أوروبا تتجه إلى أذربيجان وتركمانستان لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي

في أعقاب خلافات شتاء العام الماضي مع روسيا

TT

أنهى رئيس المفوضية الأوروبية مانويل باروسو أمس زيارة شملت كلا من تركمانستان وأذربيجان، على رأس وفد أوروبي ضم عددا من المسؤولين في الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي، منهم غونتر أوتينغر المفوض المكلف بشؤون الطاقة، وركزت زيارة الوفد الأوروبي إلى كل من أذربيجان وتركمانستان على تحقيق الهدف الأوروبي في تنويع مصادر الحصول على الطاقة، وخاصة فيما يتعلق بالحصول على الغاز وتقليل اعتماد أوروبا على روسيا، وهي المورد الرئيسي التقليدي حسب ما ذكرت مصادر داخل المفوضية ببروكسل.

قالت مصادر المفوضية «بعد توقيع اتفاق تاريخي في هذا الملف مع أذربيجان توجه الوفد يوم الجمعة إلى تركمانستان التي تملك أيضا احتياطيات كبيرة من الغاز». وتركمانستان بلد آخر محتمل لنقل الغاز عبر طريق الجنوب. وشكل ملف الطاقة أحد أبرز الملفات التي تدارس باروسو بشأنها مع المسؤولين في تركمانستان مع التركيز على تحقيق أفضل أشكال التعاون بين الجانبين في هذا المجال. ووقع الاتحاد الأوروبي الخميس اتفاقا مع أذربيجان لتوريد الغاز الأذربيجاني إلى أوروبا. وقال مانويل باروسو رئيس المفوضية الأوروبية في بيان، بعد توقيع الاتفاق مع رئيس أذربيجان إلهام علييف أثناء زيارة لأذربيجان: «هذا اختراق رئيسي». وأضاف قائلا: «يؤكد هذا الاتفاق حصول أوروبا على الغاز مباشرة من حوض بحر قزوين». وقالت المفوضية الأوروبية إن أذربيجان تعهدت بإمداد أوروبا بكميات كافية من الغاز، للتمكين من إنشاء ممر جديد لخطوط أنابيب للإمدادات عبر تركيا يعرف بالممر الجنوبي. وقال باروسو في باكو «إنشاء هذا الممر جزء من اهتمامنا الاستراتيجي المشترك». ومضى قائلا: «تريد أذربيجان تنويع صادراتها بقدر ما يريد الاتحاد الأوروبي تنويع وارداته». سيعطي الممر الجنوبي لأذربيجان منفذا فعليا يمكن الاعتماد عليه إلى سوق الطاقة الأوروبية وهي الأكبر في العالم. وتتنافس 3 اتحادات شركات على أعمال البنية التحتية لنقل الغاز من حقل شاه دنيز 2 في أذربيجان إلى أوروبا. وقالت المفوضية الأوروبية في البيان إن الاتفاق «التاريخي» يلزم أذربيجان بتوريد كميات كبيرة من الغاز على المدى الطويل إلى الاتحاد الأوروبي فيما تفتح أوروبا الأسواق أمامها. وشدد باروسو على أن «طريق الإمدادات الجديد هذا من شأنه تعزيز أمن الطاقة للمستهلكين والشركات في أوروبا». من جانبه قال مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الطاقة غونتر أوتينغر «في ظل زيادة واردات الغاز في العقود المقبلة فإننا بحاجة إلى دول موردة جديدة من بينها أذربيجان بالطبع بالإضافة إلى شركائنا الحاليين». ويستند الممر الجنوبي إلى بناء خطوط أنابيب عدة مثل (نابوكو) و(آي تي جي آي) و(وايت ستريم) و(تي إيه بي) بهدف نقل الغاز من بحر قزوين إلى أوروبا، وتعمل أوروبا على إقامة استثمارات خارجية تضمن لها التزود بكميات كبيرة من الغاز من عدة دول مجاورة وعبر طرق نقل جديدة وفعالة على المدى الطويل ما سيغنيها تدريجيا عن الاعتماد على الشريك الروسي، بوصفه المصدر الأهم للغاز القادم إلى أوروبا»، حسب مصادر المفوضية الأوروبية.

