أحمد الحليمي: الزراعة والفوسفات أنقذا المغرب من الهزات العنيفة.. ومخاوف من ارتفاع أسعار النفط

وزير التخطيط استبعد أن تشهد بلاده اضطرابات.. وعزا ذلك إلى «قنوات الحوار» المفتوحة

قطاعات البناء والأشغال عرفت دينامية كبيرة من التوظيف في المغرب («الشرق الأوسط»
TT

استبعد أحمد الحليمي علمي، المندوب السامي للتخطيط (وزير التخطيط) احتمالات تعرض المغرب لاضطرابات اجتماعية على غرار تلك التي تعرفها بعض دول المنطقة. وقال الحليمي خلال تقديمه للتوقعات الاقتصادية لجهاز التخطيط للسنة الحالية، إن العالم كله يعرف مشكلات كبيرة «غير أن هناك دولا منظمة وتتوفر فيها قنوات لإيصال المطالب، وأن هناك دولا أخرى توجد فيها هذه القنوات في حالة انسداد»، على حد قوله. وعبر عن اعتقاده بأن المغرب محصن من الهزات العنيفة «سواء بسبب التطور الاقتصادي الذي يعرفه والإصلاحات الكبرى التي انخرط فيها، أو بالنظر إلى الديناميكية السياسية للبلاد رغم وجود صعوبات».

وأشار الحليمي، الذي كان يتحدث خلال لقاء صحافي في الدار البيضاء، إلى أن المغرب أدى ضريبة الأزمة المالية العالمية، وبدأ يسترجع قدراته على النمو الاقتصادي. وقال «خسرنا 2.5 في المائة من النمو الاقتصادي بسبب الأزمة العالمية خلال عام 2009، وقبل ذلك خسرنا 0.8 في المائة لنفس السبب في عام 2008. ومن حسن الصدف أننا عرفنا سنة زراعية استثنائية في عام 2009 بفضل الأمطار الغزيرة، أدت إلى تخفيف آثار الأزمة العالمية كثيرا على المغرب»، وزاد قائلا «وخلال السنة الماضية أيضا أنقذ ارتفاع أسعار ومبيعات الفوسفات الاقتصاد المغربي، ليحقق معدل نمو بنسبة 4.6 في المائة، واليوم بدأنا نخرج من آثار الأزمة ونتجاوزها، ونتوقع نموا اقتصاديا بنسبة 3.3 في المائة خلال العام الحالي، رغم استمرار الصعوبات الاقتصادية على المستوى العالمي».

وحذر الحليمي من مخاطر ارتفاع سعر النفط والمواد الأولية في الأسواق العالمية على الأسعار الداخلية في المغرب، وأشار إلى أن موازنة الحكومة المغربية للعام الحالي وضعت على أساس توقع متوسط سعر النفط في 75 دولارا للبرميل، وعلى هذا الأساس خصصت الحكومة 17 مليار درهم لدعم الأسعار الداخلية للطاقة والمواد الأساسية (الزيت والسكر والدقيق) في إطار صندوق الموازنة (مؤسسة حكومية تدعم أسعار بعض السلع الاستهلاكية) غير أن التطورات تشير إلى خطأ هذا التقدير، وأن متوسط سعر البترول سيكون أكبر من ذلك بكثير.

وأضاف الحليمي أن الحكومة سارعت إلى تعديل توقعاتها وأعلنت عزمها تحويل 10 في المائة من ميزانيتها الاستثمارية إلى صندوق المقاصة المخصص لدعم الأسعار، ورفع ميزانيته من 17 إلى 22 مليار درهم. غير أن ذلك لن يكون كافيا، على حد تقديره، وهو يرى أن الأمر سيتطلب تحويل نحو 50 في المائة من ميزانية الاستثمارات الحكومية المقررة خلال هذه السنة إلى صندوق المقاصة. غير أنه أشار إلى أن الحكومة لن تعدم وسيلة لمواجهة التضخم المرتقب كما فعلت خلال السنوات الأخيرة.

