نواب يطالبون إدارة أوباما ببيع جزء من مخزون النفط الاستراتيجي الأميركي

في وقت حافظت فيه أسعار خام غرب تكساس على مستويات المائة دولار

TT

مع زيادة أسعار النفط خلال الأسابيع الأخيرة، تزايدت الدعوات في الكونغرس، التي تطلب من إدارة أوباما النظر في زيادة المبيعات من مخزون الاحتياطي الاستراتيجي للولايات المتحدة، الذي وصل حاليا إلى أقصى سعة له، وهي 727 مليون برميل. وحسب صحيفة «واشنطن بوست»، انضم السيناتور جيفري بنجامين، رئيس لجنة الطاقة والموارد الطبيعية في مجلس الشيوخ، هذا الأسبوع إلى الأصوات التي تحث الرئيس أوباما على الاستعداد للنظر في بيع جزء من المخزون الاحتياطي لتثبيت الأسعار، وتعويض أي توقف في واردات النفط.

وأوضح بنجامين، السيناتور الديمقراطي عن ولاية نيومكسيكو، في بيان يوم الأربعاء الماضي قائلا: «مع انخفاض حجم إنتاج ليبيا من النفط تراجعت جودة النفط الخام المرتبط بزيادة إنتاج المملكة العربية السعودية، واحتمال أن تشهد المنطقة مزيدا من الاضطرابات، نحن نواجه توقفا في واردات النفط، وكذلك خطر أن يتجه الموقف نحو الأسوأ».

وأضاف أن مبيعات الاحتياطي في السابق أدت إلى انخفاض أسعار النفط المحلية سريعا، وهدأت من القلق الذي يسود الأسواق.

ويذكر أن أسعار العقود الآجلة للنفط الأميركي وخام برنت حافظت على مكاسبها، أمس الجمعة، بعد تقرير حكومي أظهر ارتفاع الوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة بمعدل 192 ألف وظيفة في فبراير (شباط)، متجاوزة التوقعات. وفي بورصة نيويورك التجارية (نايمكس)، ارتفعت عقود الخام الأميركي 1.32 دولار إلى 103.23 دولار للبرميل بحلول الساعة 13:37 بتوقيت غرينتش، متحركة في نطاق بين 101.54 دولار، و103.36 دولار. وكانت الأسعار مرتفعة 1.30 دولار قبيل صدور التقرير. وارتفعت عقود مزيج برنت خام القياس الأوروبي تسليم أبريل (نيسان) دولارا واحدا إلى 115.79 دولار للبرميل، متحركة في نطاق بين 114.79 دولار و116.30 دولار. وكانت الأسعار مرتفعة دولارا قبل التقرير.

وطرح أعضاء آخرون في المجلس اقتراحات مشابهة، مشيرين إلى أن بيع النفط بسعر يقترب من 100 دولار للبرميل يمكن أن يجني ملايين الدولارات، التي من شأنها أن تخفف الضغط على العجز الفيدرالي، وتدفع قدما بعجلة السياسات التي تهدف إلى الحد من استهلاك النفط، مثل تقديم الحوافز الضريبية مقابل شراء السيارات التي تعمل بالكهرباء أو بالبنزين والكهرباء معا.

لكن الإدارة تقاوم حتى هذه اللحظة تلك الدعوات، مشيرة إلى أن الطاقة الإنتاجية الفائضة للنفط حول العالم ما زالت أعلى من حجم النفط الذي تأثر توريده بالاضطرابات التي تشهدها ليبيا وبلاد أخرى في الشرق الأوسط. وقال مسؤولون إن التصرف في الاحتياطي الاستراتيجي يمكن أن يرسل إشارة خاطئة إلى المستهلكين المحليين وأسواق النفط العالمية، في وقت ترتفع فيه أسعار البنزين قليلا ولم يتأثر فيه حجم المعروض من النفط كثيرا. وقال ستيفن تشو، وزير الطاقة، في مقابلة، إن الإدارة تراقب الموقف عن كثب، لكنه حذر من المبالغة في رد الفعل على زيادة أسعار النفط.

وأضاف: «لا نريد أن نكون شديدي الانفعال والتأثر، بحيث نفزع إذا ارتفعت الأسعار ونسترخي إذا انخفضت مرة أخرى»، في إشارة إلى وصف أوباما لرد فعل الرأي العام الأميركي على ارتفاع أسعار النفط بالتأرجح بين الصدمة والغيبوبة.

من جانبه، قال فريد أبتون، النائب الجمهوري عن ولاية ميتشيغان ورئيس لجنة الطاقة والتجارة في مجلس النواب، من الضروري عدم الاقتراب من احتياطي النفط حاليا، مشيرا إلى إمكانية استخدامه فقط في حالة التوقف التام عن توريد النفط، أو في أي حالة من حالات الطوارئ الأخرى. كذلك اعترض النائب على المقترح الذي تضمنته ميزانية الإدارة لعام 2012 ببيع نفط بقيمة 500 مليون دولار من الاحتياطي، من أجل الإنفاق على برامج أخرى.

