البنك المركزي المصري يتدخل لدعم الجنيه أمام الدولار

تمكن من تغطية «أذون خزانة» قيمتها 2.2 مليار دولار مرة ونصف المرة

تراجع الجنيه المصري أمام الدولار منذ بدء الاحتجاجات السياسية في 25 يناير (كانون الثاني) واقترب من 6 جنيهات في تعاملات الأحد الماضي (أ.ب)
TT

تدخل البنك المركزي المصري أمس في السوق المصرفية لدعم الجنيه (لأول مرة منذ عامين) مما ساعد العملة المحلية على الارتفاع مقابل الدولار للمرة الأولى منذ تفجر الاضطرابات السياسية بمصر، في الوقت نفسه أعلنت وزارة المالية أن عدة بنوك تجارية (لم تحددها) تقدمت بعروض تغطي عطاء أذون الخزانة التي أصدرتها الاثنين الماضي مرة ونصف المرة والتي بلغت قيمتها 13 مليار جنيه (2.2 مليار دولار).

وقال هشام رامز نائب محافظ البنك المركزي المصري، إن «المركزي» تدخل أمس في السوق المصرفية، مما دفع الدولار للتراجع أمام الجنيه المصري لدى الإغلاق بمقدار 10 قروش. وأكد محمد الأبيض رئيس شعبة شركات الصرافة المصرية، وجود وفرة في المعروض من الدولار لدى شركات الصرافة قابله طلب أقل من المتعاملين، وقال إن متوسط سعره بلغ لدى الإقفال 5.88 قرش. وقال الأبيض: «من حق البنك المركزي ضبط السوق في وقت الأزمات للحد من تراجع الجنيه»، منبها في الوقت نفسه إلى أن من أهم المشكلات التي تواجه البنوك وشركات الصرافة هو تأمين نقل الأموال.

وتراجع الجنيه المصري أمام الدولار منذ بدء الاحتجاجات السياسية في 25 يناير (كانون الثاني) واقترب من 6 جنيهات في تعاملات الأحد الماضي، الذي استأنفت فيه البنوك المصرية العمل.

وأكد هشام رامز أن البنك المركزي يراقب حركة السوق المصرفية بشكل دائم، مؤكدا استعداده للتدخل الفوري في أي وقت إذا ما اقتضت الظروف ذلك، مشيرا إلى أن احتياطات العملات الأجنبية الموجودة لدى «المركزي» (36 مليار دولار) تساعد على تحقيق التدخل السريع والمنظم. ورأى متعاملون أن تدخل «المركزي» المصري جاء لاستعادة الثقة قبل استئناف حركة التداول في البورصة المصرية المقرر يوم الأحد المقبل.

من جهتها، اعتبرت وزارة المالية المصرية إقبال البنوك التجارية على عطاء أذون الخزانة أنه يعكس مدى السيولة المتوافرة بالقطاع المصرفي المصري وثقة المؤسسات المالية في قدرة الاقتصاد المصري على تدارك الأزمة التي خلفتها الأحداث الراهنة، بينما بررت تقليص العطاء إلى 13 مليار جنيه بدلا من 15 مليارا بهدف الحفاظ على سقف أسعار الفائدة على أذون الخزانة من القفزات المبالغ فيها.

في الوقت نفسه، أكد الدكتور سمير رضوان وزير المالية المصري، أن مصر لن تلجأ إلى صندوق النقد الدولي لمواجهة الخسائر المالية التي نجمت عن الأحداث التي شهدتها مصر مؤخرا. وكشف رضوان عن أن محافظ البنك المركزي المصري بعث برسالة رسمية إلى صندوق النقد الدولي الجمعة الماضي أعلن فيها عدم حاجة بلده إلى أي مساعدة مالية من الصندوق، معتبرا أن الإجراءات التي تتخذها الحكومة حاليا كافية لمواجهة الأزمة التي تمر بها مصر. وأضاف عقب اجتماع لجنة الخطة والموازنة في البرلمان المصري أن المرحلة القادمة نركز فيها على أهداف واضحة، وهي مراعاة عدم الوقوع في «فخ» زيادة عجز الموازنة، وأن تكون الإجراءات العاجلة خاصة بعد أحداث 25 يناير، تصب في توجه استراتيجي لخطة عمل وزارة المالية والإجابة عن التساؤلات كافة بكل وضوح وشفافية.

وتعهد وزير المالية المصري بأن يكون دور الموازنة العامة والإنفاق العام يتجه نحو تحقيق العدالة الاجتماعية، ومواجهة نتائج الأحداث الجارية بحلول لها مستديمة، ومساعدة المتضررين.

وقال الدكتور أحمد جلال، الخبير السابق في البنك الدولي، لـ«الشرق الأوسط»، إن رفض إجمالي مساعدات صندوق النقد الدولي على الإطلاق «ليس بمعقول»، موضحا أن هذه المؤسسة الدولية لا يقتصر دورها على تقديم مساعدات مالية فقط، بل تقدم مساعدات فنية للتغلب على مشكلات في الاقتصاد الكلي، مثل عدم استقرار السياسات الاقتصادية أو العجز الكبير في الموازنة وميزان المدفوعات أو الفشل في سداد الديون الخارجية.

ونبه جلال إلى أن طبيعة عمل صندوق النقد تختلف عن البنك الدولي الذي يقدم مساعدات أوسع للتغلب على مشكلات تواجه الدول في الاقتصاد الحقيقي مثل خدمات البنية الأساسية أو التعليم، مضيفا أن مصر ستحتاج إلى مساعدات أكبر من خدمات البنك الدولي في ظروفها الحالية خاصة بعد الأحداث الأخيرة لمكافحة الفقر وتحسين التعليم ومواجهة المشكلات الاقتصادية التي ستنتج بعد الأزمة الحالية.

ورأى الدكتور أحمد جلال أن مصر تملك القدرة على سداد ديونها الخارجية (34.7 مليار دولار) ولديها احتياطي نقدي (36 مليار دولار) يمكنها من مواجهة ضغوط سعر الصرف، لافتا إلى أن الحاجة إلى مساعدة صندوق النقد ليس معناها أن هناك أزمة مالية كبرى تهدد الاقتصاد.

وقال صندوق النقد الدولي إنه من السابق لأوانه معرفة تأثير الاحتجاجات العنيفة في مصر على الاقتصاد وعلى دول المنطقة، إلا أنه أعلن استعداده لتقديم المشورة لمصر فور استعادة الهدوء.

وأنهت بعثة للصندوق زيارة إلى مصر مع بداية المظاهرات ضد الرئيس حسني مبارك، لصياغة التقرير السنوي حول اقتصاد مصر، لكنها لم توضح ما إذا كانت إدارة الصندوق ستتحدث إلى الحكومة الحالية.

وتوقع الصندوق أن يشهد الاقتصاد المصري تحسنا هذا العام قبل تفجر الأحداث الحالية، وأن يبلغ بنهاية السنة المالية الحالية في يونيو (حزيران) المقبل 5.8 في المائة، ويزيد بنهاية السنة المالية التالية إلى 6 في المائة.

وأكدت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الدولية أن ما حدث بمصر فيما عرف بـ«ثورة الغضب»، واستمرار الاحتجاجات وغلق المصارف والبنوك لمدة 12 يوما، وتعطل العمل في البورصة، بالإضافة إلى خسائر قطاع السياحة، أدى إلى خفض توقعاتها لمعدل النمو للعام الحالي من 5.3 في المائة إلى 3.7 في المائة.