مطالبات بإغلاق بورصة القاهرة واتجاه لخفض التصنيف السيادي لمصر

يوم الغضب الكبير يكلف شركات الجوال والانترنت الملايين ويزرع الهلع وسط المستثمرين

بدا مبنى البورصة المصرية مهجورا أمس (رويترز)
TT

تخوفات المستثمرين التي أبدوها أول أمس تحققت، وعمت الاضطرابات كافة أرجاء مصر، وهو ما ينذر بالعديد من العواقب ستصيب كافة النواحي الاقتصادية في البلاد، وفي بدايتها البورصة المصرية التي فقد مؤشرها الرئيسي أكثر من 15 في المائة من قيمتها خلال جلستي الأربعاء والخميس الماضيين.

وكلف يوم الغضب شركات الاتصالات الجوال ة الثلاثة، وشركات الانترنت الملايين من الجنيهات، بعد أن قامت الحكومة بقطع الاتصالات عبر تلك الشركات، حتى لا يؤدي ذلك إلى زيادة حدة المظاهرات، فيما كان الرابح الأكبر في هذا اليوم شركة المصرية للاتصالات المملوكة للحكومة (المشغل الوحيد لخدمات التليفونات الأرضية) التي كانت الوسيلة الوحيدة داخل القاهرة للاتصال.

وفي الوقت نفسه أبدى اقتصاديون تخوفهم من تلك الأحداث التي انتشرت تفاصيلها عبر كافة وسائل الإعلام الدولية، والتي ستؤثر على حركة الاستثمارات سواء الأجنبية أو الداخلية، وقالت إحدى التقارير الصادرة عن البنك الاستثماري «سي أي كابيتال» ان ما يحدث في البلاد يرفع الراية الحمراء أمام الاستثمارات بمصر. وتخوف العديد من مستثمري البورصة من تداعيات تلك الاضطرابات على أداء البورصة المصرية خلال الفترة المقبلة، مطالبين رئيس البورصة بإصدار قرار بوقف العمل بالبورصة لحين عودة الاستقرار إلى البلاد. وقال أحد المستثمرين لـ «الشرق الأوسط» انه تواصل مع رئيس البورصة المصرية يوم الخميس الماضي، وطالب منه ان يوقف التداول، ولكنه أكد له ان هذا القرار يتطلب موافقة جهات عليا، ولا يمكن لإدارة البورصة ان تتخذ هذا القرار منفردة، ولم يتسنى لـ «الشرق الأوسط» الاتصال بأي من مسؤولي البورصة لمعرفة مخططاتهم للجلسات القادمة.

ويعطي قانون 95 لعام 1992 الذي ينظم سوق رأس المال المصري، الحق لرئيس البورصة المصرية بوقف التعامل على ورقة مالية إذا كان هذا من شأنه استمرار التعامل بها الإضرار بالسوق أو المتعاملين فيه، كما يعطي القانون في مادته 22، الحق لرئيس الهيئة للرقابة المالية ان يقرر تعيين حد أعلى وحد أدنى للأسعار الأوراق المالية بأسعار القفل في اليوم السابق على القرار، وتفرض هذه الأسعار على المتعاقدين في جميع بورصات الأوراق المالية، ولوزير الاستثمار ان يصدر قرارا بما يتخذ من إجراءات في الظروف المشار إليها.

وفي الوقت ذاته قال الدكتور فادي خلف أمين اتحاد البورصات العربية لـ «الشرق الأوسط» ان هناك آليات متعارف عليها دوليا لإيقاف التداول، وهناك أولويات لإيقاف عمل البورصات يتم تطبيقها في كل بلد على حدة تبعا لقوانينها. وأشار إلى ان المستثمرون يجب ألا يخضعوا لحالات من الهلع ويجب على المسؤولين تزويدهم بالإيضاحات، مشيرا إلى ان هناك آليات يتم فيها التداول أوقات الأزمات.

