البدري لـ «الشرق الأوسط»: «أوبك» ليست بحاجة إلى عقد اجتماع استثنائي

الأمين العام لـ«أوبك» أكد أن الأسواق النفطية مستقرة وعدم رضاه عن مستوى الالتزام بالحصص

سالم البدري
TT

قال عبد الله سالم البدري، السكرتير العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، إن الأسواق العالمية للنفط مستقرة بدرجة لا تستدعي عقد «أوبك» لاجتماع طارئ أو استثنائي، موضحا أن طاقة الإنتاج الاحتياطي للمنظمة مناسبة وأن الإمداد متواصل دون انقطاع وأن المنتجين يراقبون بيقظة الأسواق وعلى استعداد وجاهزية تحسبا لأي طارئ. جاء ذلك في تصريحات أدلى بها البدري لـ«الشرق الأوسط»، مبينا في ذات السياق أن أي تأثير قد يطرأ من تغيير سير العمل في قناة السويس سيكون له تأثير وقتي وعلى مدى قصير.

وعبر البدري عن عدم رضاه بالمستوى الحالي لالتزام دول «أوبك» بحصصهم الإنتاجية، مشيرا في ذات الوقت إلى ما تبديه الأسواق من تأقلم مع المستوى الحالي للإنتاج.

* ما تأثير أحداث مصر واحتمالات اضطراب مرور الحاويات النفطية عبر قناة السويس؟

- إن كميات النفط التي تمر في الاتجاهين من الجنوب إلى الشمال ومن الشمال إلى الجنوب عبر قناة السويس، وكذلك خلال خط أنابيب السوميد الذي يربط العين السخنة على خليج السويس وسيدي كرير على البحر الأبيض المتوسط، تتراوح بين 2 و3 ملايين برميل في اليوم من النفط الخام ومن المنتجات النفطية. نحن نأمل بالطبع أن لا يحدث مكروه في الشقيقة مصر، وأن لا يقع ما يؤثر على إمدادات النفط في أي مكان في العالم، لكن التأثير الرئيسي في حالة قناة السويس، لا سمح الله، لأي سبب من الأسباب سيكون في زيادة زمن الناقلات نتيجة لاضطرارها إلى الدوران حول رأس الرجاء الصالح، بما يقدر بـ8 أيام بالنسبة للناقلات المتجهة إلى أميركا الشمالية و15 يوما بالنسبة لتلك المتجهة إلى أوروبا. وهذا يعني بالطبع زيادة تكلفة النقل، وقد ينعكس بالتالي على الأسعار ارتفاعا طفيفا. لكن مثل هذا التأثير سوف يكون وقتيا على المدى القصير. أما على المدى المتوسط والمدى الطويل فنحن واثقون أن صناعة النفط العالمية سوف يكون بإمكانها التأقلم مع هذه الحالة الافتراضية، لتعيد بسرعة التوازن بين العرض والطلب. على كل حال نحن نأمل، كما أسلفت، أن يسود الهدوء والاستقرار مرة أخرى في الشقيقة مصر.

* في سياق موازٍ، هل تؤثر عمليات إغلاق الإنترنت على عملكم؟

- لا شك أن ثورة الاتصالات والتقنيات الحديثة قد طالت جميع نواحي حياتنا اليومية وفي جميع المجالات، ومن ذلك أنها أوجدت سبلا جديدة لأداء الأعمال بما في ذلك تلك المتعلقة بأسواق الطاقة، ولهذا فإنه من الطبيعي أن يتأثر عملنا إذا حدثت انقطاعات على نطاق واسع في تلك التقنيات.

* ما رأيكم في القول إن آثار ما يحدث في مصر قد لا تقتصر على الأوضاع حاليا، بل وستظهر على المدى البعيد؟

- كما ذكرت، فإن التأثير وقتيّ، ونأمل أن يتمكن الإخوة المصريون من التوصل في أقرب وقت ممكن إلى الحلول التي يرونها مناسبة للأوضاع التي يمرون بها في الوقت الحالي.

* هل سعر 100 دولار للنفط مقبول؟ وما السقف الذي لن تقبلوه (ارتفاعا أو انخفاضا)؟

- من الواضح تماما أن مخزونات النفط الخام والمنتجات النفطية، الاستراتيجية والتجارية على السواء، كافية تماما، كما أن طاقة الإنتاج الاحتياطي في دول «أوبك» مناسبة، والإمداد متواصل بلا توقفات. كل هذا يدفعني إلى القول بثقة إنه لا علاقة للزيادة في السعر بأي تهديد متخيل للإمدادات النفطية.

