البعثات الدبلوماسية في أميركا ستصبح من دون «خدمات مصرفية» بعد رفض البنوك فتح حسابات جديدة

«جي بي مورغان» أخطر أكثر من 150 سفيرا بإغلاق حساباتهم ابتداء من مارس

TT

تواجه البعثات الدبلوماسية الأجنبية هنا في واشنطن إمكانية الاضطرار للاحتفاظ بأموالها النقدية في خزائن، بسبب دفع القوانين الأميركية لمحاربة غسل الأموال، وإرهاب المصارف لرفض حسابات هذه البعثات.

ويحدث ذلك في أعقاب إخطار مصرف «جي بي مورغان تشيس» أكثر من 150 سفيرا، في سبتمبر (أيلول) الماضي، بأن حساباتهم المصرفية ستغلق بحلول 31 مارس (آذار)، إلا أن القضية تفاقمت لتصل لأزمة دبلوماسية هذا الشهر مع إخفاق السفارات في محاولاتها لفتح حسابات لها لدى مؤسسات أخرى. في هذا الصدد، قال باسو سانغكو، سفير جنوب أفريقيا، الخميس «هذه مشكلة بالفعل. لقد أصبحنا عاجزين عن التمتع بخدمات مصرفية».

وقد رفض «جي بي مورغان تشيس» وعدد من المصارف الكبرى الأخرى - بينها «بانك أوف أميركا» و«سيتي بانك» و«إتش إس بي سي» - التعليق علانية على التغييرات التي طرأت على تعاملاتها المصرفية مع البعثات الدبلوماسية. وأشار الخطاب الصادر عن «جي بي مورغان تشيس» في سبتمبر إلى أن «القرارات المرتبطة بالعمل لا تتعلق بمنظمتكم تحديدا»، مستطردا أن الحسابات الشخصية لن تتأثر بعيدا عن الصعيد المعلن. وأشار مسؤولون مصرفيون إلى أن تكاليف الالتزام بالقوانين والغرامات المحتملة الضخمة حال عدم التزامهم بها لا تتكافأ مع العائدات التي تجنيها من وراء الحسابات المصرفية الدبلوماسية. ويذكر أن جهود فرض رقابة أكبر على التحويلات المصرفية الأجنبية بغية مكافحة غسل الأموال بدأت عام 1990 تقريبا، لكنها اكتسبت أهمية أكبر لإعاقة التمويل الإرهابي بعد هجمات 11 سبتمبر. والآن أصبح لزاما على المصارف أن تسأل عملاءها عن مصادر التحويلات المالية الضخمة أو المثيرة للشكوك من الخارج، وتبلغ الحكومة بشأنها. كما تفرض التنظيمات حاليا ضرورة الإبلاغ عن التحويلات المالية التي تتجاوز قيمتها 10.000 دولار، لكن وزارة الخزانة اقترحت فرض تقديم تقارير عن جميع التحويلات الأجنبية. من ناحيته، قال إدوين إم ترومان، خبير التمويلات الدولية بمعهد بيترسون للاقتصادات الدولية في واشنطن «ليس لدينا في الولايات المتحدة إعفاء للحكومات الأجنبية».

والمعتقد أن الكثير من الأحداث الأخيرة ربما دفعت المصارف للتصرف على هذا النحو. مثلا، انتقد تقرير صادر عن اللجنة الفرعية الدائمة المعنية بالتحقيقات بمجلس الشيوخ في فبراير (شباط)، «بانك أوف أميركا» و«إتش إس بي سي»، لما وصفه بإجراءات تنظيمية متساهلة من المصرفين حيال بضعة حسابات مصرفية أفريقية، بينها حسابات تخص أنغولا وغينيا الاستوائية. والخريف الماضي، انتقد التقرير مصرف الاحتياطي الفيدرالي «إتش إس بي سي» لافتقاره إلى المستوى المطلوب من اليقظة.

وقد بعثت وزارة الخارجية بالسفير باتريك إف كيندي، وكيل الوزارة لشؤون الإدارة، إلى الأمم المتحدة، الخميس، لإخطار دبلوماسيين ينتمون لنحو 100 دولة بالجهود الجارية لتسوية المشكلة. وقال كيندي إن الحكومة الأميركية عقدت اتصالات مع «جيه بي مورغان تشيس» بشأن القضية، لكنه شدد على أن المصارف الأميركية في النهاية مؤسسات خاصة اتخذت قراراتها من دون تدخل حكومي.

لكن يبدو أن الدبلوماسيين الأجانب لم يتأثروا بهذا الجهد، حيث قال سانغكو «لا أعتقد أن ذلك سيوفر حلا في الوقت الراهن».

وأعلنت دول أكبر، مثل الصين وفرنسا، أنها لا تتوقع مواجهة مصاعب في العثور على مصارف أخرى، لكن الدول الأصغر، أو تلك الخاضعة لعقوبات، مثل إيران وكوبا، من المتوقع أن تعاني مشكلات. عن ذلك، قال محمد خازئي، المبعوث الإيراني، إنه من دون الحسابات المصرفية، يواجه نشاط الأمم المتحدة بأكمله خطر التوقف مع عجز الدول الأعضاء عن تنفيذ تحويلات مالية لازمة لسداد إسهاماتها السنوية في عمليات حفظ السلام. وقال «لن تتمكن البعثات الدبلوماسية من العمل بهذه الصورة». واقترح خازئي أن تنتقم الأمم المتحدة من «جيه بي مورغان تشيس» بإغلاق حساباتها الضخمة لدى المصرف. إلا أن مارتن نيسيركي، المتحدث الرسمي باسم المؤسسة الأممية، قال إن المنظمة لم تتلق طلبا بذلك، لكنه استطرد أنه لخضوع مبنى الأمانة العامة للتجديدات، فإن المساحة التي اعتاد فرع المصرف شغلها باتت مفتوحة أمام التفاوض.

* خدمة «نيويورك تايمز»