سوق اليخوت الفارهة تنتظر عودة الأثرياء إلى الإنفاق الباذخ

المليونيرات الجدد أنعشوا السوق قبل الأزمة المالية

ولت الأيام التي كان يمكن فيها لأحد المضاربين طرح يخوت في السوق والاعتماد على بيعها سريعا (نيويورك تايمز)
TT

في أوقات الرخاء ربما طلب عشاق اليخوت بناء يخت جديد لهم، فيما كانوا يبقون على اليخت القديم لعامين أو ثلاثة أعوام حتى تنتهي شركة بناء اليخوت من طلبهم. وبعد ذلك كانوا يقومون سريعا ببيع اليخت القديم لمليونير لا يتحلى بالصبر انضم مؤخرا إلى طائفة المليونيرات أو لملياردير لديه حرص بالغ على اقتناء كافة الأشياء اللازمة للمحافظة على الشكل العام. ولكن في السنوات الأخيرة تغيرت هذه المعادلة بسبب الأزمة المالية قبل عامين، وتراجعت سوق اليخوت الكبيرة مع بدء الأزمة.

انتهى الأمر ببعض الأثرياء إلى نفس ما آل إليه بيتر هوكفلدر، مدير ومؤسس شركة «براهمان كابيتال مانيدجمنت»، الاستثمارية داخل مانهاتن. ولدى هوكفلدر بالفعل يخت من صنع شركة «لورسن» طوله 134 قدما تحت اسم «بلايند ديت» بني في عام 1995. وطلب يختا آخر في 2007 يبلغ طوله 161 قدما من شركة «ترينيتي». واكتمل بناء اليخت الثاني، الذي حمل اسم الشركة، في 2009. وفي الوقت الحالي يعرض هوكفلدر، الذي رفض إجراء مقابلة معه، كلا اليختين داخل السوق على أمل أن يبيع واحدا منهما على الأقل. ويطلب هوكفلدر 9.5 مليون دولار مقابل اليخت القديم، و33 مليون دولار مقابل الجديد الذي يوجد به مكان يتسع لنوم 12 فردا. وتعد صيانة اليخت أمرا مكلفا. ويقدر متخصصون في اليخوت أن هوكفلدر يدفع نحو 4 ملايين دولار سنويا من أجل تشغيل يختيه.

ويقول مالكولم ماكلين، المحرر لدى موقع BoatInternational.com المتخصص في متابعة أخبار قطاع اليخوت: «إنها سعادة زائفة». ويضيف قائلا عن أصحاب اليخوت الذين لا يستطيعون التخلص منها: «وكأنه أصابتهم نوبات برد شديدة للغاية». ويفيد أحد التقديرات بأنه كان يباع 300 يخت جديد سنويا بمختلف أنحاء العالم منذ منتصف التسعينات حتى انهيار عام 2008، عندما تراجعت المبيعات إلى قرابة 100 يخت.

لقد ولت الأيام التي كان يمكن فيها لأحد المضاربين طرح يخوت في السوق والاعتماد على بيعها سريعا. تمكن إيان ماكغلين، وهو رجل مبيعات سيارات بريطاني مات في يونيو (حزيران)، من عمل ثروة من خلال إقراض أنيتا روديك، مؤسس سلسلة أدوات التجميل «بودي شوب»، 4000 جنيه إسترليني (6345 دولارا) لافتتاح متجر ثاني. وطبقا لما أفاد به الكثير من سماسرة اليخوت، فقد دشن ماكغلين سلسلة من اليخوت خلال فترة الرخاء الاقتصادي وأطلق عليها جميعا اسم «تايجر دي أور» وحقق أرباحا من بيعها لمشترين غير مستعدين للانتظار لعامين من أجل الحصول على يخت.

وفي الوقت الحالي يكثر المعروض داخل الأسواق بالمقارنة مع الطلب، حيث تعرض للبيع جميع الأنواع بدءا من اليخوت التي تبلغ 100 قدم وصولا إلى تلك التي تتجاوز 200 قدم. وقد طرح يخت «ماين غيمز»، وهو يخت يبلغ طوله 161 قدما بنته «ترينيتي ياتشت أوف غلف بور» بولاية الميسيسيبي، في السوق مقابل 27 مليون دولار قبل أشهر عدة لأن صاحبه كريس كلين، الذي يترأس شركة «كلين ريسورس آند ديفيلوبتمنت»، طلب يختا أكبر.

وقد شهد القطاع نموا نوعا ما خلال الأشهر الأخيرة على الرغم من أن معظم المشترين لا يزالون مترددين في الإقدام على الشراء. ويقول ويليام سميث، نائب رئيس «ترينيتي»، وهي من أكبر الشركات المصنعة لليخوت حسب الطلب داخل الولايات المتحدة: «تزداد وتيرة التساؤلات. ويوجد قدر أكبر من النشاط في سوق اليخوت المستعملة. ولكن هناك الكثير داخل المخزن، وفي هذا الحال يتردد الناس في الشراء».

ويعد الخوف جزءا من الأمر، حيث يحرص الأثرياء على الإبقاء على ما لديهم من مال. ويتردد حتى المضاربون، الذين قاموا ببناء اليخوت تحدوهم ثقة في أنهم سيجدون مشترين مستعدين بين الأغنياء الجدد.

ولم يكن التراجع منحصرا داخل الولايات المتحدة وحدها. ويقول سيمث: «انهار ليمان براذرز خلال موسم معرض اليخوت في موناكو عام 2008. كان جميع السماسرة الأوروبيين معتدين بأنفسهم في تلك الأثناء، لأنهم حسبوا أن السوق الأوروبية انفصلت عن السوق الأميركية. ولكن قبل انتهاء العرض لم يكن لديهم هذا الشعور، فقد أثر ذلك على الجميع».

