آخر صيحات الساعات السويسرية تتلألأ في معرض جنيف الدولي

وسط تزاحم العلامات التجارية الكبيرة وحضور نجوم هوليوود

جانب من معرض جنيف الدولي («نيويورك تايمز»)
TT

جنيف بلا جدال هي عاصمة الساعات التي كانت محط أنظار العالم خلال الأسبوع الحالي، حيث عرض عدد كبير من الشركات آخر منتجاتها أمام الموزعين والعملاء والصحافيين في قاعتين للمؤتمرات وأماكن عرض أخرى في المنطقة. لكن التزاحم غير المسبوق لجذب الانتباه أثار زهو بعض المشاركين في تلك الفاعلية وهي «صالون أوت ديه هورليجيري الدولي». وتسيطر العلامات التجارية الخاصة بشركة «ريتشمونت»، وهي من كبرى الشركات المنتجة للسلع الفخمة، على المعرض ومنها «كارتيه» و«بياجيه» و«فاتشيرون كونستنتين».

ويعد هذا الحدث، الذي لا يسمح بدخوله إلا بدعوة، تجمعا مشهودا في قطاع صناعة الساعات. وتغطي العلامات التجارية الـ19 المشاركة في المعرض فواتير السفر والإقامة في الفنادق لأكثر الضيوف البالغ عددهم ألف شخص 12.500. ويتناول الضيوف المحار والمأكولات الفاخرة، ويمكنهم كذلك أن يحصلوا على تقليم للأظافر وجلسات تدليك خلال الفترات التي تفصل بين كل عرض وآخر.

وما يضيف إلى بهاء هذه الفاعلية، دعوة بعض العلامات التجارية التابعة لـ«ريتشمونت» لنجوم هوليوود مثل كيت بلانشيت وجوينيث بالترو وديان كروغر في العام الحالي، لكن كانت بعض الشركات الأخرى التي لا تشارك في هذا المعرض تبذل قصارى جهدها للاستفادة من الوجود مدفوع الأجر لآلاف من متاجر التجزئة وجامعي الساعات في جنيف.

وفي مركز أصغر للمؤتمرات يبعد 15 دقيقة بالسيارة من مكان إقامة الصالون، يجتمع أصحاب 56 علامة تجارية، أكثرهم أصغر بكثير من المشاركين في الصالون، خلال الأسبوع الحالي في الدورة الثانية من معرض جنيف للساعات الذي شاركت فيه العام الماضي 38 علامة تجارية. في هذه الأثناء يقيم عدد ضخم من مصنعي الساعات الآخرين، ومنهم مصنعون مشهورون مثل «زينيث» و«هابلوت»، فعاليات مستقلة عن المعارض سالفة الذكر في أجنحة الفنادق الفاخرة والأماكن الأخرى في جنيف.

كثيرا ما كان التوافق بين الشركات المنتجة للساعات الفخمة الفاخرة التي يقتصر إنتاجها تقريبا على منطقة غرب سويسرا خادعا. فقد كان معرض «أوت ديه هورليجيري» نفسه نتيجة مقاطعة «ريتشمونت» لأكبر معرض ساعات في العالم وهو «بازل وورلد» الذي يقام في شهر مارس (آذار).

وفي المقابل يجد بعض المشاركين في الصالون صعوبة في تقبل العواقب المترتبة على نجاحهم ويشعرون بأنهم منافسون داعمون. ويقول ميشال بارميجياني، مؤسس شركة «بارميجياني فلورير» للساعات، وأحد القلائل الذين تمت دعوتهم من خارج «ريتشمونت» لعرض منتجات شركته في الصالون: «ربما لا يرغب الآخرون هنا في الإفصاح عن ذلك، لكنني أعتقد أنه من غير المقبول أخلاقيا التصرف مثل كائن متطفل يعوله حيوان. أعلم أنه من الصعب البداية في هذا المجال، لذا ربما أستطيع تفهم سبب تصرف الشركات الصغيرة على هذا النحو، لكني لا أستطيع تفهم تصرف أصحاب العلامات التجارية الكبيرة التي تملك الكثير من النقود». وأوضح بارميجياني أن شركته قد دعيت إلى الصالون بعد انسحاب فرانك مولار، أكثر منتجي الساعات حيوية في سويسرا، من المجال منذ 13 عاما، وكان فرانك من ضمن الذين يستضيفون فعاليات موازية في جنيف.