وأضاف: «مع تنامي حالة عدم الاستقرار في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وتخطي أسعار النفط، من نوعية خام غرب تكساس الخفيف، حاجز المائة دولار للبرميل، سيكون من الاستهتار السحب من الاحتياطي لأي غرض إلا الغرض المراد».

ومع تخزين 727 مليون برميل من مختلف مستويات النفط الخام، يعد الاحتياطي الاستراتيجي من البنزين أكبر مخزون طوارئ في العالم، الذي يغني عن الاستيراد لمدة تزيد على خمسة أشهر. ويتم استخدامه كثيرا في توريد النفط إلى مصافي التكرير، أو تبادله معها في حال فرض حصار على القنوات الملاحية أو وقوع حوادث للناقلات أو أعاصير.

ومنذ إنشاء منظمة الأوبك في أعقاب حظر تصدير النفط بين عامي 1973 - 1974، لم يتم اللجوء إلى ذلك سوى في حالات طوارئ قليلة، مثل حرب الخليج الأولى عام 1991، وفي أعقاب إعصار كاترينا عام 2005، فقد استخدم الرئيس كلينتون احتياطي النفط عام 2000، عندما ارتفعت أسعار النفط نتيجة زيادة التوتر بين العراق والكويت، وقد رأى الجمهوريون أنها كانت خديعة لمساعدة آل غور، نائب الرئيس الأميركي في ترشحه. ولم يكن هناك تأثير كبير على أسعار البنزين في تلك الحالات.

وحسب صحيفة «واشنطن بوست»، قال لورانس غولدشتين، المدير بمؤسسة أبحاث سياسات الطاقة: «من المحتمل ألا يكون هناك تأثير مادي ملموس على الأسعار. لكن قد يتوفر النفط للجميع محليا وعالميا».

وقد ارتفع سعر غالون البنزين العادي بمقدار 4 سنتات يوم الخميس الماضي، ووصل إلى 3.43 دولار، إضافة إلى زيادة قدرها 19 سنتا الأسبوع الماضي، و33 سنتا الشهر الماضي.

وقال توم كلوزا، كبير محللي النفط في هيئة معلومات أسعار النفط، إن سعر البنزين للمستهلك سوف يرتفع سريعا بمقدار 5 سنتات استعدادا لارتفاع سعر الجملة للنفط. وتراجعت مؤشرات أسعار النفط قليلا يوم الخميس الماضي مع استمرار الاقتتال في ليبيا، لكنها لم تنخفض عن حاجز الـ100 دولار للبرميل. ولا تعاني الولايات المتحدة حاليا من نقص في إمدادات النفط، حيث يحتوي مخزن النفط في كوشينغ بولاية أوكلاهوما، الذي يوفر النفط لوسط أميركا، على مخزون هائل من النفط نتيجة زيادة الإنتاج في ولاية شمال داكوتا، ومدّ خط أنابيب جديد، مما أدى إلى زيادة حجم المعروض من الوقود الاصطناعي المقبل من حقول النفط الرملي في غرب كندا.

لكن التحدي الذي تفرضه خسارة ما يزيد على مليون برميل من النفط الخام الحلو في الأسواق العالمية نتيجة الاضطرابات التي تشهدها ليبيا، يهدد واردات النفط لمصافي التكرير في أوروبا، التي تحتاج إلى نفط عالي الجودة من أجل إنتاج وقود الديزل، الذي يتمتع بشعبية في أوروبا. وربما تستطيع واشنطن، من خلال الحصول على نفط خام حلو خفيف يحتوي على نسبة كبريت منخفضة من الاحتياطي أن تخفف من حدة المنافسة بين مصافي التكرير الأميركية والأوروبية التي تقدم عطاءات لتكرير إنتاج الجزائر ونيجريا من النفط الخام الحلو. وجدير بالذكر أن الجزائر ونيجريا تحاولان ملء الفراغ الذي خلّفته ليبيا.

وتتمتع المملكة العربية السعودية بأكبر احتياطي في منظمة الأوبك، لكن يحتوي أغلب إنتاجها من النفط الخام على نسبة عالية من الكبريت، وبذلك لا يمكنها أن تحل محل ليبيا في إنتاج النفط الحلو بسهولة. وأوضح كلوزا، مشيرا إلى نسبة النفط الحلو في المخزون الاستراتيجي: «إذا ضخت أميركا جزءا من احتياطات النفط الحلو، فسيساعد ذلك الأوروبيين ويعاقب المضاربين».