السعودية تطمئن الأسواق العالمية حول الإمدادات النفطية وتحذر من المضاربين

النعيمي لا يستبعد رفع «أوبك» لإنتاجها في 2011

النعيمي يتوقع ارتفاع الطلب على النفط في 2011 بناء على معطيات النمو الاقتصادي العالمي (تصوير: أحمد فتحي)
TT

جددت السعودية تطميناتها حيال أسواق النفط بقدرتها على مواكبة الطلب العالمي خلال الفترة المقبلة، والذي توقع وزير البترول والثروة المعدنية السعودي المهندس علي النعيمي أن يرتفع بنسبة تصل إلى 2 في المائة. وتوقع النعيمي أن تستمر الدول خارج «الأوبك» في زيادة إنتاجها، موضحا أنه وإن كانت الزيادة أقل من مستوياتها في السنوات الماضية، مما يتيح مجالا لدول ا«الأوبك» لزيادة إمداداتها للسوق العالمية، لتلبية تنامي الطلب العالمي، حيث إن سياسة «الأوبك» كما هو معروف تقوم على تلبية أي زيادة في الطب على البترول، وذلك من أجل استمرار التوازن بين العرض والطلب. كما توقع أن تزيد بعض دول «الأوبك» من طاقتها الإنتاجية، بحيث تستمر الطاقة الإنتاجية الفائضة لديها خلال هذا العام، ستكون في حدود 4 ملايين برميل يوميا، وذلك في ظل استمرار الظروف العادية للسوق من حيث العرض والطلب، وحركة المخزون التجاري. وكان وزير النفط في السعودية يتحدث خلال كلمة في منتدى التنافسية الدولي الذي يعقد حاليا في العاصمة السعودية الرياض، بمشاركة واسعة من خبراء عدة شاركوا من مختلف بلدان العالم. وأبدى النعيمي اعتقاده أن السوق النفطية خلال العام الحالي في مرحلة توازن بين العرض والطلب مع وجود مخزون تجاري مناسب، وطاقة إنتاجية فائضة يتم استخدامها في حالة وجود أي ظرف طارئ غير متوقع، لأسباب سياسية أو طبيعية في المناطق المنتجة أو المستهلكة للبترول.

إلا أن ذلك لم يخف قلق وزير البترول والثروة المعدنية من تأثير المضاربين والمحللين وبعض المستثمرين في السوق الآجلة على الأسعار وضغطهم من أجل دفعها للارتفاع أو الانخفاض، بعيدا عن عوامل السوق الطبيعية.

وأضاف: «من الواضح أن العالم قد خرج من الأزمة المالية الاقتصادية وحالة الكساد التي واجهها في عامي 2008 و2009، إلى حالة النمو الذي بدأ العام الماضي، ومن المتوقع أن يستمر النمو هذا العام، ثم يتسارع تدريجيا في الأعوام المقبلة».

وزاد «أغلب التوقعات تشير إلى أن الاقتصاد العالمي سوف ينمو هذا العام بمعدلات تفوق 4 في المائة، أي ما يقارب وتيرة النمو قبل الأزمة، وكما هو متوقع، وكما حدث خلال السنوات العشرين الماضية، فسيكون هناك اختلاف واضح، في معدلات النمو بين مختلف الدول والمناطق».

وأكد أن الدول الصناعية التي وصل اقتصادها إلى مرحلة النضوج، وأخذ معدل زيادة سكانها بالانخفاض أو النمو البسيط، من المرجح أن تنمو اقتصاداتها بنحو 5.2 في المائة سنويا، في حين أشار إلى أن الدول ذات الاقتصاديات الناشئة، مثل الصين والهند والبرازيل وغيرها، ستنمو اقتصاداتها بمعدلات أكبر، وبحيث يتعدى النمو الاقتصادي في بعضها 8 في المائة هذا العام.

ولفت النعيمي إلى أن الزيادة مستمرة في عدد سكان تلك الدول، بمعدلات تتراوح ما بين 1 إلى 2 في المائة، كما أن أعدادا كبيرة من سكان هذه الدول سوف تستمر في التحول من حالة الفقر إلى وضع أفضل معيشيا.

وشدد على أن ذلك النمو الاقتصادي والسكاني، وارتفاع مستوى المعيشة، سيصاحبه زيادة كبيرة في نمو وتوسع المدن في الاقتصادات الناشئة من حيث عدد السكان والتجارة والصناعة والإنتاجية وقطاع الخدمات كالطرق والمراكز الصحية والجامعات وغيرها، حيث يقدر حاليا عدد المدن التي يزيد سكانها على مليون نسمة في الاقتصادات الناشئة ما يفوق 300 مدينة وهو عدد في نمو مستمر.