وأشار بعض الزائرين إلى أن ظروف القطاع تجعل العمل به مستحيلا بسبب عدم رغبة الشخصيات البارزة في هذا المجال مثل «ريتشمونت» في تقاسم المجال مع منافسين كبار، ومع ذلك لا يقبلون أي محاولة للتحايل على الحدث الرئيسي. وقالت باسكال فاوتشر، مصنعة مكونات الساعات التي كانت تحضر كل من الصالون ومعرض جنيف للساعات الأسبوع الحالي: «تكمن المشكلة في أن الفخامة تقوم على فلسفة التفرد والتميز، مما يعني أن لا أحد يريد فتح أبوابه أمام أي شخص آخر». لكن شعر زوار آخرون للصالون بالقلق نفسه الذي عبر عنه مستضيفيهم بشأن الزوار الذين لا يدفعون ويقبلون أريحية الصالون ثم يزورون معارض أخرى.

وقال رينيه بيير، المسؤول التنفيذي في «بيير»، أحد أفخم متاجر بيع الساعات السويسرية ومقره في زيوريخ، إنه لا ينوي تجاوز حدود «باليكسبو»، مركز المعارض الرئيسي ذو اللون الكريمي الذي أصبح يلائم الأرائك الفاخرة المريحة في الصالون، وهو ما يعد تغييرا للبيئة المحيطة ذات اللون الباهت وأضواء النيون. وأضاف قائلا: «لقد تم إنفاق الكثير من المال وبذل الكثير من الجهد على هذا الصالون، لذا أعتقد أنه من الخطأ ركوب القطار دون دفع ثمن التذكرة. هذه هي فلسفتي الخاصة، لكنني أشك أن أكثر من 5 في المائة من الزائرين الآخرين سوف يشاركونني الإيمان بهذه الفلسفة».

وكان منظمو الصالون أكثر تحفظا في نقدهم، حيث قال فابيان لوبو، مدير الصالون: «ربما كان من الأفضل إقامة فاعلية مثل معرض جنيف للساعات في موعد مختلف، لكنني أظن أن هذا هو ثمن نجاحنا الذي علينا دفعه». ويقول بعض زوار الصالون القادمين من آسيا إنه لا وقت لديهم للقيام برحلة أخرى إلى سويسرا لزيارة عدد أكبر من مصنعي الساعات، بالإضافة إلى زيارتهم السنوية لمدينة جنيف ثم لبازل. ويتزايد نصيب آسيا المزدهرة اقتصاديا من العائدات التي يحققها قطاع الساعات. لكن ما لا يمكن الجدال بشأنه هو زيادة الطلب على هذا النوع من المعارض الذي أقيم في جنيف خلال الأسبوع الحالي. فقد حاز معرض جنيف للساعات مساحة أكبر بمقدار 3 أمثال هذا العام، حيث قالت فلورانس نويل، مديرة المعرض، إن تغيير موعد معرضها سيكون «هراء»، حيث ترى أن المعرض «يكمل» الصالون بالنظر إلى أن العدد الكبير للمشاركين في المعرض من الشركات الناشئة. وأضافت: «المنافسة الحقيقية بالنسبة إليهم ليست هنا، بل في الفنادق».

ومن المقرر أن يشهد «بازل وورلد» توسعا خلال العام المقبل، لكن أكثر المشاركين في جنيف خلال الأسبوع الحالي قللوا من شأن فكرة أن زيادة المساحة المخصصة للمعرض تمثل فرصة لإعادة توحيد الحدثين رغم تقديم بعض العلامات التجارية التي مقرها في سويسرا، وعلى رأسها «رولكس» و«بيتيكا فيليب»، لإبداعاتها في بازل لا جنيف.

وبالمثل لا يأمل أكثر المؤيدين للصالون أن الناس سوف يتوقفون عن التطفل، حيث يقول بارميجياني: «بحكم الطبيعة البشرية من الصعب على الناس رؤية امتيازات حصلوا عليها تُنتزع منهم».

* خدمة «نيويورك تايمز»