قبل أيام من القمة الأوروبية الطارئة.. البرتغال تطلب حمايتها من المضاربين

برلين تطرح مشروعا لفرض ضرائب على التعاملات المالية للبنوك

TT

قبل أيام من انعقاد قمة أوروبية استثنائية، مخصصة لبحث الوضع في منطقة اليورو، ومستقبل العملة الأوروبية الموحدة، عرفت عدة عواصم أوروبية اتصالات على مستويات مختلفة، لتنسيق المواقف، وتبادل الآراء، بشأن خطط عمل سيتم طرحها على طاولة المفاوضات بين القادة، ووجه هيرمان فان ريمبوي رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، الدعوة إلى القادة الأوروبيين لحضور أعمال القمة المقررة في الحادي عشر من الشهر الحالي. وعرفت الساعات القليلة الماضية محادثات جرت بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ببرلين مع مستشار النمسا فيرنر فايمان وقيادات أوروبية أخرى. وجرى الإعلان في برلين أن ألمانيا تريد إقرار مشروع يهدف إلى إعادة الاستقرار للعملة الأوروبية الموحدة عن طريق فرض ضرائب على التعاملات المالية لبنوك منطقة اليورو، خلال الاجتماع المقبل لوزراء مالية الدول الـ17. هذا ما أعلنته المستشارة أنجيلا ميركل في ندوة صحافية مشتركة مع نظيرها النمساوي فيرنر فايمان. وقالت أنجيلا ميركل: «لقد تحدثنا عن أساليب إصلاح معاهدة الاستقرار والنمو. وأستطيع أن أقول إننا متفقان على وجوب تطبيق الإصلاح بسرعة». تصريح ميركل يأتي بعد إقرار حكومتها مشروعا تسعى من خلاله للحصول على مليار يورو سنويا بفرض ضرائب على البنوك الألمانية تتراوح نسبتها بين 5 و15 نقطة مئوية من الأرباح السنوية.. من جانبه وصف فايمان الضريبة بأنها «مسألة عدالة» لأن الحكومات ودافعي الضرائب الأوروبيين أنفقوا كثيرا على حزمات إنقاذ البنوك إبان الأزمة المالية والاقتصادية عام 2008 للحيلولة دون وقوع «تنبؤات مروعة». الجدير بالذكر أن القوى الكبرى في الاتحاد الأوروبي كفرنسا وألمانيا تقف وراء فكرة تطبيق هذه الضريبة فيما تعارضها دول مثل السويد وإيطاليا وكذلك البنك المركزي الأوروبي. وحسب مصادر المجلس الوزاري الأوروبي ببروكسل، هناك اتصالات حاليا بين بروكسل وعواصم أوروبية أخرى ومنها باريس وبرلين وروما ومدريد ولشبونة وغيرها، وذلك بعد ساعات من تصريحات صدرت عن رئيس الوزراء البرتغالي جوزيه سوكراتس قال فيها: «تجاوز أزمة الديون السيادية، اختبار حاسم للاتحاد الأوروبي». مضيفا أن أزمة الديون هي أكبر تحد تواجهه دول الاتحاد الأوروبي وأن هيبة وسمعة الكتلة تتعلق بالتغلب عليها. أما وزير المالية فرناندو تيشيرا دوش سانتوش فإنه من جهته دعا دول الاتحاد إلى التحرك خلال الأسابيع القليلة المقبلة لتقديم مساندة عاجلة وفعالة تهدف إلى حماية لشبونة من نشاط المضاربين في الأسواق المالية، مضيفا أن بلاده مستعدة لتخفيض عجز الموازنة بتطبيق إصلاحات تقشفية صارمة. ونقلت تقارير إعلامية في بروكسل عن محلل اقتصادي برتغالي قوله: «بالنسبة لعام 2011، يتنبأ البنك المركزي البرتغالي ومؤسسات دولية من أن إمكانية حدوث ركود، يمكن أن يحدث بسبب الانكماش الاقتصادي للطلب المحلي الناشئ عن الإجراءات التقشفية». وفي محاولة لضبط الدين العام تحاول لشبونة أن تصل إلى تسوية مع مسألة النمو الطبيعي، ووفقا لإحصاءات مؤسسة يوروستات الأوروبية فإن نسبة البطالة وصلت حتى الآن إلى 11 في المائة، وهي الدولة السادسة من حيث ارتفاع نسبة البطالة في منطقة اليورو.

