تونس ستواجه صعوبات مالية ما لم تحسم أزمة الاستقرار السياسي

«ستاندارد آند بوورز» وضعتها تحت المراقبة و«باركليز» خفض معدل نموها

وضعت وكالة «ستاندارد آند بوورز» الوضع الائتماني لتونس تحت المراقبة بغرض التخفيض (أ ف ب)
TT

ما لم تحسم تونس حالة عدم الاستقرار السياسي الراهن ستواجه وضعا اقتصاديا خطيرا خلال الشهور المقبلة وربما الأعوام المقبلة بسبب النقص الكبير المتوقع في الإيرادات من العملات الصعبة التي تحصل عليها من السياحة والتحويلات الخارجية والاستثمار الأجنبي المباشر. وفيما وضعت وكالة «ستاندارد آند بوورز» الوضع الائتماني لتونس تحت المراقبة بغرض التخفيض، قدر مصرف «باركليز» البريطاني أن تؤدي الخسائر الفورية من السياحة والتدفقات الاستثمارية الأجنبية إلى تقليص معدل النمو بمقدار 4.0% خلال العام الحالي مقارنة بالتقديرات السابقة التي قدرها البنك الدولي بـ5.0%. وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن تونس خسرت منذ المظاهرات التي أجبرت الرئيس زين العابدين بن علي على الفرار وحتى الآن بأكثر من 1.5 مليار دولار. وقالت وكالة «ستاندارد آند بوورز» للتصنيف الائتماني، أمس، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إنها وضعت التصنيف السيادي للجمهورية التونسية تحت المراقبة بهدف التخفيض. وقالت وكالة التصنيف الدولية إنها ستراجع تصنيف تونس من حيث الرصيد الأجنبي والتمويل المتاح للإنفاق العام خلال الثلاثة شهور المقبلة. وتمكنت تونس من الاحتفاظ بتصنيف «بي بي بي» الممتاز خلال السنوات الماضية. ويذكر أن إجمالي الناتج المحلي التونسي ارتفع في العام الماضي إلى 100.3 مليار دولار مقارنة بـ97.03 عام 2009، حسب تقديرات أميركية. ويعتمد الاقتصاد التونسي على الزراعة والسياحة والتعدين. وستجد تونس صعوبة في إقناع السياح الأوروبيين والأجانب بالسفر إلى تونس إذا تواصل عدم الاستقرار، وبالتالي ستفقد الخزينة رصيدا محترما من العملات الصعبة. ونجحت تونس خلال الأعوام الماضية التي أعقبت الأزمة المالية وتدهور أسواقها الرئيسية في أوروبا من تنمية قطاع الخدمات لتعويض النقص في متحصلات العملة الصعبة. وقالت وكالة «ستاندارد آند بوورز» للتصنيف في بيانها أمس: «من وجهة نظرنا، فإن حالة عدم الاستقرار السياسي والنزاعات العنيفة التي تعيشها تونس ستقود إلى تدهور معدلات النمو الاقتصادي وتدهور حجم التمويل المتاح للإنفاق العام. ومن هذا المنطلق قمنا بتخفيض تصنيف رصيد العملات الأجنبية في البنك المركزي التونسي إلى السالب». وقالت الوكالة إن وضع التصنيف الائتماني لتونس تحت المراقبة يعني أننا ربما نقوم بخفض التصنيف لتونس بأكثر من نقطة في حال استمرار حال عدم الاستقرار السياسي وتداعيات ذلك على معدل النمو الاقتصادي وإضعاف السيولة الأجنبية.

وقالت «ستاندرد آند بوورز» في بيانها إن النزاع الجاري على السلطة في تونس ربما تكون له آثار سلبية على ميزان المدفوعات التونسي في حال أدى إلى انخفاض حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تونس أو أدى إلى انخفاض تحويلات التونسيين الذين يعملون في الخارج إلى تونس. وحسب المعلومات التي حصلت عليها وكالة التصنيف الدولية من البنك المركزي التونسي، فإن الرصيد الأجنبي للبنك المركزي يقف حتى الآن عند مستوى 9 مليارات دولار، كما أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال الأعوام الماضية بلغت أكثر من عجز الحساب الجاري مما أدى إلى وضع مالي قوي ساهم في منح تونس تصنيف «بي بي بي» الممتاز. وقالت الوكالة إنها تعتقد أن الموقف التمويلي للحكومة التونسية سيضعف خلال الفترة المقبلة. ولا توجد مؤشرات حتى الآن بشأن السياسات الاقتصادية الحكومية الجديدة التي ستتبعها خلال الفترة المقبلة. ويبدو من المؤكد أن الحكومة الجديدة ستعمل على زيادة الدعم للسلع الأساسية لخفض الأسعار من أجل تخفيف الضغط السياسي من الجماهير الغاضبة. وستحتاج في تمويل ذلك إلى الاستدانة من الخارج عبر إصدار سندات دولية. وتقدر وكالة التصنيف حجم العجز في الميزانية التونسية خلال عام 2010 بنحو 2.0% من إجمالي الناتج المحلي، كما تقول إن أعباء الديون التونسية انخفضت خلال العام الماضي إلى 39.7% من إجمالي الناتج المحلي. وأشارت إلى أن تصنيف «بي بي بي» الذي حصلت عليه تونس تم على أساس السجل القوي لتونس في تطبيق سياسات موازنة اتسمت بالحرص وسمحت بمعدلات نمو منتظم ومعدلات عجز متواضعة في الميزانية لأكثر من عقد كامل.