وبين وجود ارتباط وثيق بين النمو الاقتصادي، وزيادة عدد السكان والرخاء الاجتماعي للفرد، وتوسع المدن من ناحية، ونمو الطلب على الطاقة بشكل عام، وعلى البترول بشكل خاص من ناحية أخرى، فإنه من المتوقع أن يستمر الطلب العالمي على البترول في النمو هذا العام وخلال الأعوام المقبلة.

وتشير أغلب الدراسات إلى أن زيادة الطلب العلمي على البترول سيبلغ ما بين 1.5 مليون برميل إلى 1.8 مليون برميل يوميا، بزيادة 2 في المائة هذا العام، وذلك مقارنة بالعام الماضي بحسب ما ذكره وزير النفط السعودي، موضحا أن ذلك الطلب على البترول سيعكس الوضع الاقتصادي العالمي بشكل عام، حيث إن الدول التي وصل اقتصادها إلى مرحلة النضوج، ومستوى معيشة المواطنين تعتبر جيدة إلى ممتازة ويتناقص عدد سكانها، يتوقع أن يستمر الطلب على البترول فيها في الانخفاض. وقال وزير البترول والثروة المعدنية السعودي: «يمثل 2011، نقطة تحول مهمة في هذا الاتجاه، حيث يقترب مستوى الطلب على البترول في الاقتصادات الناشئة، والدول النامية، مع الطلب في الدول الصناعية الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ويتخطى الطلب في الدول النامية والناشئة الطلب في الدول الصناعية بحلول عام 2013، وهذا يحدث لأول مرة في تاريخ الصناعة البترولية، علما أن الدول الصناعية كانت تمثل أكثر من 70 في المائة من إجمالي الطلب العالمي على البترول منذ 20 عاما فقط».

وعن السياسة البترولية السعودية، في عالم متغير يتسم بالمنافسة بين دوله وشركاته، أوضح أن تلك السياسية، التي تتم بتوجيهات وإشراف مباشر من خادم الحرمين الشريفين، لها 8 منطلقات رئيسية، حيث يتمثل المنطلق الأول في الاعتدال، حيث إن السياسة العام للسعودية، في جوانبها السياسية والاقتصادية، بما في ذلك الجوانب البترولية، تتميز بالاعتدال.

كما يمثل المنطلق الثاني التعاون مع دول العالم في مختلف الجوانب، حيث إن السعودية تربطها علاقات وثيقة مع معظم دول العالم، ومبدأ التعاون العالمي الذي تتبناه السعودية كسياسة عامة لها، يشمل الجوانب الاقتصادية، بما في ذلك البترول والطاقة. ويشمل ذلك التعاون مع كافة الدول المنتجة للبترول، من داخل «أوبك» وخارجها، على الرغم من وجود بعض الاختلافات من حيث السياسات، فإن هناك قاسما مشتركا بين الدول المنتجة للبترول، والمتمثل في استقرار السوق البترولية على المديين المتوسط والطويل، وهذا الأمر يعد من أهم أهداف السياسة البترولية للسعودية.

ثالثا يمثل استقرار السوق البترولية الدولية، الذي يعد هدفا أساسيا للسياسة البترولية السعودية، حيث إن هذا الاستقرار يعني ركيزتين رئيستين، الأولى توازن العرض مع الطلب، مع وجود مخزون تجاري مناسب، لاستمرار إمداد المصافي، البترولية لمدة كافية، ومن دون أي انقطاع، والركيزة الثانية، فهي استقرار أسعار البترول عند معدلات لا تضر بوتيرة النمو في الاقتصاد العالمي، وخصوصا في الدول النامية، وفي نفس الوقت تحقق دخلا مناسبا للدول المنتجة، التي تمتلك ثروة ناضبة. وفي المنطلق الرابع، أوضح النعيمي أنه يتمحور في الاهتمام بالسوق المحلية، حيث يسعى إلى تسخير الصناعة البترولية من أجل تنمية الاقتصاد الوطني، من حيث الحصول على القيمة المضافة من جراء تكرير وتصنيع البترول والبتروكيميائيات، وتشجيع الصناعات المختلفة والمعتمدة كليا أو جزئيا على توافر الطاقة، ويأتي ضمن ذلك رفع كفاءة استخدام الطاقة.

وخامسا يأتي الاهتمام بالجانب الإداري، عبر إيجاد النظام الإداري المناسب، والاهتمام بالعنصر البشري تعليما وتدريبا وتأهيلا، حيث إنه ومن ضمن سياسة الدولة واستراتيجيتها وتوجهاتها، تحظى شركة «أرامكو» - السعودية، التي تعمل حسب منطلقات تجارية بحتة، باستقلالية إدارية تامة، في قضايا مثل التسويق البترولي والمشتريات والمبيعات وتشييد المنشآت، كما أن لديها برامج مختلفة لتنمية القوى البشرية، من برامج للابتعاث والتدريب والتطوير والتأهيل، إضافة إلى الاهتمام بالجوانب البيئية في الصناعة البترولية، فحماية البيئة تعتبر واحدة من أهم أولويات المملكة.