سلطات مليلية الإسبانية تتراجع عن إيقاف استيراد مواد البناء من المغرب

استندت في قرار المنع على قرار يحظر استعمال مواد بناء غير مطابقة للمعايير الأوروبية

TT

بعد أسبوعين من اتخاذها قرار منع استيراد مواد البناء من المغرب، أعادت سلطات مدينة مليلية، التي تحتلها إسبانيا في شمال المغرب، النظر في هذا القرار تحت ضغوط واحتجاجات من داخل وخارج المدينة.

وقالت مصادر محلية من الناظور المغربية المجاورة لمليلية لـ«الشرق الأوسط» إن سلطات مليلية سمحت خلال اليومين الماضيين بدخول شحنات من الطوب إلى المدينة، بيد أنها ما زالت تمنع عبور شاحنات الرمال والحصى.

وتعتمد مليلية كليا على مواد البناء المستوردة من المغرب اعتبارا لكلفتها المنخفضة مقارنة مع المواد المستوردة من إسبانيا في الضفة الأخرى من المتوسط، وتنشط حركة نقل مواد البناء عبر حدود المدينة المحتلة عادة بين التاسعة مساء والخامسة صباحا. وتدخل كل ليلة إلى المدينة المحتلة 40 شاحنة محملة بمواد البناء، ويصل عدد الشاحنات يوميا إلى 80 شاحنة خلال الصيف.

غير أن أحداث الصيف الماضي، من مظاهرات احتجاجية على الحدود وإضراب الشاحنات المغربية، عقب اعتداء عناصر من الشرطة الإسبانية في المدينة على مهاجرين مغاربة، كانوا في طريق عودتهم من أوروبا إلى المغرب، بسبب تلويحهم بأعلام مغربية، وما نتج عن تلك الأحداث من حصار للمدينة لعدة أيام جعل بعض سكانها يفكرون في حلول بديلة عن الاستيراد من المغرب، خاصة في مجال مواد البناء نظرا للطفرة العقارية والسياحية التي تعرفها مليلية.

وقررت سلطات مليلية وقف استيراد مواد البناء من المغرب قبل أسبوعين، مبررة ذلك بوجود قرار اتخذه الاتحاد الأوروبي في عام 2004 يمنع استعمال مواد البناء التي لم تتم المصادقة على مطابقتها للمعايير الأوروبية في دول الاتحاد.

غير أن سعيد الشرامطي، رئيس «جمعية الريف الكبير لحقوق الإنسان» يرى أن قرار المنع كان قرارا سياسيا، وأن مسألة مطابقة المعايير الأوروبية هي مجرد مبرر. وأضاف «لماذا يمنع استيراد مواد البناء من المغرب في مليلية ولا يمنع في جزر الكناري وهي جزر إسبانية».

وواجه القرار احتجاجات قوية من داخل المدينة، خاصة من طرف شركات الأشغال التي هددت بإيقاف العمل ما إن ينتهي مخزونها من مواد البناء المغربية، ويشغل قطاع البناء في المدينة نحو ثلاثة آلاف شخص. كما تزامن القرار أيضا مع انطلاق الأشغال في ميناء المدينة المحتلة، وبدأ متعهد الأشغال يطالب بإعادة التفاوض في عقده مع سلطات الميناء، إذ إن مواد البناء المستوردة من إسبانيا تكلف خمسة أضعاف ما تكلفه المواد المستوردة من المغرب.

وفي الجانب الآخر من الحدود هدد سائقو الشاحنات المغربية التي تنقل مواد البناء إلى مليلية بإضراب ومحاصرة لمداخل المدينة. وقال حسن مريجي الأمين العام للنقابة الوطنية المستقلة، وهي اتحاد عمالي يتخذ من الناظور مقرا له «كنا نعتزم محاصرة المدينة المحتلة ومنع عبور أية شاحنة في الاتجاهين، خاصة الشاحنات التي تعبر المدينة من وإلى الاتحاد الأوروبي. غير أن القنصل الإسباني في الناظور طلب منا الحوار. واستمع إلينا الأسبوع الماضي ووعدنا بأن هذه الأزمة ستحل قريبا. وأخبرنا بأن قرار منع الاستيراد سيتم تأجيله وإعطاء مهلة للشركات العاملة في هذا المجال قصد المصادقة على مطابقة منتجاتها للمعايير الأوروبية. وفعلا سمحت المدينة في مرحلة أولى بعودة دخول كميات من الطوب وننتظر اجتماعا آخر بداية الأسبوع المقبل».