«المركزي الأوروبي» يحذر من تداعيات اضطرابات الشرق الأوسط على أوروبا

توقع ارتفاع معدلات التضخم في دول الاتحاد خلال الشهور المقبلة

TT

جاء إبقاء البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة عند أدنى مستويات منذ تأسيس البنك، بالتزامن مع البيانات الاقتصادية الأوروبية التي أشارت إلى ثبات مستويات النمو في المنطقة خلال الربع الرابع من العام الماضي، مع تباطؤ وتيرة نمو القطاع الخدمي في كل من المملكة المتحدة ومنقطة اليورو. وقبل ساعات، رفع البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت سقف توقعاته لنسبة ارتفاع الأسعار في منطقة اليورو في العام الحالي، مقارنة بالعام الماضي، حيث توقع أن تكون النسبة أكبر مما كان متوقعا.

وقال رئيس البنك، جان كلود تريشيه، في فرانكفورت، إن ارتفاع أسعار المواد الخام والطاقة سيسهم في زيادة نسبة التضخم في منطقة اليورو في عام 2011 بنسبة 2.3 في المائة، مقارنة بعام 2010، مؤكدا أنه لا يستبعد زيادة نسبة الفائدة قريبا بنسبة قد تصل إلى 2 في المائة، ووفقا لخبراء البنك فإن نسبة التضخم ستعود في عام 2012.

وفي ما يتعلق بالنمو الاقتصادي في منطقة اليورو، توقع البنك أن تصل نسبة النمو في العام الحالي إلى 1.7 في المائة، في حين توقع أن تصل النسبة في عام 2012، إلى 1.8 في المائة، بينما رفعت المفوضية الأوروبية توقعاتها لنمو اقتصاد دول منطقة اليورو في 2011، مضيفة أن معدل التضخم سيبقى فوق المستوى الذي حدده البنك المركزي الأوروبي في أغلب فترات هذه السنة، نظرا لارتفاع أسعار النفط والمواد الخام. وتوقعت المفوضية نمو اقتصاد المنطقة بنقطة وستة أعشار نقطة مئوية. ومن جانبه، أعلن مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الاقتصادية والنقدية أولي رين، أن الانتعاش الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي لا يزال يحقق تقدما مع توقعات بنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في العام الحالي.

وقال رين في مؤتمر صحافي أثناء قيامه بعرض التوقعات الاقتصادية للاتحاد الأوروبي، إنه من المتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.8 في المائة في الاتحاد الأوروبي، و1.6 في المائة في منطقة اليورو، وهو تنقيح طفيف مقارنة بتوقعات الزيادة في فصل الخريف. وأضاف: «بعد تباطؤ النمو في النصف الثاني من العام الماضي، فإنه من المتوقع أن يشهد الانتعاش الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي مزيدا من النمو هذا العام»، محذرا في الوقت نفسه من مخاطر التوقعات الاقتصادية على النمو في الاتحاد الأوروبي، قائلا إن «الآثار المترتبة على التغيرات السياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يمكن أن يكون لها تأثير كبير على التوقعات الاقتصادية».

وأشار إلى أن «أسعار النفط والسلع يمكن أن تتجاوز المستويات المفترضة، التي من شأنها أن تؤثر على التضخم، ويكون لها تأثير ضعيف على النمو، ونحن نعيش في درجة عالية نسبيا من عدم اليقين في كل من الأبعاد السياسية والاقتصادية».

وتوقع رين أن تكون أسعار النفط أعلى من 100 دولار للبرميل هذا العام، مشيرا إلى أن التغييرات السياسية في مصر وتعطل الإمدادات من ليبيا قد دفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوى في عامين ونصف العام، وذلك عند 114 دولارا للبرميل الأسبوع الماضي.

وأوضح أن الطلب العالمي على النفط سيزداد بنسبة 1.7 في المائة هذا العام.

وسبق أن أعلن مكتب الإحصاءات الأوروبي (يوروستات) أن معدل التضخم بمنطقة اليورو بلغ يناير (كانون الثاني) الماضي نقطتين وثلاثة أعشار نقطة مئوية، أي أقل بعشر نقاط مئوية عن التقديرات السابقة، لكنه بقي فوق الهدف الذي حدده البنك المركزي الأوروبي نظرا لارتفاع أسعار المحروقات.

وقال مكتب الاتحاد الأوروبي للإحصاء، إن معدل التضخم السنوي في الاتحاد بلغ 2.7 في المائة خلال يناير الماضي، وذلك دون تغيير عن شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بينما لم يتجاوز التضخم قبل عام معدل 1.7 في المائة.