وقال فادي خلف الذي رأس مجلس إدارة بورصة بيروت خلال فترات استمرت ثلاثة أعوام منذ عام 2006، ان بورصة بيروت عملت تحت القذف في أحداث يوليو (تموز) 2006، وأضاف ان بورصته قامت بالتواصل مع المستثمرين في تلك الفترة، لتوضيح كيفية التداول خلال تلك الفترات، فقمنا بتعديل آلية احتساب سعر الإقفال وهامش التغير، واضطررنا بعض الوقت إلى إيقاف التداول.

وأضاف خلف ان المستثمرين سواء المحللين أو الأجانب لهم الحق في الشراء والبيع بالسوق وفق رؤيتهم للأوضاع، ويجب على البورصة التواصل معهم لتوضيح الأمر لهم، والقرار يعود في النهاية لصاحب الاستثمارات، فوظيفة البورصة هي تهيئة المناخ المناسب للتداول.

إلى ذلك ثبتت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية تصنيفها لجمهورية مصر العربية عند BBB+ في نفس الوقت الذي خفضت فيه النظرة المستقبلية إلى «سلبي« من «مستقر». وقال بيان صادر عن الوكالة أن تخفيض النظرة المستقبلية يأتي على خلفية الأحداث الجارية حاليا وتداعياتها على الأوضاع الاقتصادية والسياسية للبلاد في الأشهر القادمة وحتى إجراء الانتخابات في شهر سبتمبر « أيلول« المقبل. وقال التقرير أن استمرار الاحتجاجات الشعبية أو تصاعدها بشكل يؤثر على الأوضاع الاقتصادية والمالية سيؤدي إلى قيامها بتخفيض التصنيف الائتماني وفي المقابل فإن أي إجراءات حكومية تتجاوب مع الأوضاع الحالية وتخفيف حدة الاحتجاجات واستمرار الإصلاحات الاقتصادية سيؤدي إلى إعادة النظرة المستقبلية إلى «مستقر». وقال التقرير أنه لا يتوقع أن تكون نتائج الاحتجاجات مماثلة لما حصل في تونس لكن مع ذلك فإن ما حدث بتونس يشير إلى أن الأوضاع السياسية في هذا الجزء من العالم قد تتغير بشكل مفاجئ وسريع بشكل يصعب التنبوء به. وارتفعت تكلفة تأمين ديون منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بشكل حاد أمس الجمعة في ظل قلق المستثمرين بشأن الاستقرار السياسي في المنطقة. وارتفعت مبادلات الالتزام مقابل ضمان لديون مصر لاجل خمس سنوات بمقدار 17 نقطة أساس إلى 405 نقاط، وهو أعلى مستوى لها منذ ابريل« نيسان« 2009 وفقا لمؤسسة ماركت.

وارتفعت مبادلات الالتزام مقابل ضمان لديون المغرب لاجل خمس سنوات بمقدار 23 نقطة أساس إلى 203 نقاط وهو أعلى مستوى لها في 18 شهرا. وجرى تداول مبادلات الالتزام مقابل ضمان لديون تونس لاجل خمس سنوات عند أعلى مستوى في 18 شهرا البالغ 205 نقاط دون تغيير عن اغلاق يوم الخميس. وارتفعت مبادلات الالتزام مقابل ضمان لديون اسرائيل لاجل خمس سنوات أيضا بعدما أعلنت اسرائيل اجراءات لكبح تدفقات أموال المضاربة بينما واجهت الاصول التركية ضغوطا بسبب ارتفاع حاد في عجز ميزان المعاملات الجارية التركي.وارتفعت مبادلات الالتزام مقابل ضمان لديون اسرائيل لاجل خمس سنوات بمقدار تسع نقاط أساس إلى أعلى مستوى في 18 شهرا عند 134 نقطة في حين ارتفعت مبادلات الالتزام مقابل ضمان لديون تركيا بمقدار خمس نقاط أساس إلى 159 نقطة وهو أعلى مستوى لها في أربعة أشهر.