الخيال الصحافي يتصور قضايا «دافوس» بعد 9 سنوات من الآن

غيتس غادر أحد الاجتماعات غاضبا.. وأميركا باتت الدولة الثانية

TT

تخيل أننا أصبحنا في شهر يناير (كانون الثاني) 2020، وأن اجتماعات القمة الدولية قد استبدلت إلى حد كبير باجتماعات افتراضية على جهاز «iPowow» التفاعلي الآمن. ولكن هذا الاجتماع السنوي لا يزال يسير بشكل قوي. وبدأت زيارة رئيس الولايات المتحدة المفاجئة إلى المنتدى الاقتصادي العالمي بداية سيئة.

ولم يتعلق الأمر فقط بتكرار شركة «داغونغ غلوبال» الصينية للتصنيف الائتماني لتصنيفها «ب» على سندات الخزانة الأميركية خلال الأسبوع الماضي، وأن شركة «ليتشي»، التي كانت تعرف من قبل باسم «أبل» قد قدمت مبلغا ضعيفا بدلا من تقديم شطائر الهامبورغر في حفل استقبالها بمنتجع «دافوس»، الذي يحظى بحضور مكثف. وقالت مصادر مطلعة إن الرئيس «بيل غيتس» قد غادر اجتماعا في إحدى القاعات المغلقة مع مستثمرين، وهو غاضب إزاء مطالبة مصرفيين من نادي باريس للدول التي لم تعد تستخدم اليورو، بفرض زيادة نسبتها 10 في المائة على ديون الولايات المتحدة. وأخذ غيتس، رائد الأعمال السابق وفاعل الخير والشخص الذي يحضر قمة دافوس بانتظام، راحة من الحملة الانتخابية الضارية التي يشنها داخل الولايات المتحدة، في خطوة تهدف إلى حشد الاستثمارات الأجنبية وقلب الصفحة بعد عقد شابه الشغب والتخلف عن دفع الديون تقريبا.

وادعى مرسل رسائل «MSM» في البيت الأبيض الليلة الماضية بأن «الولايات المتحدة سجلت عودة في المعاملات التجارية». وبعد ستة أشهر من تحول الصين إلى أكبر اقتصاد في العالم رسميا، أصر مسؤولون أميركيون على أن الأمور تبشر بتحسن محتمل للقوة العظمى التي كانت متفردة في يوم من الأيام.

وأشار أحد المساعدين الرئاسيين بقوله: «باتت الأمور أسهل كثيرا بعدما أصبحنا رقم 2، وهل نمتلك أي قوات ندخرها للمساعدة في تأمين الحدود الصينية الهندية؟ كلا.»، وقد انخفض دين الولايات المتحدة إلى 110 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، بانخفاض من ذروته المسجلة في موسم 2014 - 2015 التي وصلت إلى 150 في المائة، عندما تجنبت الولايات المتحدة بصورة محدودة عملية إعادة الهيكلة وقامت بانسحاب متسرع من أفغانستان. وبدأت مظاهرات الشباب التي وقعت في عام 2016، والتي ساعدت غيتس البالغ من العمر 64 عاما على الفوز بمنصب الرئاسة كمرشح مستقل عبر حشده لأصوات الشخصيات البارزة واشتداد حدة سخط الناخبين على الديمقراطيين والجمهوريين، في الاختفاء من العناوين الرئيسية للصحف، لأن البطالة طويلة الأجل بين الشبان البالغين تبدو في النهاية وكأنها قد تحسنت.

