ميدفيديف: الإرهاب لن يركعنا.. وسنقدم مقترحا لمجموعة الـ 20 بتنظيم الإنترنت

رئيس المنتدى الاقتصادي يطالب بـ«تفاؤل بناء».. ورئيسة سويسرا تطالب بمجلس اقتصادي للأمم المتحدة

الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف خلال افتتاح مؤتمر دافوس أمس (إ.ب.أ)
TT

افتتح الرئيس الروسي، ديمتري ميدفيديف، المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، أمس، بالتأكيد على جاهزية عزمه مواجهة الإرهاب، قائلا إن «الإرهاب لن يركعنا».

وكان الهدف من مشاركة ميدفيديف في افتتاح المنتدى، الذي يضم أكثر من ألفي مشارك وأكثر من 30 رئيس دولة وحكومة، هو جلب الاستثمار الأجنبي، حيث قال: «روسيا تسعى إلى أن تكون قوة اقتصادية، لقد اتخذنا الكثير من الخطوات وآمل أن تبدأ المؤسسات المالية بالاستثمار بالروبل الروسي».

وأكد الرئيس الروسي عمله على تشريعات جديدة، منها حماية الملكية الفكرية، لجلب الاستثمار ولكنه أعلن عن خطوة أثارت مخاوف بعض الأوساط الاقتصادية حيث كشف عن عزمه لـ«تنظيم الإنترنت» التي اعتبر أنها لا تحكم بمبادئ تناسب العالم، في إشارة إلى انتشارها وعدم الرقابة المفروضة عليها.

وبدأ ميدفيديف خطابه بالحديث عن تفجير موسكو، قائلا إن الحادثة «هزت المجتمع الروسي برمته»، مضيفا: «اليوم نحن نشهد المأساة ونرى أنها حصدت الكثير من الأرواح ولكن عليكم أن تتذكروا أن ما يحصل يجعلنا أكثر عزما للتصدي للإرهاب الدولي».

وتابع: «كانوا يتوقعون (القائمون على الهجمة) أن يركعوا روسيا، أرادوا أن لا أشارك هنا، ولكنهم أخطأوا.. روسيا تعي المكانة التي تحل فيها الآن، ولهذا أتيت إلى هنا، وأشارك هنا اليوم»، مضيفا: «الإرهاب يدوس على كل الحقوق والحريات ويؤدي إلى الرعب والكراهية ويعوق الجهود التي نقوم بها لتحسين وضع العالم، وهي تعوق الحياة الطبيعية ومجرى الحياة الطبيعية».

وكانت هناك تساؤلات حول مشاركة ميدفيديف بعد تفجير موسكو يوم الاثنين الماضي، ولكنه قرر المشاركة على الرغم من اختصار زيارته إلى نصف يوم بدلا من يومين.

وفي الجلسة الافتتاحية، أوضح مؤسس ورئيس منتدى الاقتصاد العالمي، كلاوس شواب، التغييرات التي طرأت على العالم خلال السنوات الـ10 المقبلة. وقال: «اليوم نفتتح الاجتماع الأول للعقد الثاني للقرن الـ21.. وقد بات العالم أكثر تعقيدا وهناك الكثير من المخاطر». وأضاف أن هناك 4 أسس لاجتماعات المنتدى لعام 2011، وهي التطلع الاقتصادي للفترة المقبلة، ودراسة الواقع الجديد حول العالم من تغييرات ديموغرافية واقتصادية، بالإضافة إلى عمل المنتدى على دعم عملية مجموعة العشرين، موضحا: «نعمل مع الرئاسة الفرنسية من أجل التفكير والخروج بنتائج لقمة العشرين». أما المحور الرابع فهو عمل المنتدى على إنشاء شبكة در سريعة لمواجهة الأزمات.

ولفت شواب إلى التغييرات في العالم خلال العقد الماضي، منها «إنهاء الخصوصية خلال الأعوام الـ10 الماضية، وتسريع وتيرة الوقت، كما أننا نعيش في عالم ما بعد الرأسمالية وبعد التقنية، وآمل أننا نعيش في عالم ما بعد الأزمة». وأضاف: «أحيانا الناس يقولون هناك الكثير من القضايا المعقدة، حتى نتحدث عن بعض الأعراض من الاشتعال العالمي، فنحن نطفئ الحرائق بدلا من التعامل مع القضايا بشكل بناء»، موضحا أن حماية العالم من «النيران» تعتمد على «الابتكار ورؤية الاحتمالات.. والتفاؤل البناء».

ومن جهتها، قالت رئيسة سويسرا، ميشيل كالمي راي، إن الأزمة الاقتصادية أظهرت أهمية التنمية المستدامة، قائلة: «الدول الغربية مطالبة بتخصيص مواردها لمواجهة المخاطر مثل ندرة المياه وحماية الملكية». واعترفت كالمي راي بأن المصالح المتضاربة تؤثر على التعاون الدولي، متسائلة: «في نهاية المطاف، السؤال هو إن كان بإمكاننا التوفيق بين المصالح المترابطة أم لا؟». وردت على سؤالها بالقول: «العدالة العالمية عامل رئيسي لن يتحقق ما لم تكن قدراتنا قابلة للاستدامة». وأضافت: «الحلول التي نبحث عنها يجب أن تكون عادلة ومنصفة على الصعيد العالمي». وكررت كالمي راي مطالبة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لإنشاء مؤسسة مالية مرتبطة بالأمم المتحدة، قائلة: «اقتراح السيدة ميركل لمجلس اقتصادي للأمم المتحدة مهم.. نحن بحاجة إلى مجلس للاستدامة يناسب تطلعاتنا والاستدامة التي نريدها».

