العمالة العائدة من ليبيا تضاعف ضغوط الاقتصاد المصري وتسعى لفرص عمل جديدة

خبراء يستبعدون توجهها إلى الخليج

مغتربون مصريون يتقاطرون على الحدود المصرية في أعقاب اضطرابات ليبيا (رويترز)
TT

مثلت العمالة المصرية الفارة من ليبيا بسبب الاحتجاجات الدامية هناك ضغطا جديدا على الاقتصاد المصري، خاصة أن نسبة كبيرة منهم «حرفيون» لن تتناسب إمكاناتهم مع بطء نمو الاقتصاد المصري المتوقع نتيجة الاضطرابات وعدم الاستقرار.

وقال خبراء اقتصاديون متخصصون لـ«الشرق الأوسط»: إن عبء هذه العمالة العائدة من ليبيا على الاقتصاد المصري سيكون مضاعفا؛ لأن الاقتصاد سيفقد موردا مهما للنقد الأجنبي عبر التحويلات النقدية لهذه العمالة التي يبلغ عددها مليونا ونصف المليون عامل، متوقعين أن يدفع عدم الاستقرار الحالي للمنطقة هذه العمالة العائدة من ليبيا إلى البقاء في مصر وعدم البحث عن فرصة عمل في دول أخرى.

وقال أحد العمال العائدين من ليبيا (27 عاما، من صعيد مصر): إن عودة جميع المصريين العاملين في ليبيا «غير ممكنة»، موضحا أن هناك من يملك نشاطا تجاريا لا يستطيع أن يتركه ويعود لمصر في ظل هذه الظروف الصعبة. وتابع: «إن هؤلاء يعيشون على أمل استقرار الأوضاع وتحسنها بعد رحيل القذافي». وعن خططه للفترة المقبلة قال: «سأبحث عن مكتب عمالة يوفر فرصة عمل في أي دولة عربية أخرى؛ لأن الوضع في مصر حاليا غير مشجع على البقاء، خاصة أن فرص العمل لحملة المؤهلات العليا نادرة وأنا لدي مؤهل متوسط».

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد غنيم لـ«الشرق الأوسط»: إن العمالة المصرية المقبلة من ليبيا ستزيد أعباء الاقتصاد المصري وتضغط على سوق العمل وستصيبها بحالة «شلل»، مضيفا أن عبء هذه العمالة على الاقتصاد المصري سيكون «مزدوجا»؛ لأنها سترفع من عدد العاطلين بمصر ويفقد معها الاقتصاد جزءا مهما من التحويلات المالية التي تعتبر من أهم روافد النقد الأجنبي، إضافة إلى عائدات قناة السويس وحصيلة السياحة والصادرات.

ويشير الدكتور غنيم إلى أن هذه الأزمة لن تشعر بها مصر في الوقت الراهن؛ فهي «مشكلة مؤجلة» ستظهر حتما عندما تستقر الأوضاع الحالية في البلاد. واعتبر غنيم أن تحويلات المصريين في ليبيا مؤثرة جدا في الاقتصاد؛ لأن ليبيا تضم عددا كبيرا من العمالة المصرية.. وحول إمكانية توجه هذه العمالة إلى بعض دول الخليج للبحث عن فرص عمل أخرى، استبعد الدكتور أحمد غنيم ذلك تماما، موضحا أن هناك صعوبة في توفير فرص عمل بمنطقة الخليج مثلما كان سابقا؛ لأن توترات المنطقة التي تشمل أغلب دولها لا تشجع على ذلك.

وتوقع عودة هذه العمالة مرة أخرى إلى ليبيا فور استقرار الأوضاع؛ لأنهم على دراية بالسوق ومتطلباته، كما أن السفر إلى هناك برا عبر الحافلات الصغيرة وهو ليس بنفس تكلفة السفر المرتفعة إلى دول الخليج. وغادر آلاف المصريين ليبيا برا وجوا بعد تفجر الاحتجاجات الدامية هناك، كما أوقفت شركات مصرية نشاطها التجاري هناك.

واعتمدت وزارة المالية المصرية، أمس، خطة للتخفيف من معدلات البطالة تركزت في إجراءات عاجلة لتوفير فرص العمل بالتوسع في دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مؤكدة أن تلك المشاريع من المتوقع أن تستوعب 42% من قوى العمل المصرية؛ حيث تستوعب حاليا 25% فقط، كما زادت المالية المصرية صندوق الطوارئ الخاص بالقوى العاملة بـ100 مليون جنيه ليصل رأسماله إلى 600 مليون (101 مليون دولار)، بينما توقعت ارتفاع عجز الموازنة بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي الحالي الذي ينتهي في يونيو (حزيران) إلى 8.5% بعد أن كان مقدرا له 7.9% بسبب الضغوط الاقتصادية الحالية. ويبلغ عدد المصريين العاملين في دول المنطقة أكثر من 6 ملايين عامل تزيد تحويلاتهم الشهرية على 10 ملايين دولار.