مجموعة العشرين تتوصل لحل وسط بشأن الاختلالات الاقتصادية

بعد مفاوضات «صريحة ومتوترة أحيانا»

صورة عامة لاجتماع وزراء مالية دول مجموعة العشرين في باريس أمس (رويترز)
TT

قالت وزيرة الاقتصاد الفرنسية، كريستين لاغارد، إن دول مجموعة العشرين توصلت إلى حل وسط بشأن مؤشرات يمكن استخدامها لمعالجة الاختلالات الاقتصادية العالمية، وذلك خلال مفاوضات «صريحة ومتوترة أحيانا في باريس أمس».

وقالت لاغارد، التي رأست المحادثات: «لم يكن الأمر سهلا، فقد كانت هناك مصالح متباينة بوضوح، لكن استطعنا التوصل إلى حل وسط»، مشيرة إلى أن المؤشرات تشمل المديونية والعجز والمدخرات والاستثمار والتجارة وميزان المعاملات الجارية.

وكانت الصين قد عارضت محاولات لاستخدام أسعار الصرف الحقيقية والاحتياطيات النقدية لقياس الاختلالات، ولم يذكر الوزراء أيا من المعيارين كمؤشر في حد ذاته.

واجتمع وزراء مالية دول مجموعة العشرين، التي تسهم بنسبة 85 في المائة من الناتج الاقتصادي العالمي في باريس، لبحث تلك المؤشرات، في محاولة لرسم خطوط المرحلة التالية من استراتيجيات السياسة الاقتصادية، بغية تفادي تكرار الأزمة المالية العالمية التي تفجرت عام 2008.

وأجرى الوزراء محادثات بعد أن عمل مفاوضوهم طوال الليل لحل الخلافات حول أفضل الطرق لمعالجة اختلال التوازن في التجارة العالمية والعملات.

وجرت مناقشة أربع مجموعات من المؤشرات: اثنتان لقياس الخلل الداخلي لبلد ما (العجز والديون العامة من جهة، والادخار الخاص من الجهة الأخرى)، واثنتان للخلل الخارجي (حصيلة ميزان التعاملات الجارية واحتياط القطع ومعدل الصرف بالأرقام الفعلية).

وفي كلمته الترحيبية، أول من أمس، الجمعة، حذر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الوزراء من أن الفشل في وضع المصالح الوطنية جانبا والتوصل إلى اتفاق سيؤدي إلى قتل مجموعة العشرين.

وقال ساركوزي إن «إغراء إعطاء الأولية للمصالح الوطنية كبير. ولكن دعوني أقل لكم بوضوح إن ذلك سيكون فيه موت مجموعة العشرين».

وعقب الأزمة الاقتصادية التي شهدها العالم عام 2008، قرر قادة العالم تشكيل مجموعة العشرين بدلا من مجموعة الثمانية لأكبر الدول الصناعية، إضافة إلى روسيا.

ومن بين أهم مبادرات المجموعة، محاولة تجنب حدوث أزمة أخرى، من خلال تحسين التنسيق الاقتصادي، ولكن يجب أن تتفق تلك الدول مجتمعة على مجموعة من المؤشرات الاقتصادية من أجل التوصل إلى توصيات لتحديد السياسة.

وترغب فرنسا في التوصل إلى اتفاق بالسرعة الممكنة حتى يتمكن صندوق النقد الدولي، في النصف الثاني من هذا العام، من رفع توصيات للسياسة الاقتصادية للدول.

وقال أحد المفاوضين: «نحتاج إلى أداة قياس عاملة حتى نستطيع قياس غياب التوازن في كل جوانبه، ولوضع تشخيص مفيد بالقدر الممكن».

ولا تزال الصين تتردد في الموافقة على مؤشرات معينة تجري دراستها، حسبما أفاد به مصدر دبلوماسي شارك في عشاء عمل للوزراء مساء الجمعة. وقال المصدر: «توجد ثلاثة خيارات: إما تبني مجموعة إجراءات، أو عدم تبني أي شيء، أو محاولة التوصل إلى تسوية بشان المؤشرات الرئيسية والثانوية، أو حتى تلك التي تنفذ فورا وغيرها تنفذ لاحقا». وتتمحور الخلافات على المؤشرات الخارجية التي تضم جوانب مختلفة لمكانة الدولة مقارنة مع باقي دول العالم، ولذلك فإنها مهمة للغاية لقياس التوازن بين هذه الدول، ومثال على ذلك فائض التجارة الصيني الهائل مع الولايات المتحدة، الذي تلقي واشنطن بمسؤوليته على ضعف سعر صرف اليوان.

وأضاف المصدر أن «الصين مترددة، وتفضل أن يكون المؤشر بشأن ميزان التجارة وليس ميزان الحساب الجاري» الذي تفضله باقي الدول.

ويتسم موقف الصين بشأن مؤشرات العملة بالعدائية تقليديا، لأنها تحتفظ باحتياطات هائلة من العملة الأجنبية، ولا يمكن تحويل اليوان إلى عملات أخرى بحرية.

ورفضت الصين العام الماضي اقتراحا أميركيا بالعمل على استقرار ميزان الحساب الجاري عن طريق وضع سقف بنسبة أربعة في المائة للعجز والفائض في الدول. وتتهم الولايات المتحدة وغيرها من القوى الأجنبية الصين بالإبقاء على انخفاض سعر صرف عملتها لدعم صادراتها، إلا أن الصين تنفي ذلك. بيد أن ساركوزي قال الجمعة إن الصين قبلت استضافة ندوة حول سياسة صرف العملات، ستجري في مدينة شينزهن الجنوبية بنهاية الشهر القادم.

وتعهد ساركوزي بإصلاح النظام النقدي العالمي وأسواق السلع خلال رئاسته لمجموعة العشرين، وقال إنه يهدف إلى الدفاع عن الاقتصاديات الفقيرة في وجه اضطرابات العملات والتجارة. كما تحدثت فرنسا وغيرها من الدول عن خفض اعتماد العالم على الدولار كعملة احتياطيها الرئيسي. ويقول الوفد الأميركي إنه يرغب في التركيز بشكل أكبر على تأثير اضطراب تدفق رؤوس الأموال بين الدول.