ومن وجهة نظر العديد من المراقبين عاش البرتغاليون سنة صعبة ويستقبلون إجراءات تقشفية إضافية، الأيام وحدها ستقول إن كان الشعب البرتغالي الهادئ بطبعه سيخرج إلى الشوارع للتظاهر بقوة. وفي 24 يناير (كانون الثاني) الماضي وضع البرتغاليون ثقتهم في الرئيس القديم الجديد البرتغالي كافاكو سيلفا البالغ من العمر 71 عاما، عقب إعادة انتخابه لولاية ثانية عقابا للحكومة الاشتراكية التي يقودها سوكراتس على خططها التقشفية. وحصل سيلفا المحافظ على 52.9% من أصوات الناخبين مقابل خسارة لمرشح الحزب الاشتراكي الذي يقود الحكومة، اليساري مانويل ألجيري الذي اكتفى بـ19.7. وفي أول تعليق له عقب إعادة انتخابه قال سيلفا: «سأمارس سلطة قضائية نشطة، وسأتعاون بحسن نية مع جميع أجهزة السيادة الوطنية للدفاع عن الأهداف الكبرى والاستراتيجية للبلاد، الأولوية المستعجلة ستكون لمكافحة آفة الديون والحد من البطالة ودعم القدرة التنافسية لاقتصادنا». البرتغاليون الذين ينتابهم القلق إزاء ارتفاع معدل البطالة عقب الخطة التقشفية التي تعتبر الثالثة في غضون عام، لا يتوقعون الكثير ولكن في الوقت نفسه، الشارع البرتغالي ينتظر من الرئيس القديم الجديد الذي يمثل الاستقرار والخبرة الاقتصادية النهوض بالمشكلات التي تتخبط فيها البرتغال وانتشال اقتصادها الغارق في الديون.

ويذكر أن عواصم أوروبية كانت توافقت على حل بديل، لعقد قمة استثنائية لمناقشة الوضع في ليبيا ودول أخرى في جنوب المتوسط، والحل البديل تمثل في استغلال القمة الاستثنائية المقررة الأسبوع المقبل حول ملف اليورو، لبحث الملفين معا في نفس القمة، وقالت مصادر داخل المؤسسات الاتحادية في بروكسل إن القمة الأوروبية المقررة في الحادي عشر من مارس (آذار) الحالي، والتي كانت مخصصة لبحث وضع منطقة العملة الأوروبية الموحدة اليورو وآليات الإنقاذ فيها، ستبحث إلى جانب ذلك تداعيات الأحداث الأخيرة في ليبيا ودول أخرى في جنوب المتوسط، وسيتم التركيز على الوسائل التي يمكن لأوروبا أن تقدمها للدول الساعية إلى الديمقراطية، وكذلك تداعيات ما يجري على ملف الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا وما يتضمن ذلك من مخاطر.

وجاء ذلك بعد أن طالب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بعقد «قمة أوروبية» طارئة لبحث الأزمة الليبية، وقالت الرئاسة الفرنسية إن ساركوزي تحادث هاتفيا مع كاميرون بشأن الأزمة الليبية واتفقا على «ضرورة القيام بعمل أوروبي»، وقالت مصادر بروكسل «نريد التركيز على تبعات ما يجري، خاصة عندما يتعلق الأمر بمخاطر تصاعد الهجرة غير الشرعية المقبلة من جنوب المتوسط نحو أوروبا».