أما بالنسبة للدول الأعضاء في «أوبك» فإن كلا منها دولة ذات سيادة على سياساتها النفطية، وهي بالطبع تعبر عما تراه متوافقا مع تلك السياسات، دون أن يعني ذلك أن ما تصرح به دولة عضو ينسحب على بقية الأعضاء. وأما بالنسبة لـ«أوبك» كمنظمة فإننا لا نحدد أسعار النفط. إن أسعار النفط تتحرك صعودا أو هبوطا وفق حالة السوق. وتتدخل المنظمة لتصحيح الأوضاع غير المناسبة، أو عند أي طارئ يوثر على الإمدادات أو على الأسعار.

* سيادة الأمين العام، وفقا للأحداث الحالية نتوقع أنكم تجرون مشاورات مع دولكم الأعضاء، وفي هذا السياق نتساءل: هل ترون ضرورة للتدخل؟ وما مدى استعدادكم لو قررتم ذلك؟ وهل هناك نيات للدعوة لمؤتمر استثنائي أم يقتصر الأمر على مشاورات هاتفية؟

- في الوقت الحالي، أوضاع سوق النفط لا تستدعي الدعوة لاجتماع طارئ لـ«أوبك»، لكننا بالطبع سنبقى على مراقبتنا اليقظة والدائمة للسوق. وكجزء أساسي من عمل المنظمة فإن الاتصالات بين ومع الدول الأعضاء مستمرة. وسوف تتدخل «أوبك»، كما فعلت في السابق، بزيادة أو خفض الإنتاج عندما تكون هناك ظروف تربك السوق بما يستدعي التدخل.

* سيادة الأمين العام، هل لنا أن نقف على بعض من «نوعية النصائح» التي تقدمونها هذه الأيام للدول الأعضاء؟ بماذا تشيرون وفقا لدراساتكم ومتابعاتكم المتقصية للأوضاع بالأسواق في ظل ما يحدث؟

- في إطار مشاوراتنا المستمرة فإننا نقدم لدولنا الأعضاء رؤيتنا لأوضاع سوق النفط وفق ما تقوم به سكرتارية المنظمة من دراسات وتحليلات، وفي الوقت الحاضر فإننا نبلغ دولنا بأن الأسواق مستقرة، وأن الأسعار ملائمة، وأنه لا يوجد في أوضاع الأسواق ما يدعو للارتباك.

* أشرتم إلى أن الاستثمارات بدول «أوبك» وصلت إلى 155 مليار دولار، بديهي أن الاستثمار يحتاج إلى استقرار بينما تؤكد كل القرائن أن المنطقة قد تشهد تغييرا. كيف ترون هذه المعادلة؟

- كما أشرتم في السؤال، فإن الاستقرار الجيوبوليتيكي متطلب ضروري ولا غنى عنه للقيام بالاستثمارات المطلوبة لضمان إمدادات النفط، وعليه فإننا نأمل أن يسود الاستقرار لكي تتمكن دول «أوبك» من الاضطلاع بدورها، وهو دور شديد الأهمية في سوق النفط.

* كيف تقيمون الالتزام بالحصص حاليا؟

- لست راضيا عن درجة الالتزام بالحصص، وأتمنى مستوى أعلى من الالتزام، ولكن يبدو أن السوق يمكنها في الوقت الراهن التأقلم مع المستوى الحالي للإنتاج.

* وماذا عن المضاربات والمضاربين؟ لا بد أنهم الأكثر سعادة بأوضاع القلق وعدم اليقين هذه، فهل يمثلون خطورة أم مقدور عليهم بمزيد من العرض ويقين من جهة الطلب؟

- مما لا شك فيه أن المضاربة الزائدة عن الحاجة في أسواق النفط تؤثر تأثيرا بالغ السلبية على استقرار الأسعار. لقد رأينا ذلك بكل وضوح في صيف 2008 عندما بلغت الأسعار مستويات قياسية على الرغم من أن الإمدادات كانت وفيرة. هذا يشير إلى أن المضاربة كظاهرة لا علاقة لها بالعرض والطلب، لكن يجب أن تقوم الحكومات بإدخال إصلاحات ملائمة للتحكم في أسواق المال.