لماذا نحذر من شركات الاتصالات؟

سعود الأحمد *

TT

عندما كتبت مقالي الذي كان بعنوان «شركات الاتصالات في خطر» (في 25/10/2010م).. وأخذته بعض المواقع والمنتديات الاقتصادية والاجتماعية.. لاحظت من التعليقات وما وصلني من رسائل أنها تحمل بعض علامات الاستفهام والتعجب، منها: أن قطاع الاتصالات، منذ فترة طويلة، وهو يعطي عائدا جيدا مقارنة بالقطاعات الأخرى، وأن من الطبيعي أن هذه الشركات سبق أن أعدت دراسات جدوى تعرف منها فترة تدفق الإيرادات وحجم نموها ولديها خرائط لسلوك معدل إيراداتها المتوقع خلال السنوات المقبلة.. ولا يعقل أنها أغفلت عامل التقدم التكنولوجي.

وقبل الدخول في إيضاح الفكرة، أود (بداية) أن أشكر مديري هذه المواقع، ممن يذيل المقال بما يفيد بأنه نقلا عن جريدة «الشرق الأوسط» - اللندنية. وأقول: إن شركات الاتصالات أصبحت اليوم تشكل قطاعا استثماريا مهما بالأسواق المالية. والذي تنبغي ملاحظته هنا هو أن مؤشر سعر السهم لا يحركه صافي الأصول أخذا بالاعتبار تقادم هذه الأصول وعرضتها للتقادم بسبب عوامل التقدم التقني المطرد، لكن الذي يحركه هو تحقيق هذه الأصول للإيرادات الحالية! وهذا موضع الخلل. وأشير إلى نقطة مهمة (لعلنا نتذكرها مستقبلا): إنني أنبه إلى هذه الملاحظة؛ لأنني بالفعل أشعر بالقلق على مدى استمرارية تحقيق هذه الشركات للمعدل نفسه من الإيرادات! وهذا دورنا كمتخصصين متابعين للأحداث أن ننبه غير المتخصصين، بما قد يغيب عنهم. ولا نقتصر في تحليلنا على تحليل الإيراد ونملأ الصفحات بزاد ونقص الإيراد، ونغفل أهمية نموه واستمراره. فشركات الاتصالات السعودية (مثلا) تحقق إيرادا سنويا يبلغ 43 مليار ريال (11.46 مليار دولار) من مكالمات الجوال. وهذا بالطبع يعني أهمية نسبية في مجال الدخل القومي ودخل مستثمري ومضاربي هذا القطاع! فهل هناك دراسة من جهة يعول عليها عن مدى استمرارية تدفق هذه الإيرادات؟! وأين هي هيئة سوق المال ووزارة التجارة السعودية لتتخذا التدابير الكافية لحماية المستثمرين؟ وللمعلومية: نحن الآن نقتني أنواعا من هواتف الجوال نستطيع أن نتصل منها بأي مكان بالعالم مجانا! ومن الطبيعي أن تشيع هذه الخدمة (قريبا) ويستغني مستخدمو الجوال عن خدمات الاتصال المدفوع ويستبدلون به المجاني! ولعلي أنوه بأن الخطورة أكبر بقطاع الاتصالات في الدول النامية؛ لأن الشركات العالمية قد تنجو من الأزمة أو تخفف منها بتغيير خطوط إنتاجها، لتركز على مجال إنتاج البرامج وتطويرها وصيانتها ومجال الدعاية وصناعة الأجهزة وتسويقها وتبتكر مجالات جديدة كالربط بين الاتصالات والإعلام والتسويق التجاري الإلكتروني، لكن من المستبعد أن شركاتنا الخليجية (مثلا) مستعدة للحذو حذوها؛ لأننا، ببساطة، ليس لدينا مصانع أو منتجات محلية يمكن تسويقها عالميا بالحجم الذي يمكننا من الاعتماد عليها كمصدر إيراد بديل لاتصالات الجوال. ومن الطبيعي أن المصانع العالمية لن تطلب (ولن تحتاج) خدمات شركات الاتصالات الخليجية لتنتج لها برامج أو تسوق لها منتجات على مستوى العالم! إنها رسالة.. فحواها تنبيه للمستثمرين الذين وضعوا مدخراتهم في شركات الاتصالات أملا في العيش منها لتكون بمثابة دخل يعتمدون عليه (لهم ولأسرهم)، آخذين بالاعتبار ما سبق أن حققته هذه الشركات ووزعته بالفترات المالية الماضية؛ لأن هذه الإيرادات في خطر.

* كاتب ومحلل مالي