أميركا تخصص 3.73 تريليون دولار لميزانية العام 2012

الإنفاق العسكري 553 مليار دولار.. وتركيز على الاستثمار في التعليم والبنى التحتية

الرئيس الأميركي باراك أوباما يتحدث مع مدير الميزانية في البيت الأبيض جاكوب لو أمس (أ.ف.ب)
TT

قدم الرئيس الأميركي باراك أوباما مشروع الميزانية الأميركية لعام 2012 بقيمة 3.73 تريليون دولار يوم أمس، استعدادا لأشهر طويلة من الصراع مع الجمهوريين حول الصيغة النهائية للميزانية. ودافع أوباما عن مسودة الميزانية التي نشرت أمس خلال خطاب ألقاه في مدرسة، ضمن تركيزه على أهمية التعليم لتحسين الاقتصاد الأميركي مستقبلا. ويشدد أوباما على أهمية تجميد الإنفاق العام بالإضافة إلى الاستثمار في التعليم والبنى التحتية الأميركية. وبينما أعلنت الإدارة الأميركية عن عزمها تقليص الإنفاق العسكري بقيمة 78 مليار دولار خلال 5 سنوات، فإن 19 في المائة من الميزانية مخصصة للإنفاق العام الذي يصل إلى 553 مليار دولار.

ومن المرتقب أن تشهد واشنطن معركة مطولة بين البيت الأبيض والجمهوريين، الذين باتوا يسيطرون على مجلس النواب بعد انتخابات الكونغرس النصفية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وبينما يجب المصادقة على ميزانية 2012 بحلول الأول من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، حيث تدخل حيز التنفيذ، من المتوقع أن تشهد الميزانية مراجعات عدة خلال الفترة المقبلة.

وقال مدير الموازنة في البيت الأبيض جاكوب لو لقناة «سي إن إن» «إن التحدي الذي نواجهه، هو أن نعيش وفقا لإمكانياتنا مع الاستثمار في الوقت نفسه للمستقبل». وهذا محور أساسي في خطاب أوباما حول الميزانية، الذي يركز على «إسراف أقل وكفاءة أعلى». واختار أوباما مدرسة «بارك فيل» في ولاية ماريلاند لإلقاء خطابه الأول بعد نشر تفاصيل الميزانية ضمن جهوده للتركيز على التعليم. وقال أوباما صباح أمس: «خلال الأسابيع الماضية تجولت في البلاد للحديث عن أفضل الطرق لتحسين أوضاعنا مثل الاستثمار في الإنترنت والمواصلات والتعليم.. كي يصبح كل أميركي قادرا على التنافس مع أي شخص حول العالم». ولكنه أضاف: «الطريقة الوحيدة للاستثمار في المستقبل هو أن تصرف الحكومة بحسب قدراتها، والعمل على تقليص العجز العام».

وتعالج مسودة الميزانية قضية العجز الأميركي، حيث خفض العجز الأميركي بمقدار 1.1 تريليون دولار على مدى أكثر من عشر سنوات، من خلال تقليص الإنفاق العام وزيادة عائدات الضرائب. وهناك تركيز في واشنطن على أهمية خفض العجز العام المتوقع أن يصل إلى 1.6 تريليون دولار هذا العام، مما يشكل نحو 9.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الأميركي. والتزم أوباما في مسودة الميزانية بتعهده بخفض العجز العام بمقدار 400 مليار دولار خلال العقد المقبل.

وأظهرت تفاصيل الميزانية المقترحة التي عرضها البيت الأبيض قبل إصدارها رسميا ارتفاع العجز إلى 1.645 تريليون دولار في السنة المالية 2011 ثم انخفاضه بحدة إلى 1.101 تريليون دولار في 2012. وعلى الرغم من أن الإدارة الأميركية تشير إلى أن العجز خلال عام 2010 كان 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي فإن هذه النسبة ما زالت عالية جدا مقارنة بسنوات ماضية.

وانتقد عدد من الجمهوريين البارزين مسودة الميزانية الجديدة، مطالبين بخفض أعلى في الإنفاق العام، مطالبين بتخفيض الميزانية الحالية بقيمة 74 مليار دولار للعام المقبل. واعتبر رئيس مجلس النواب الجمهوري جون بينر أن ميزانية أوباما «ستدمر فرص خلق الوظائف لأنها تشمل إنفاقا زائدا وتفرض ضرائب عالية».

وشدد أوباما على أهمية المحاسبة في الإنفاق الحكومي، قائلا «نطالب بالمحاسبة، بدلا من الإنفاق أولا وطرح الأسئلة، بعدها، نطالب بالمحاسبة». وتعهد أوباما أمس بنقض أي تشريعات من الكونغرس تشمل بنودا تفيد ولاية أو أخرى من خلال إنفاق غير مسؤول أو كفؤ. وأضاف أوباما: «الطريقة الوحيدة لتقليص العجز، علينا تقليص الإنفاق الزائد في أي مجال... هناك حاجة للتعاون بين الديمقراطيين والجمهوريين من أجل تقليص العجز». ولكنه شدد على أنه «بينما نقلص من الإنفاق ونعمل على التوفير، لا يمكننا التقصير في مستقبلنا.. وهذا مهم على شكل أخص في تحديد مستقبلنا».

ومع عودة النمو، تتوقع الحكومة الأميركية بالفعل زيادة عائدات الضرائب بنسبة 21 في المائة عام 2012، لتصل إلى 2627 مليار دولار. وتتوقع موازنة أوباما خصوصا التخلي عن تخفيضات الضرائب بالنسبة إلى الأسر الأكثر ثراء، والتي قررها سلفه جورج بوش وتم تمديد العمل بها مؤخرا كبادرة مصالحة مع المعارضة الجمهورية. وتتوقع أيضا إلغاء 12 إعفاء ضرائبيا كان يستفيد منها منتجو النفط والغاز والفحم، عازمة على توفير 46 مليار دولار على مدى عشرة أعوام. ولذلك، تتوقع الإدارة تخفيض 78 مليار دولار من نفقات وزارة الدفاع، بالإضافة إلى تخفيضات في مشاريع أخرى مثل تمويل القروض لطلاب الجامعات. ولكن مع مواصلة تبعات الأزمة المالية على البلاد، أعلن البيت الأبيض عزمه الاحتفاظ بالمساعدات الحكومية للعاطلين عن العمل في حين تبقى العمالة نقطة الضعف في الاقتصاد الأميركي مع معدل بطالة نحو 9 في المائة. وينص مشروع الميزانية الجديدة على ارتفاع بنسبة 11 في المائة للتعليم، بالإضافة إلى استثمار 18 مليار دولار في الإنترنت و8 مليارات دولار في تطوير القطارات السريعة.

وفي ما يخص الإنفاق العسكري، خصص 553 مليار دولار للميزانية العسكرية، بزيادة 22 مليار دولار عن عام 2010. كما تشمل الميزانية 118 مليار دولار إضافية للحرب في أفغانستان والإنفاق العسكري في العراق وباكستان، ليصل الإنفاق الإجمالى 671 مليار دولار. وتشمل الميزانية 2.3 مليار دولار للأمن الإلكتروني، مع اهتمام متزايد من الإدارة الأميركية في هذا المجال.

وبالإضافة إلى الإنفاق العسكري، تشهد ميزانية «الأمن القومي» الأميركية زيادة بنسبة 2 في المائة للعام المقبل. وتطلب الإدارة الأميركية في مسودة الميزانية للعام المقبل 43.8 مليار دولار للأمن الداخلي، في زيادة 800 مليون دولار عن عام 2011.