السعودية: تركيز الصناعات في المدن الرئيسية يهدد برفع البطالة

نائب رئيس اللجنة الصناعية في مجلس الغرف: قطاع الصناعة كفيل بخلق فرص لاستيعاب الخريجين

تنادي أصوات صناعية في السعودية بإيجاد مناطق صناعية خارج المدن الرئيسية لاستيعاب مخرجات التعليم المتنامية (تصوير: خالد الخميس)
TT

حذر خبير اقتصادي من تجاهل العوامل الداعمة لارتفاع معدل البطالة في السعودية بين خريجي الجامعات والكليات التقنية والمعاهد المتخصصة، في ظل تحديد نطاق قطاع الأعمال في المدن الرئيسية، التي تشهد هي الأخرى هجرة هائلة من أبناء المناطق والمحافظات الأخرى في سبيل البحث عن فرص وظيفية.

وقال سلمان الجشي، نائب رئيس اللجنة الصناعية بمجلس الغرف السعودية، إن استمرارية تلك الهجرة دون توسع في نطاق الأعمال أو إعطاء المناطق الأخرى حقها من التراخيص، ودعم الاستثمارات في المناطق الأقل نموا لاستغلال الميزة الاستثمارية لكل منطقة، ستدفع المدن الكبرى حتما التكلفة المضاعفة لفاتورة الهجرة إليها. وأوضح الجشي أنه من الصعب أن تستوعب سوق العمل بوضعها الحالي كل الخريجين خلال السنوات المقبلة، خاصة أن عدد الخريجين في تزايد مستمر في ظل استحداث جامعات في كل مناطق السعودية وفتح فروع لها في المحافظات الكبيرة، إضافة إلى اعتماد المئات من الكليات التقنية والمعاهد المتخصصة التي تسهم في بناء الإنسان وتأهيل الخريجين لسوق العمل.

وأبان الجشي الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط» أنه من المؤسف عدم ملاحظة أي حراك أو تبن من مبادرات من جهات معنية لتهيئة بيئة عمل تستوعب أعداد الخريجين، مشيرا إلى أن قطاع الصناعة الذي يعد خيارا استراتيجيا لرفع معدل الناتج القومي كفيل بخلق فرص وظيفية لاستيعاب النسبة الأكبر من الخريجين.

ولفت الجشي إلى أن هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية (مدن) لديها مخزون هائل من الأراضي غير المطورة في مختلف المناطق، وهي مطالبة بتطوير البنى التحتية للمدن الصناعية المقترحة في كل منطقة، لفتح المجال أمام الصناعيين الذين سيتحملون حتما تكلفة التشغيل انطلاقا من واجبهم في خدمة مناطقهم ووطنهم، وبما يدعم التنمية المستدامة.

وأكد أن المسارعة في تطوير المدن الصناعية في المناطق الأقل نموا ستخلق فرصا استثمارية جيدة وكذلك استيعاب الخريجين كل في منطقته، وبالتالي يحقق ذلك توازنا تنمويا واستراتيجيا ويساهم في التقليل من الهجرة إلى المدن الرئيسية، إضافة إلى تنوع الاستثمارات باستغلال الميزة الاستثمارية لكل منطقة مما سينعكس على الدخل القومي.

وطالب الجشي، الذي يرأس اللجنة الصناعية في غرفة الشرقية وزارة المالية، بإعادة النظر في ميزانية هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية (مدن) كي تتمكن من القيام بدورها في تطوير المدن الصناعية ودفع المستثمرين لتوسيع استثماراتهم بما يعود بالنفع على الجميع، مضيفا أن عمليات التطوير والتوسع تحتاج إلى تمويل مالي وإذا لم تجد هيئة المدن التمويل الكافي فإن معوقات التنمية الصناعية ستبقى جاثمة على صدر المناطق الصناعية في المدن الأقل نموا.

وتابع «لست بصدد الدفاع عن (مدن) ولكننا كصناعيين نتطلع إلى تحفيز الهيئة لتقوم بدورها من خلال تمويلها على غرار تمويل الهيئة الملكية للجبيل وينبع التي حصلت على دعم قدر بنحو 100 مليار ريال (26.7 مليار دولار)، في حين أن هيئة المدن الصناعية لم تحصل سواء على 2.2 مليار ريال (587 ألف دولار)، وأن (مدن) معنية بتطوير كل المدن الصناعية فيالسعودية أما الهيئة الملكية تتركز خدماتها في منطقتين».

وأشار إلى أن اعتماد نحو 530 مليون ريال (141.3 مليون دولار) للمدينة الصناعية في سدير (وسط السعودية) خطوة مهمة، ولكن في نفس الوقت نطالب بأن يعمم هذا الدعم ليشمل كل المدن الصناعية في السعودية، خاصة أن «مدن» لديها تصور بإنفاق نحو 30 مليار ريال (8 مليارات دولار) خلال العشر السنوات المقبلة، وهذا بالطبع يتطلب تخصيص ميزانية ثابتة لـ«مدن» بواقع 3 مليارات ريال سنويا كي تفي بوعدها.

وشدد الجشي على أهمية دور وزارة المالية في دعم هذا التوجه بما يفتح فرصا استثمارية من شأنها أن تسهم في نمو المناطق الأخرى، وخاصة مناطق الأطراف الغنية بثرواتها، مضيفا أن صندوق التنمية الصناعي عليه مسؤولية أخرى في دعم التنمية في تلك المناطق، بإيجاد طرق مبتكرة للتمويل وتحفيز المستثمرين برفع نسبة التمويل من 50 في المائة إلى 75 في المائة. وقال الجشي إن كثيرا من الطلبات والفرص الاستثمارية متوقفة لعدم وجود مدن صناعية مهيأة الآن، مشيرا إلى أن هناك أكثر من 320 طلبا لإنشاء مصانع في الدمام فقط، ويقاس ذلك على المدن الأخرى، وهذا ما يدعو الصناعيين للمطالبة بدفع عجلة التنمية الصناعية بإزالة العقبات وخلق بيئة استثمارية تدعم التنمية المستدامة في أرجاء الوطن مترامي الأطراف.