واستغرق هذا الأمر فترة قصيرة، ولكن بعد انخفاض عدد الدول الأعضاء في منطقة اليورو منذ خمس سنوات إلى «أساس جرماني» مكون من ستة أعضاء ونصف (من بينهم إيطاليا الشمالية)، وهو ما رفع اليورو إلى مستويات قياسية، حققت الصادرات الأميركية عودة ملحوظة. وساعد تكافؤ سعر صرف الدولار مع اليوان في حدوث هذا الأمر أيضا. ودأبت الصين على مراقبة انخفاض الدولار عن كثب، وحثت واشنطن على الإبقاء على عملتها، في إطار الحدود المتفق عليها من قبل مجموعة الدول الأربعين والمرتبطة بحقوق السحب الخاصة التي أصدرها صندوق النقد الدولي. ولم يفرض صندوق النقد الدولي، الذي انتقل مقره إلى بكين وفقا لقانونه التأسيسي عندما أصبحت الصين أكبر مساهم في الصندوق خلال عام 2018، أي عقوبات على الأعضاء حتى وقتنا هذا. ولكن المدير الإداري للصندوق، زهو مينغ، صرح في دافوس خلال الأسبوع الحالي بأنه لن يتردد في القيام بذلك.

وأشار آخرون إلى أن الدولار الضعيف كان يقطع طريقا طويلا لإنهاء انكماشه المؤلم الذي حول المستهلك الأميركي الذي كان ينفق بحرية في يوم من الأيام إلى مستهلك حريص على غرار «بن فرانكلين». وقال أكسيل ويبر، رئيس بنك الصين الشعبي المستقل، الذي أنشئ مؤخرا، في الخطاب الرئيسي للمنتدى: «يتعين عليكم فقط أن تدرسوا تاريخ ألمانيا السحيق وتاريخ الصين الحديث لكي تفهموا أنه لا يوجد شيء أكثر أهمية من ثبات الأسعار. وهناك شيء واحد فقط أسوأ من التضخم وهو الانكماش المالي. وبعد توليه مهمة قيادة البنك المركزي الأوروبي، حيث ترأس البنوك المركزية في منطقة اليورو المفككة، عينت القيادة الصينية التي تكافح من أجل كبح التضخم المرتفع «ويبر» في هذا المنصب خلال نفس العام الذي اشترت فيه مؤسسة «تشاينا إنفستمنت كوربوريشان» شركة «رينو – نيسان»، وأصبحت رائدة العالم في مجال صناعة السيارات الكهربائية. وعلى الرغم من كل الخلافات المالية، كانت الأجواء السائدة في دافوس خلال الأسبوع الحالي بين المسؤولين التنفيذيين الصينيين والهنود والبرازيليين الذين يدفعون الآن معظم الفواتير دافئة بشكل ملحوظ، بمثل دفء الطقس تقريبا.

وفي شهر يناير الأكثر سخونة، الذي ارتفعت خلاله درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، قام القادة السياسيون والصناعيون بجولة في متنزه دافوس الخالي من الجليد بسترات صيفية، بينما قام وفد من «الرجعيين الجدد» بنصب خيامهم في حدائق مركز المؤتمر الذي أعيد بناؤه مؤخرا، والذي يبدو أنه يتلقى جراحة تجميل كل عقد أو ما شابه ذلك. وكان من بين الزعماء الألفين وخمسمائة الذين شاركوا مع غيتس خلال الأسبوع الحالي الرئيس فلاديمير بوتين، الذي يخوض حاليا منتصف فترته الرئاسية الرابعة، من أجل دخول روسيا إلى منظمة معاهدة شمال الأطلنطي وسط مخاوف من أن الصين سوف تضم شرق روسيا التي تم إخلاؤها من السكان. وحضر نجم موسيقى الروك المسن «بونو» الذي يعمل الآن مستشارا للدول الأفريقية القوية المصدرة للأغذية والسلع، المؤتمر أيضا؛ مثلما فعلت أنجلينا جولي، رئيسة استوديو بوليوود، مع أبنائها الستة عشر.

واضطر دانيال كون بنديت، الذي انتخب رئيسا لفرنسا على أساس برنامج انتخابي لدمج فرنسا وألمانيا والفوز بعضوية منطقة اليورو مرة أخرى، وهو جهد ترفضه برلين حتى الآن، إلى إلغاء حضوره في الدقيقة الأخيرة من أجل التعامل مع الإضرابات التي وقعت في شتى أنحاء بلاده ضد مشروع قانون لرفع سن التقاعد إلى 75 عاما.

* خدمة «نيويورك تايمز»