حاويات النفط تغادر خاوية من موانئ ليبيا

تتوجه الآن إلى السعودية والجزائر لتعويض الخام الليبي

TT

طلبت ليبيا من ناقلات نفطية في عدة موانئ المغادرة إذ نفدت مخزونات الخام بمنشآت التخزين بسبب تعطل الإمدادات من الحقول النفطية نتيجة أسابيع من الاضطرابات الاجتماعية وهو ما دفع سفنا للتوجه إلى السعودية والجزائر للحصول على شحنات.

وقال مصدر بتجارة النفط إن السلطات الليبية طلبت من سفينة مؤجرة لـ«يونيبيك» أكبر مشتر صيني للخام مغادرة ميناء السدرة دون الحصول على شحنة مزمعة حجمها مليونا برميل من الخام. وقال مصدر بالقطاع إن مخزونات الخام في ميناء البريقة قد نفدت مما أرغم ناقلات على إلغاء شحناتها. وبدأت القوات الموالية الزعيم الليبي معمر القذافي مهاجمة البنية التحتية لصناعة النفط إذ ضربت خط أنابيب ينقل النفط إلى ميناء السدرة وقصفت صهاريج تخزين في ميناء راس لانوف النفطي.

وقال المصدر إن السلطات الليبية أبلغت «يونيبيك» الذراع التجارية لشركة «سينوبك» الصينية لتكرير النفط أن شحنتها ألغيت وطلبت منها سحب ناقلتها العملاقة من الميناء. وأضاف المصدر: «أبلغت ليبيا يونيبيك شفاهة أن الشحنة ألغيت وطلبت من السفينة المغادرة». وبدلا من خطتها الأصلية ستتوجه الناقلة إلى الجزائر لتحميل مزيج صحارى في أبريل (نيسان) ولن تشتري «يونيبيك» أي خام ليبي للتحميل في أبريل.

وقال المصدر إن «يونيبيك» أرسلت خطابا من خلال محاميها إلى السلطات الليبية بعدما تعذر عليها الاتصال بأي من المسؤولين الليبيين لكنها لم تتلق ردا حتى الآن. وهذه ثالث ناقلة تخفق «يونيبيك» في تحميلها بالخام الليبي في مارس (آذار) الحالي مما يرفع إجمالي حجم الشحنات التي لم يتم تحميلها من ليبيا خلال مارس إلى أربعة ملايين برميل.

وكانت مصادر تجارية قالت في السابق إن «يونيبيك» رفضت عرضا من «أرامكو السعودية» لإمدادها بالخام لتعويض النقص في الإمدادات الليبية. وفي الشهر الماضي أبلغت مصادر بالقطاع «رويترز» أن «يونيبيك» فشلت في استئجار ناقلة لتحميل الخام الليبي في 12 مارس مقابل 3.85 مليون دولار نتيجة مشكلات في ميناء التحميل.

وقال المصدر إن الشركة ألغت أيضا شحنة خام كان من المنتظر تحميلها في 12 مارس من ميناء مرسى الحريقة إلى نينغبو في الصين. وتشتري «يونيبيك» بين ثلاثة وأربعة ملايين برميل شهريا من الخامات الليبية. وقال متعامل لدى شركة تكرير في شمال شرقي آسيا إن الطلب من الصين وشمال شرقي آسيا على نفط غرب وشمال أفريقيا يتراجع بسبب العلاوات المرتفعة لهذه الإمدادات فوق تكلفة الإمدادات الخليجية لذلك فإن تأثير إلغاء شحنة «يونيبيك» سيكون محدودا. وأضاف أنه في هذه الحالة ربما تكون «يونيبيك» اختارت الخام الجزائري لأن الناقلة في البحر المتوسط. وترك كثير من شركات النفط والشحن العالمية ليبيا ثالث أكبر منتج للنفط في أفريقيا وهو ما أصاب الصادرات الليبية بالشلل. وقال ايفيتشا بياكا مدير استئجار الناقلات لشركة «تانكرسكا بلوفيدبا» الكرواتية: «لن نذهب إلى هناك في الوقت الراهن».

