الأسواق الشعبية في مصر.. السبيل الآمنة وقت الأزمات

نقل البضائع من أسواق الجملة أكبر عوائقها

TT

لم تعرف مصر معنى العمل وقت اضطرابات سياسية كبيرة تهدد أمن البلاد سوى خلال الأيام العشرة الماضية، ففي الوقت الذي تغلق فيه المحال الكبرى أبوابها أمام زائريها، التي تنتشر في المناطق الراقية أو في الميادين الرئيسية بمصر، تبقى الأسواق الشعبية الملاذ الذي يلجأ إليه أغلب سكان مصر، خاصة مع حلول الصباح بعد انتهاء حظر التجوال.

وفي حي عابدين الذي يبعد بضعة كيلومترات عن منطقة الاحتجاجات بميدان التحرير بقلب القاهرة، يصبح كل شيء جاهزا للعمل بسوق الاثنين والمحال المجاورة له بحلول الساعة السابعة صباحا، تفتح السوق أبوابها وقد تكون بضاعتها قد شارفت على النفاد بعد ساعات قليلة من بدء العمل.

«سوق الاثنين» محاطة بسور كبير، يتوافد إليها يوميا الكثير من سكان منطقة وسط البلد، سواء من المناطق الراقية أو المناطق المتوسطة، فهي الملاذ الآمن بالنسبة لهم، ويفترش الكثير من بائعي الخضراوات والفاكهة أرصفة الشوارع خارجها.

يقول عبد الفتاح (بائع الخضراوات) الذي يفترش بضاعته على عربة أمام باب السوق الكبرى، إن الطلب على بضاعته يزداد يوميا، لكنه يخشى ألا يستطيع تلبية هذه الطلبات المتزايدة. وتابع: «أعداد البائعين أقل بقليل عن الأيام العادية، والكثير من الخضراوات والفاكهة متوافرة في أسواق الجملة فلا يوجد بها نقص، ولكن القلق عند كافة البائعين هنا يكمن في كيفية توفير سيارات لنقل الخضراوات من تلك الأسواق».

وقال: «نبيع بأسعار مرتفعة قليلا، وارتفاع الأسعار الحالية سببه زيادة أسعار النقل، لأنها ارتفعت بشكل كبير الآن، ولكن هامش ربحنا يظل كما هو ثابتا».

عبد الفتاح يقول إن اللجان الشعبية التي تضم بعض سكان المناطق المجاورة من السوق تطوق جميع المداخل المؤدية للسوق، وتقوم بتفتيش كافة المارة، تجعل السوق أكثر أمنا من غيرها، فربات البيوت ينزلن بأطفالهن، والكثير من الشباب جاهزون لأي ظرف طارئ، فالجميع هنا في أمان.

وعلى بعد عشرة أمتار يشكل عرض أحد الشوارع التي تطل عليها السوق، يقع محال لبيع المواد الغذائية، يقول أحد العاملين فيه: «إن هناك نقصا كبيرا في المواد الغذائية بالبلاد، ويرجو من المتسوقين أن يحصلوا منه على احتياجهم الأساسي فقط، حتى تكفي البضاعة أغلبية الناس». ويقول إن ممثلي الشركات الغذائية تعهدوا بمعاودة إمداده بما يطلب خلال اليومين المقبلين.

وعلى الرغم من أن الظروف الراهنة لا تسمح لأحد بالتفكير في شراء الملابس، فإن عددا من محال بيعها المجاورة للسوق تفتح أبوابها. يقول يس الذي يقف على أبواب متجره الصغير: «لا أستطيع أن أغلق أبوابي، إنني أقوم بعملي فقط، ولن تحول الظروف بيني وبين رزقي، وبعض سكان المناطق قاموا بشراء بعض الملابس خلال اليومين الماضيين، كما أن بعضهم قرروا شراء بعض احتياجاتهم مني قبل الاضطرابات».

وبحلول الساعة الرابعة عصرا تكون «سوق الاثنين» خالية تقريبا من أي مارة، فالبائعون يغلقون أبواب محالهم، استعدادا ليوم يبدأ وينتهي مبكرا.