السعودية: خطوات «الخزن الاستراتيجي» تستهدف 27 دولة

وزير التجارة والصناعة السعودي، عبد الله زينل، خلال الورشة، مع الدكتور فهد بالغنيم، وزير الزراعة السعودي («الشرق الأوسط»)
TT

وزير التجارة يدعو لوضع آلية لوصول السلع بأسعار عادلة ووزير الزراعة يطالب بالاستعداد الاستراتيجي للتقلبات الرياض: فيصل آل مغثم كشفت وزارة التجارة والصناعة السعودية عن عزمها على رفع آلية للخزن الاستراتيجي للسلع الغذائية الرئيسية إلى مجلس الوزراء في القريب العاجل، وذلك للاستفادة من مشروع الخزن الاستراتيجي في التعامل مع الأزمات وتقلبات الأسعار التي تصيب المواد الغذائية الأساسية. وأوضح عبد الله زينل، وزير التجارة والصناعة السعودي، أن السعودية أسهمت في إيجاد حل لمشكلة توافر السلع الغذائية الأساسية، وذلك عبر «مبادرة الملك عبد الله للاستثمار الزراعي السعودي في الخارج»، التي تهدف إلى المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي الوطني والعالمي، وبناء شراكات تكاملية مع عدد من دول العالم، التي تمتلك مقومات زراعية عالية لتنمية الاستثمارات الزراعية وإدارتها.

وأضاف وزير التجارة والصناعة السعودي، أن السعودية تبنت مجموعة من الأسس والخطوات لإنجاح مبادرة الملك عبد الله للاستثمار الزراعي السعودي، ومنها إنشاء وتأسيس وتجهيز مكتب لمبادرة الملك عبد الله بمقر وزارة التجارة والصناعة، والتوجه للاستثمار الزراعي في الدول ذات الإمكانات الزراعية الجيدة والأنظمة الاستثمارية الجاذبة، حيث تم تحديد 27 دولة مستهدفة وتم القيام بزيارات استكشافية إلى 14 دولة عن طريق الفريق الفني للمبادرة.

وأكد زينل، ضرورة أن يكون القطاع الخاص هو المستثمر الأساسي في الدول المستضيفة للمبادرة، في ظل تعهد الدولة بدعم القطاع ووضع الحوافز اللازمة له، وتخصيص جزء من الإنتاج للأسواق المحلية للدول المستضيفة للاستثمار، وأن ترعى الدول تلك الاستثمارات وتحقق لها الأمن والضمانات الكافية من خلال وضع معاهدات والاتفاقات طويلة المدى، مشيرا إلى أنه تم اعتماد الصيغة النموذجية للاتفاقيات الإطارية للدول المستهدفة بالاستثمارات السعودية الخارجية في المجالات الزراعية والثروة الحيوانية والسمكية من قبل الوزارات المعنية لدى هيئة الخبراء، وعلى ضوئه تم توقيع أول اتفاقية في المجال الزراعي والثروة السمكية بين السعودية وجمهورية الفلبين، ووقعها وزير الزراعة العام الماضي. وأوضح عبد الله زينل، أن الأزمة الغذائية التي يشهدها العالم، أدت إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية، وحدوث تأثيرات سلبية على مستوى معيشة المواطنين في الكثير من الدول، وخاصة الدول المستوردة للسلع والمنتجات الزراعية. ويعزو زينل هذا الارتفاع إلى عوامل كثيرة، من أبرزها انخفاض إنتاج الحبوب على المستوى العالمي، والتوجه نحو الوقود الحيوي من بعض المنتجات الزراعية، إلى جانب قيام بعض البلدان المصدرة للسلع الرئيسية بفرض إجراءات تقيّد صادراتها، إلى جانب المضاربات التي يجريها كبار المستوردين لهذه السلع.

وشدد الوزير السعودي، على ضرورة وضع آلية لضمان وصول محاصيل أسواق الدول المستضيفة للاستثمار إلى الأسواق السعودية بأسعار عادلة، والعمل على وضع آلية خزن استراتيجي للسلع الرئيسية والأساسية للاستفادة منها في التعامل مع الأزمات وتقلبات الأسعار، مشيرا إلى تعاقد وزارته في وقت سابق مع شركة استشارية لإعداد استراتيجية الاحتياط الغذائي للسلع الغذائية، إضافة إلى السعي لتمويل مشاريع البنية التحتية التي تتطلبها المناطق والمواقع المخصصة للاستثمارات السعودية في المجالات الزراعية والحيوانية في الدول المستضيفة، وذلك من خلال الصندوق السعودي للتنمية والمؤسسات التنموية والإقليمية والدولية، كاشفا عن وجود شركة سعودية تحت التأسيس متخصصة في الاستثمار الزراعي في الخارج، في وقت يؤكد فيه الوزير السعودي أن الاستثمار الزراعي الخارجي لن يكون منافسا للاستثمار الزراعي المحلي، بل يأتي مكملا له.