ويرى بعض المتخصصين أن الأميركيين، الذين سيطروا لفترة طويلة على سوق اليخوت، خسروا الكثير من المال ولذا فهم حريصون على عدم الالتزام بشراء أي شيء مرتفع الثمن. وليس واضحا ما إذا كان هذا يشير إلى تحول دائم لصالح المشترين في الاقتصادات التي تشهد نموا سريعا، ولكن أشار الكثير من سماسرة اليخوت إلى أنه من بين المبيعات المسجلة مؤخرا يخت بيع إلى قطب مكسيكي واثنان إلى رجلي أعمال ماليزيين.

وقد بيع «ماد سمر»، وهو يخت طوله 257 قدما به مكان لهبوط طائرة هليكوبتر ومحطة لإعادة التزويد بالوقود ومسرح لعرض أفلام وجاكوزان، في وقت سابق من العام الماضي. وعلى الرغم من أنه لم يتم الكشف عن سعر البيع، فإن السعر المطلوب بلغ 135 يورو (179 مليون دولار). ويقول متخصصون إن سعر الشراء الفعلي يبلغ 100 مليون دولار، وكان المشتري من المكسيك وأعاد تسمية اليخت باسم «تي في». ويقول الكثير من سماسرة اليخوت إنه المالك الجديد إميليو إزكاراغا جين، الملياردير الذي يترأس شركة التلفزيون المكسيكية الضخمة «غروبا تليفيزا». ورفضت لوردز دوسانغ، المتحدثة باسم إزكاراغا، التعليق على ذلك.

ولم يدخل الصينيون إلى هذه السوق، على الرغم من أن السماسرة يأملون في أن تجذب سوق اليخوت اهتمامهم. ويقول بوب ماكيغ، وهو سمسار يخوت في فورت لودردال بولاية فلوريدا: «ثمة سؤال مهم متعلق بما إذا كان الصينيون سيتجهون لشراء اليخوت أم لا. لا يزال الأمر منحصرا على الصينيين داخل هونغ كونغ، بعيدا عمن يعيشون على البر الرئيسي». وتبقى الإجابة عن هذا السؤال عالقة لأنه ليس سهلا التنبؤ بمعدلات الإقبال على شراء اليخوت. وأشار، على سبيل المثال، إلى أنه كانت هناك ثروة كبيرة في الأرجنتين والبرازيل وتشيلي وفنزويلا، ولكن لم يقبل على شراء اليخوت سوى سكان فنزويلا. وعلى الرغم من التغير الواضح، فإنه لا يزال هناك مليارديرات يرغبون في الإبحار عبر سبعة أبحر والدفع مقابل حصولهم على المتعة.

ويقول بعض سماسرة اليخوت إن الأميركيين يتراجعون حاليا بدرجة كبيرة، ويرجع ذلك بدرجة كبيرة إلى أنهم يخشون من النظر إليهم كأشخاص مسرفين في الوقت الذي خسر فيه الكثير من الأفراد وظائفهم، وأنهم سيعودون قريبا. وتوجد إشارات على توجه الأميركيين مرة أخرى نحو سوق اليخوت، حيث يقول ماكلين من «موقع بوت إنترناشيونال» إن أميركيا طلب يختا طوله 344 قدما من شركة «فيدشب» الهولندية. وفي هذه الأثناء يجري يخت «إم واي موساشي» وهو يخت جديد يملكه لورانس إليزون، الرئيس التنفيذي لشركة «أوراكل»، اختبارات في البحر. ولكن على ضوء الوقت الطويل الذي تستغرقه عملية بناء يخوت، فإنه من المحتمل أن يكون قد طلب بناءه مقدما قبل الأزمة المالية، كما كان الحال مع يخت «سيلفر ساحليز» لصالح رجل الأعمال الأميركي لاري سلفرستين. وبالتأكيد فإن الأسعار المرتفعة للأصول مثل الأعمال الفنية تشير إلى أن الأثرياء يضعون أيديهم في جيوبهم ويبحثون عن استثمارات تحافظ على قيمتها.

ولكن يختلف السماسرة بشأن ما إذا كان الأميركيون سيبقون مسيطرين على السوق عندما تعود الظروف الجيدة. وعلى سبيل المثال يقول سميث: «يعود الروس، وكذا الهنود. ولا أعتقد أن الأميركيين سيبقون مسيطرين داخل السوق كما كانوا من قبل».

وفي الوقت الحالي، من السهل التأجير كما هو الحال بدل الشراء. وقد عادت عمليات التأجير بسرعة أكثر من عمليات شراء اليخوت، أو كما يتساءل ماكلين: «هل تشتري منزلا حاليا؟»، مشيرا إلى الضبابية التي تسيطر على هذه السوق. وقالت شانون ويبستر، وهي سمسارة يخوت داخل فورت لودردال، إن القطاع خلال فصل الشتاء الحالي كان جيدا. وأضافت: «ليس هائلا، ولكن يوجد نمو بالمقارنة بالعام الماضي». وقالت: «تتراوح الأسعار التي لدي حول 200.000 دولار في الأسبوع بالنسبة ليخت يتسع لأن ينام فيه 12 فردا ويوجد به طاقم عمل مكون من 11 فردا ويبلغ طوله 164 قدما». وأشارت إلى أن ملاك اليخت مستعدون بدرجة أكبر للتفاوض. وبالطبع فإن دفع 200.000 دولار في الأسبوع لن يناسب سوى كبار الأثرياء، ولكن ربما يقول البعض إن ذلك قد يكون جيدا بالمقارنة مع 20 مليون دولار لليخت.

* خدمة «نيويورك تايمز»