ويأمل الأوروبيون أن يكون الممر الجنوبي جاهزا بين عامي 2016 و2017، لينقل لهم ما بين 20 إلى 31 مليون متر مكعب من الغاز سنويا، من مصادر متنوعة مثل منطقة بحر قزوين والشرق الأوسط.. وتؤمن دول الإتحاد الأوروبي حاليا 40% من احتياجاتها من الغاز من روسيا، وتعمل حاليا على البحث عن تنويع مصادر التزود بالغاز وخطوط نقله ما سيجعل اعتمادها على الروس يتراجع في المستقبل. وفي تصريحات لباروسو قبل أيام أشار إلى أن أوروبا تبني مستقبلا يتضمن بنية أقوى على المدى البعيد للاقتصاد. وذكر أن الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي ناقشت في اجتماعها الأول هذا العام اثنين من القطاعات ذات الأولوية لتعزيز النمو والطاقة والابتكار. وأوضح «دعوني أقول لكم بكل صراحة إنني غير راض عن التقدم الذي أحرز في مجال كفاءة الطاقة». وأضاف «بشأن الطاقة المتجددة فإننا نحرز الكثير من التقدم وليس هذا هو الحال بالنسبة لهدفنا في كفاءة الطاقة».

ولفت إلى أن المفوضية الأوروبية تريد تطوير العمل في المستقبل بشأن 5 أولويات تتعلق بإرساء سياسة قوية في مجال الطاقة وإقامة سوق داخلية في مجال الطاقة ووضع بنية تحتية للطاقة المتجددة في الاتحاد الأوروبي وإحراز تقدم حاسم في مجال كفاءة الطاقة بجانب إرساء نهج فعال وموحد للطاقة في إطار السياسة الخارجية الأوروبية. وأعلن باروسو أنه سيسافر الأسبوع المقبل إلى أذربيجان وتركمانستان من أجل دفع مبادرة تتعلق بالطاقة.

وأضاف «أعتقد أن أمن وتنويع إمدادات الطاقة لدينا يمثلان واحدة من الأولويات الاستراتيجية في أوروبا». وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أعلن الاتحاد الأوروبي عن اعتماد لائحة تضم تشريعات جديدة، سبق أن أقرها البرلمان الأوروبي، تهدف إلى الحفاظ على أمن إمدادات الغاز، من خلال ضمان واستمرار حسن سير السوق الداخلية للغاز، وتقديم تعريف واضح حول المسؤوليات مع تنسيق الاستجابة على مستوى الدول الأعضاء للإجراءات الوقائية ورد الفعل لأي اضطرابات، قد تؤثر على إمدادات الغاز إلى دول الاتحاد، مما قد يترتب عليه من أضرار اقتصادية كبيرة وتأثيرات اجتماعية، وخاصة على الفئات الضعيفة، وأشار بيان أوروبي صدر ببروكسل إلى أن الغاز الطبيعي هو عنصر أساسي في إمدادات الطاقة لدول الاتحاد ويشكل وحده ربع إمدادات الطاقة الأولية، وارتفع استهلاك الغاز بسرعة خلال السنوات العشر الأخيرة وفي نفس الوقت انخفض الإنتاج المحلي، وحذر البيان من خطر الاعتماد على الطاقة المستوردة وضرورة اتباع سياسة التنوع في الاعتماد على مصادر الطاقة والطرق. وجاء البيان الأوروبي بعد إقرار المجلس الوزاري الأوروبي للائحة في ختام مناقشات جرت في لوكسمبورغ بحضور وزراء النقل والطاقة والاتصالات. وكان البرلمان الأوروبي أقر في النصف الثاني من شهر سبتمبر (أيلول) الماضي تشريعات جديدة حول أمن إمدادات الغاز، في محاولة للحد من التعرض لاضطرابات في المستقبل وتعزيز تنمية البنية الأساسية. وجاء في بيان أصدره البرلمان الأوروبي أن القواعد الجديدة التي وافق عليها النواب تدعو الدول الأعضاء في الاتحاد وشركات الغاز، لتكون على أهبة الاستعداد في حال انقطاع الإمدادات، وذلك من خلال خطط طوارئ واضحة وفعالة. ورحب مفوض الطاقة في الاتحاد الأوروبي غونتر أوتينغر باعتماد نواب البرلمان للقواعد الجديدة، والتي وافق عليها 601 نائب مقابل 27 صوتا. واعتبر أوتينغر «إن تلك خطوة كبرى لضمان أن تحصل كل أسرة على الغاز حتى في حالة انقطاع الإمدادات». كما أعلن عن تخصيص المفوضية الأوروبية مبلغ 1.4 مليار يورو لمشاريع البنية التحتية للغاز. بدوره رحب رئيس البرلمان الأوروبي جيرزي بوزيك باعتماد التشريع، معتبرا أنه «بمثابة خطوة في الاتجاه الصحيح لتحقيق مزيد من التضامن في مجال أمن الطاقة وإمداداتها». وكان انقطاع إمدادات الغاز في النزاع الذي دارت رحاه بين روسيا وأوكرانيا في شتاء عامي 2008 و2009 وأسفر عن معاناة الملايين في الكثير من الدول الأوروبية من نقص التدفئة الدافع وراء التشريع الجديد. ويشكل الغاز الروسي ربع استهلاك أوروبا من الغاز، ويمر 80% منه عبر أراضي أوكرانيا.