وسجلت خلال يناير الماضي أدنى معدلات التضخم السنوي في الاتحاد الأوروبي في آيرلندا بـ0.2 في المائة، والسويد (1.4 في المائة)، بينما سجلت أعلى النسب في رومانيا (7 في المائة)، وإستونيا (5.1 في المائة)، واليونان (4.9 في المائة). وارتفع التضخم السنوي بالمقارنة مع ديسمبر 2010 في 15 دولة أعضاء في الاتحاد الأوروبي، بينما تراجع في الـ12 دولة الباقية. وبلغ التضخم في (منطقة اليورو) المؤلفة من 17 عضوا 2.3 في المائة خلال يناير الماضي، مرتفعا عن 2.2 في المائة خلال ديسمبر، بينما لم يتجاوز 0.9 في المائة قبل عام.

ومن بين العناصر الرئيسية التي تقف وراء ارتفاع معدل التضخم السنوي خلال يناير النقل بـ5.1 في المائة، والسكن 4.5 في المائة، والكحول والتبغ 3.7 في المائة، بينما سجلت أدنى المعدلات السنوية في قطاع الملابس بـ0.6 في المائة تحت الصفر، والاتصالات بـ0.2 في المائة تحت الصفر، والترفيه والثقافة بـ0.1 في المائة.

الى ذلك قال خوسيه مانويل جونزاليث بارامو عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي أمس إن البنوك المركزية يجب أن تتأكد من استعدادها للتصدي لأي هزات جديدة في النظام المالي. وقال جونزاليث بارامو في نص كلمة في مؤتمر في كيب تاون (سواء كانت الأزمة التالية بسبب ارتفاع أسعار النفط والغذاء أو التوترات السياسية أو انفجار فقاعات أصول في الأسواق الناشئة.. ينبغي أن نستعد للتصدي لأي من هذه الهزات المحتملة). وقال إن أهم الدروس المستفادة من الأزمة المالية هي أن هذه الأزمات أكثر تكرارا مما كان معتقدا. وأضاف أن إدارة المخاطر ينبغي أن تحد من الاعتماد على مؤسسات التصنيف الائتماني. لكنه قال إن هناك تماديا في العزوف عن المخاطرة منذ اندلاع الأزمة.

إلى ذلك حذر مسؤولون في البنك المركزي الأوروبي محافظي البنوك المركزية العالمية أمس الجمعة من أن الاختلالات الاقتصادية قد تتفاقم سريعا ما لم تبذل مجموعة العشرين جهودا منظمة للتصدي لها. وقال اكسل فيبر الذي سيستقيل قريبا من رئاسة البنك المركزي الألماني خلال اجتماع لمسؤولي البنوك المركزية الأميركية والأوروبية والآسيوية أن توقعات صندوق النقد الدولي تشير إلى تجدد اختلالات موازين المعاملات الجارية وأن ارتفاع أسعار النفط منذ اندلاع الاحتجاجات في أنحاء شمال أفريقيا سيزيد من وتيرة ذلك. وأضاف ماريو دراجي عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي أن الاختلالات العالمية ستظل مشكلة لفترة طويلة. وقال فيبر: «عادت الفوائض في موازين المعاملات الجارية أو تعود الآن إلى مستويات ما قبل الأزمة وأعتقد أن هذا سيتسارع بسبب احتمال تسارع ارتفاع أسعار النفط». وقال دراجي خلال الاجتماع: «هذه الاختلالات ستبقى لفترة طويلة. ما نحتاجه إذن هو أن نضمن أن تعمل أسواق رأس المال لتمويلها.. ولأننا نعلم أنها ليست فعالة بشكل كامل فإننا نحتاج إلى قواعد.. نحتاج نظاما ماليا قوي».

وقال فيبر إن عملات العديد من الاقتصادات الناشئة ما زالت مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية وحث الولايات المتحدة على ادخار المزيد للحد من اعتمادها على رأس المال الأجنبي. وجاءت هذه الكلمات خلال الاجتماع الذي ضم مجموعة من مسؤولي البنوك المركزية العالمية وأكاديميين ورجال أعمال تحت رعاية الرئاسة الفرنسية لمجموعة العشرين والذي يهدف لمناقشة الاختلالات والتنظيم والتضخم وموضوعات أخرى بعد أسبوعين من تحديد وزراء مالية مجموعة العشرين مجموعة مؤشرات لقياس الاختلالات. ولم يتمكن وزراء مالية المجموعة من التوصل إلا إلى اتفاق هش بشأن كيفية قياس الاختلالات العالمية وذلك بعدما اعترضت الصين على استخدام أسعار الصرف أو احتياطيات العملة كمؤشرات. وقال أولي رين مفوض الشؤون الاقتصادية والمالية في الاتحاد الأوروبي إنه يتعين توسيع نطاق المراقبة الاقتصادية داخل أوروبا للوقوف على الاختلالات الإقليمية والفوارق التنافسية.