وشدد ميدفيديف على أن «نجاحنا على التصدي للإرهاب يعتمد على تعاوننا وأن نوحد جهودنا وأن نتعاون للتصدي للإرهاب كي نضرب أسس الإرهاب، والجهل والأمية والبطالة كلها تسهم في الإرهاب، ويجب أن ندعم التنمية البشرية».

وعلى الرغم من قول ميدفيديف بأنه يؤمن بحريات الشعوب، فإنه وجه انتقادات لدور التكنولوجيا في تمكين الشعوب. وقال: «كلي ثقة بأن المبادئ الحالية مثل تنظيم شبكة الإنترنت لا تعمل على النحو السليم، علينا إدراجها على أجندة دول العشرين». وأعلن أن «روسيا ستقدم مقترحات حول هذه القضية». ولكن في الوقت نفسه، أكد ميدفيديف عمله لـ«تحديث روسيا» من خلال توسيع المشاركة على الإنترنت وقدرة الروس في استخدام الإنترنت حول البلاد.

وانتقل ميدفيديف بعدها إلى الاقتصاد، قائلا: «التنمية السريعة للغاية أدت إلى أن يصبح بعض الأشخاص يعتبرون أن الوضع يمكن أن يستمر، لكننا لم نعالج إلا جانبا من الأزمة، ولذلك نهوضنا سيكون صعبا.. ولكن تعلمنا دروسا من الأزمة، تعلمنا أن أزمة طبيعية أو خطأ تقني يكفي ليجعلنا نواجه كوارث، فانفجار بركان في آيسلندا أثر على العالم أجمع». وأضاف: «نحن بحاجة إلى سياسات جديدة، تستند إليها الشركات والدول للاعتماد عليها».

وأكد الرئيس الروسي «أن التدابير التي يتخذها رجال السياسية ليست سريعة، وهناك من يواصل العمل ضمن عقلية الحرب الباردة رغم انتهائها».

وتحدث ميدفيديف عن الاقتصاد الروسي، قائلا إنه «ليس بنفس تطور بعض الاقتصادات.. ولكننا حققنا التطوير».

وأضاف أن «الخصخصة ستحقق التنمية وليس من خلال التأميم». مشيرا إلى أنه «ينبغي أن نتحمل مسؤوليتنا وتوفير الحماية للمواطنين، ولكن الحقوق يجب أن تكون ضمن المنطق».

وتحدث ميدفيديف عن أهمية مجموعة الـ20، قائلا: «كلما زاد عدد البلدان على طاولة التفاوض طالت فترة التوصل إلى التوافق.. ولكن نحن نعمل ضمن إطار مجموعة الـ20 وسنعمل من خلاله».

ووجه ميدفيديف كلامه إلى منتقدي روسيا، وخصوصا سجل حقوق الإنسان والفساد، قائلا: «كثيرا ما توجه الانتقادات إلى روسيا، أحيانا نستحقها وأحيانا لا نستحقها». وأضاف: «روسيا تواجه الكثير من المشكلات مثل النهوض بسيادة القانون، ولكن روسيا واجهت الإرهاب والتطرف بأقصى الدرجات وهناك مشكلات اجتماعية يجب أن نعالجها». وتابع: «نحن نرتكب أخطاء في روسيا مثل غيرنا من دول، ولكن علينا أن نعي أن هناك تغييرا في روسيا، خصوصا في بعض النواحي مثل مواجهة الفساد.. نحن نعمل ونسعى من أجل تحسين مناخ الاستثمار ونحسن مستوى المعيشة». وتابع: «الديمقراطية ستحقق في بلادي من خلال التنمية الاقتصادية، يجب أن نوفر للديمقراطية أساسا متينا بناء على التطور الاقتصادي والتعاون»، معتبرا أن «المبادئ التي أشير إليها مهمة للغاية».

وعدد ميدفيديف 10 نقاط تجعل بلاده مناسبة للاستثمار الأجنبي، منها عدم رفع الضرائب، وإلغاء إحدى الضرائب. وقال: «بدأت بمشروع خصخصة أصول الدولة، وقد استطعنا العمل بشكل جيد وسنخصخص أصولا إضافية للدولة كما أننا سنحسن تنافسية الشركات الروسية». ولفت إلى إشراك «المصارف الدولية في العملية وسنؤسس صندوقا خاصا للتنمية».

واعتبر إليه تشيفنسكي، وهو بروفيسور في جامعة ييل، أصوله من روسيا، أن مشاركة ميدفيديف مهمة ولكن لن تكن كافية لجلب الاستثمار الأجنبي.

وأوضح تشيفنسكي لـ«الشرق الأوسط»: «هناك مشكلات بنيوية جادة مثل الفساد وعدم وجود النية التشريعية لحماية الاستثمارات والسماح للأجنبي بتملك الأملاك في البلاد». وحول تأثير الانفجار الإرهابي في موسكو على استعداد الشركات الأجنبية للاستثمار في روسيا، قال: «لا أعتقد أنه سيؤثر، المشكلات البنيوية هي العائق الأكبر».