنشأت مخزونا استراتيجيا للحبوب خلال العام الماضي.