وذكر أن عملية تحميل الناقلة «فرانكوبان» التابعة للشركة من ميناء البريقة ألغيت لأنه لم تكن هناك شحنة كافية. وأضاف: «ما كان مخزونا لديهم قاموا بضخه وتحميله على الناقلات. آخر ناقلة أفراماكس جرى تحميلها في الخامس من مارس». وتم تحميل 51 ألف برميل يوميا في ميناء البريقة في يناير (كانون الثاني) الماضي. وتمكنت «تانكرسكا» - التي تعتبر ليبيا الميناء الرئيسي لمعظم ناقلاتها العشر - من تحميل ناقلتين أفراماكس حمولة الواحدة منهما 80 ألف طن في البريقة في الأسابيع القليلة التي سبقت نفاد المخزونات. والآن تبحث السفن التي تم تحويل وجهتها من ليبيا عن شحنات في سيدي كرير بعدما شرعت السعودية في ضخ مزيد من النفط لتعويض نقص الإمدادات الليبية.

وزادت المملكة الإنتاج إلى تسعة ملايين برميل يوميا متجاوزة المستوى المستهدف المتفق عليه في أوبك بنحو مليون برميل يوميا. وقال بياكا: «أصبح سيدي كرير أكثر نشاطا وهناك سفن تتجه إليه». وتبحر ما بين عشر و15 ناقلة أفراماكس في البحر المتوسط دون شحنات وهو ما يضغط على أسعار الشحن في المنطقة. وقال: «النشاط صعب جدا الآن لأن غالبية شحناتنا كانت تأتي من ليبيا.. لكن هذا ليس جديدا علينا فقد تأسست الشركة في 1955 لذلك سنجد طريقة».

إلى ذلك صرح أكبر مسؤول في قطاع النفط في ليبيا ليلة أمس الأربعاء بأن إنتاج النفط الليبي تراجع بصورة كبيرة في ظل الاضطرابات السياسية المستمرة منذ ثلاثة أسابيع. وقال شكري غانم رئيس مؤسسة النفط الليبية المملوكة للدولة إن الإنتاج تراجع الآن إلى نحو 500 ألف برميل يوميا مقارنة بـ1.58 برميل يوميا قبل الاضطرابات السياسية. وقال غانم إن تراجع الإنتاج يرجع بصورة كبيرة لفرار العاملين في مجال النفط أكثر من إلحاق أضرار ببعض منشآت الإنتاج. وطالب غانم الليبيين بعدم الإضرار بمنشآت النفط في البلاد حيث إنها تعد المصدر الأهم للدخل في ليبيا. وقلل غانم من أهمية تداعيات أعمال التدمير حتى الآن في منطقتي رأس لانوف وسدرة اللتين بهما نفط في شرق ليبيا. وقال إنه لم يدمر إلا مخزن للديزل وتأتي هذه التعليقات بعدما قال المتمردون إن القوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي ألحقت أضرارا بالغة بمنشآت النفط بالقرب من ميناء سدرة.

وفي الأسواق العالمية تراجعت العقود الآجلة لخام القياس الأوروبي مزيج برنت بما يزيد على دولارين للبرميل أمس الخميس مع صعود مؤشر الدولار بعد أن خفضت وكالة «موديز» التصنيف الائتماني لإسبانيا مما وضع أزمة ديون منطقة اليورو المستمرة تحت دائرة الضوء إلا أن محللين قالوا إنه من المتوقع تعويض الخسائر بفعل تصاعد العنف في ليبيا. وقال كارستن فريتش المحلل لدى كومرتس بنك: «لا أتوقع مزيدا من الانخفاض في الأسعار نظرا للوضع المستمر في ليبيا». وأضاف: «من المنتظر أن يكون أي تراجع محدودا. وبحلول الساعة 12:44 بتوقيت غرينتش هبطت العقود الآجلة لخام برنت 2.12 دولار إلى 113.82 دولار للبرميل بينما تراجعت العقود الآجلة للخام الأميركي الخفيف 1.92 دولار إلى 102.46 دولار للبرميل معوضة بعض خسائرها بعد أن انخفضت بأكثر من دولارين للبرميل في وقت سابق من الجلسة».