وكان الوزير السعودي، قد افتتح يوم أمس، ورشة عمل الخزن الاستراتيجي للسلع الغذائية، التي نظمتها الغرفة التجارية الصناعية بالرياض، ممثلة في لجنة الأمن الغذائي، بالتعاون والتنسيق مع وزارة التجارة والصناعة، وبحضور وزارة الزراعة وعدد من الجهات الحكومية والخاصة.

من جانبه، توقع الدكتور فهد بالغنيم، وزير الزراعة السعودي، أن يشهد عدد من دول العالم في المرحلة المقبلة واقعا جديدا يستلزم استعدادا استراتيجيا، في الوقت الذي توقع فيه الخبراء والمنظمات الدولية ذات العلاقة، مثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، ارتفاع أسعار السلع الغذائية في المستقبل، وإن لم يكن بنفس النمط الذي حدث خلال الفترة الماضية 2007 و2008.

وأكد بالغنيم أن تعزيز المملكة للأمن الغذائي يتطلب وجود قاعدة بيانات جيدة تتضمن الاحتياجات الغذائية الحالية والمستقبلية للمملكة من السلع الغذائية الأساسية، ورصد حركة الأسواق العالمية، ومتابعة كل الظروف المحيطة بالإنتاج والمخزون العالمي من السلع الغذائية الأساسية، وتقوية العلاقات بين القطاع الخاص والدولة، والتعامل معها كشريك في بناء وتكوين والحفاظ على مخزون استراتيجي من السلع الغذائية الأساسية.

وأوضح الدكتور بالغنيم، أن الخزن الاستراتيجي للسلع الغذائية الأساسية أحد أهم الجوانب والدعامات الأساسية لجهود تحقيق الأمن الغذائي، في الوقت الذي يشهد فيه العالم مشكلة ارتفاع أسعار السلع الغذائية، التي من الممكن أن تتفاقم خلال الأعوام المقبلة، بسبب تناقص كميات مخزون هذه السلع.

ولفت وزير الزراعة السعودي، إلى ضرورة إنشاء نظام متقدم للإنذار المبكر، يسلط الأضواء على مكامن الخطر قبل حدوثه، ويوفر بيانات ومعلومات عن العرض والتنبؤ بأوضاع الزراعة، وإنتاج الغذاء محليا وعالميا، إضافة إلى نظام الجاهزية لحالات الطوارئ وإدارة الأزمات، إلى جانب تطوير نظام للمخزون الاستراتيجي وإدارته في حالات الطوارئ والكوارث والأزمات، عبر استخدام التقنيات المتطورة في التخزين والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال.

وفي ذات السياق، أوضح المهندس وليد الخريجي، مدير عام المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق، أن السعودية تحتفظ باحتياطي استراتيجي من القمح يقدر بنحو 1.4 مليون طن يغطي الاحتياج المحلي لمدة ستة أشهر, مشيرا إلى وجود دراستين؛ صدرت أحدها عن المؤسسة، والأخرى عن مجلس الشورى، أوصتا برفع فترة تغطية احتياطي القمح، ليغطي احتياج عام كامل، مشيرا إلى أن هناك عددا من مشاريع خزن القمح تقيمها المؤسسة، تهدف إلى الوصول لهدف تغطية الاحتياج السعودي من القمح لمدة عام كامل.

وأشار الخريجي إلى أن السياسة الحكومية التي تقوم على خفض شراء القمح المحلي بمعدل سنوي 12.5 في المائة، وتعويضها، عبر استيراد القمح من الخارج، أسهمت في تحويل مشاريع إنشاء صوامع الغلال الجديدة، من مناطق الإنتاج المحلية، إلى مناطق الموانئ السعودية، حيث تشهد عدد من الموانئ السعودية مشاريع لتوسعة صوامع الغلال بطاقة تقدر بـ730 ألف طن، حيث تقدر الطاقة الحالية بـ2.52 مليون طن.

من جانبه، كشف سعد الخريف، رئيس لجنة الأمن الغذائي بالغرفة التجارية - الصناعية بالرياض، أن اللجنة تعمل حاليا على التفاهم مع المسؤولين في كرسي الملك عبد الله بن عبد العزيز للأمن الغذائي بجامعة الملك سعود، لاستحداث مركز للتنبؤات السعرية للسلع الغذائية الرئيسية، لمعرفة توقعات الأسواق للسنوات الـ15 المقبلة، كما أوضح أن اللجنة تعكف في الوقت الراهن على إعداد دراسة سوق اللحوم الحمراء بالسعودية لتقدير حجم تجارتها، عبر أحد المكاتب الاستشارية المتخصصة، لتقديم رؤية حول تدفق المزيد من كميات اللحوم الحمراء إلى الأسواق السعودية بأسعار مناسبة.

ويقوم مشروع الخزن الاستراتيجي للسلع الغذائية الرئيسية، على إيجاد مخزون استراتيجي آمن من السلع الأساسية، وهي الأرز والقمح والشعير والذرة وفول الصويا والسكر واللحوم الحمراء ولحوم الدواجن، بما يحقق الأمن الغذائي للسعودية، ويحول دون نشوء أزمات غذائية مستقبلية، بالإضافة إلى الحفاظ على استقرار أسعار المواد الغذائية بصفة مستدامة.