السعودية تتخوف من إعادة تسعير اليوان الصيني

تحاشيا لنشوب حرب أسعار وخلق عدم توازن في الاقتصاد العالمي

TT

تخوف الدكتور محمد الجاسر، محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) من خطورة إعادة الصين تسعير عملتها، مرجعا قلقه من أن إعادة التسعير من شأنها نشوب حرب أسعار، وخلق عدم توازن بالاقتصاد في بلدان العالم.

وكان الجاسر يتحدث خلال مداخلة ضمن تجمع اقتصادي عقد أمس في العاصمة السعودية، الرياض، بوجود خبراء دوليين للبحث عما ينتظر الاقتصاد العالمي من تحديات في العقد المقبل، وأشار إلى أسباب عدم سقوط السعودية في الفوهة التي وقع فيها الجميع، معددا العوامل التي جنبت بلاده الدخول في متاهة الأزمة المالية العالمية، وهي توفير الأموال في أوقات الرخاء التي كانت تعيشها البلاد.

وأكد محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي عدم اعتماد بلاده على مورد النفط كعامل وحيد في الموارد المالية للسعودية، بل اتخذت (الرياض) إجراءات تعزز من سياسة التوفير، مشيرا في الوقت ذاته إلى الحرص على مواجهة التقلبات المالية التي عصفت بالعالم.

وأوضح الجاسر أن الضغط على البنوك السعودية وقت الأزمة لتوفير أرصدة مالية، وعدم تعريضها للتكشف، مستشهدا في ذلك أنه في عامي 2007 و2008 شهد زيادة الأموال وضخها في سوق الأسهم السعودية، التي انهارت بعد كل ذلك الضخ.

وكان التجمع الاقتصادي عبر عن عدم تفاؤله من تعافي الأسواق العالمية من الأزمة المالية، وذلك في العقد الجديد من العالم الحالي، وتطرق التجمع إلى ضرورة الاستفادة من الدروس التي خرجت منها، والأخذ بنصائح الكثير من الخبراء الماليين الذين حذروا من تلك الأزمة في ذاك الوقت.

وتطرق المشاركون إلى عدم تأثر البلاد بالأزمة المالية العالمية والعوامل التي جعلت السوق مستقرة، على عكس ما حدث مؤخرا في إمارة دبي بالإمارات العربية المتحدة، وانكشاف البنوك العاملة هناك وتعرضها للأزمة.

وشهد المنتدى مشاركه ناصر السبيعي رئيس مجلس الإدارة في شركة «محمد وعبد الله السبيعي للاستثمار» الجهة المنظمة لمنتدى «ماسك»، وكينيث روجوف، أستاذ السياسة العامة والاقتصاد في جامعة هارفارد، وياشنغ هوانغ أستاذ الاقتصاد السياسي والإدارة الدولية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وبراد بولاند كبير الاقتصاديين في شركة «جدوى» للاستثمار، وتركز محاور المنتدى على النظرة المستقبلية للعام المالي الحالي. وتطرق كينيث روجوف، أستاذ السياسة العامة والاقتصاد في جامعة هارفارد إلى تخلف الكثير من الدول عن الوفاء بالديون التي عليها ومنها أميركا، بعد أن سجلت رقما عالميا في الدين الإجمالي. وأضاف روجوف إلى النمو الحاصل في الدول المتطورة، وأن العقد المقبل المالي لن يرى نموا كبيرا، معرجا على الصين التي اعتبرها القوة المقبلة وأنها ستتجاوز الولايات المتحدة الأميركية، وأشار إلى أن النمو السريع يصاحبه تطور معقد، بسبب النظام الاقتصادي والاجتماعي. وأشار إلى أن الدول التي لديها ديون عالية يمكن تقسيمها إلى ديون عامة وديون خارجية، وأن المشكلة في طريقة علاج تلك الديون، ففي أوروبا لجأت الكثير من الدول إلى الاستدانة من دول كألمانيا أو بريطانيا من أجل سد هذا الدين، دون مراعاة الخلل الذي يمكن أن تحدثه تلك الاستدانة، مشيرا في ذات الوقت إلى اعتقاد كثير من الدول أن تلك المعادلة تعتبر تنظيرا فحسب.

وأضاف: «أميركا قدمت الكثير من التسهيلات، وتشجع الاستثمارات المحلية والخارجية، ويشمل هذا عدم رفع أجرة الضرائب، وأشار الخبير روجوف إلى أن الاقتصاد العالمي لن ينمو بسرعة، حتى مع توجه بلاده للنظر في قضايا البطالة؛ حيث يتجاوز أعداد العاطلين 15 مليون عاطل عن العمل».

وقلل روجوف مما تقوم به منظمة التجارة العالمية، وأنها تقوم بعمل غير عقلاني في معالجة البطالة، التي ستكون عالية خلال السنوات المقبلة.

وتابع: «منطقة آسيا ستشهد اضطرابات سياسية، قد تسهم في النمو الاقتصادي بالمنطقة، ويرى عدم تجاوز الصين النمو في الهند، معربا عن عدم تشاؤمه من أن السياسة ستلعب دورا في ضعف النمو».

وخالف ياشنغ هوانغ أستاذ الاقتصاد السياسي والإدارة الدولية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، من تحدث عن عدم نمو الصيني في العالم، معللا ذلك بزيادة رؤوس الأموال في قطاع الأعمال، وليس النمو رقميا بل نوعي.

وأضاف هوانغ أن الصين لن تواجه مشكلات في النمو، مشيرا إلى أن العقبة في الاستثمار مقابل الاستهلاك، على عكس ما يجري في أميركا، وأضاف أن من العوامل التي أسهمت في عدم نمو استثمارات الصين عدة عوامل سياسية واجتماعية.

وتحدث براد بولاند كبير الاقتصاديين في شركة «جدوى» للاستثمار، عن وضع السعودية كلاعب وقوة اقتصادية كبيرة عالمية، وارتفاع معدلات النمو؛ إذ تصل في العام الحالي إلى 4.2 وتواصل صعودها لتصل إلى 4.5 في المائة، أي أن البلاد تأتي مع تلك المعدلات في النمو بعد الصين، وستلحقها بعد عدة سنوات باقي الدول، ومنها الهند واليابان.