وعزا الحليمي هذه المخاطر إلى استمرار المضاربة في الأسواق العالمية على النفط والمواد الأولية، وقال «هناك عمليات شراء كبيرة للنفط والمواد الأولية في الأسواق الدولية من طرف مستثمرين كبار بهدف التخزين وإعادة بيعها بعد ارتفاع الأسعار. وهذه العمليات بدأت مع المشكلات التي عرفها الإنتاج الزراعي في روسيا وبعض البلدان الآسيوية، والتي استغلها المضاربون من أجل تحقيق أرباح. ولا تزال عمليات المضاربة تتواصل في الأسواق العالمية وتغذي ارتفاع الأسعار».

وتتوقع المندوبية السامية للتخطيط، وهي إدارة رسمية لكنها مستقلة عن الحكومة، ويرأسها أحمد الحليمي (بدرجة وزير) أن يتجاوز متوسط سعر النفط خلال السنة الحالية سقف 90 دولارا، مع تذبذبات كبيرة، حيث يرتقب أن يتجاوز سعر البترول سقف المائة دولار للبرميل في بعض الفترات، خاصة أن السنة الحالية ستعرف طلبا كبيرا على الطاقة بسبب برودة الجو. كما تتوقع مندوبية التخطيط استمرار انخفاض الدولار لفائدة اليورو، الشيء الذي سينعكس على ارتفاع أسعار السلع المستوردة من الاتحاد الأوروبي، الذي يعتبر الشريك التجاري الأساسي للمغرب.

ودعا الحليمي المغاربة إلى استهلاك الإنتاج الوطني، مشيرا إلى أن انفتاح المغرب وإزالة الحواجز الجمركية في إطار التزاماته الدولية، خاصة معاهدة التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي، من شأنها أن تغرق الأسواق بالمنتجات المستوردة، كما دعا إلى ضرورة العناية بتنافسية الشركات المغربية والرفع من جودة منتجاتها، وضرورة الوعي والتربية على إعطاء الأولوية للإنتاج المحلي عند الاستهلاك.

وأشار الحليمي إلى أن مندوبية التخطيط وضعت توقعاتها لنمو الاقتصاد المغربي على أساس إنتاج زراعي متوسط خلال العام الحالي، وتراجع طفيف في وتيرة نمو الطلب الدولي على المنتجات المغربية، الذي توقع أن تهبط نسبة ارتفاعه إلى 6 في المائة خلال العام الحالي مقابل 10 في المائة في السنة الماضية، بالإضافة إلى توقع متوسط سعر النفط في 90 دولارا للبرميل. وقال الحليمي إن نمو الاقتصاد المغربي يقدر على هذا الأساس بنحو 4.6 في المائة خلال السنة الحالية، بعد تحقيق نمو بنسبة 3.3 في المائة خلال العام الماضي.

وبشأن تمويل النمو الاقتصادي المرتقب، أشار الحليمي إلى أن الهوة بين حجم الادخار وحجم الاستثمار في ارتفاع خلال السنوات الأخيرة، إذ إن الاستهلاك ينمو بوتيرة أسرع من نمو الادخار. وقال إن حجم الادخار المرتقب خلال العام الحالي يعادل 24.1 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، مقابل 24.6 في المائة خلال العام الماضي، في حين أن حجم الاستثمار المتوقع يقدر بنحو 35.6 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي مقابل 34.2 في المائة في العام الماضي. وبالتالي هناك عجز في تمويل الاستثمار يقدر بنحو 11 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي للمغرب. وأضاف أن هذا العجز يرتقب أن يتم تمويله بنسبة 65 في المائة من طرف تحويلات المغاربة المهاجرين، والباقي يراهن المغرب على مساهمة الاستثمارات الخارجية لتمويله.

ويرى الحليمي أن حجم الاستثمارات الخارجية المرتقب خلال العام الحالي سيفوق التوقعات نظرا لوجود وفرة في رؤوس الأموال التي تبحث عن فرص في البلدان النامية بسبب الصعوبات التي تجتازها البلدان المصنعة.

وبخصوص البطالة وسوق العمل، أعلن الحليمي أنه بصدد إعداد «ندوة وطنية» تشارك فيها كل الفعاليات ذات الصلة من أجل بحث هذا الموضوع الشائك. غير أنه أشار إلى استقرار معدل البطالة في مستوى 9 في المائة.

وأوضح أن قطاعات البناء والأشغال هي التي تعرف دينامية كبيرة من حيث التوظيف في المغرب.