مكتب مكافحة الاحتيال الخطير البريطاني يحقق مع 7 أثرياء حول ملابسات إفلاس مصرف آيسلندي

بينهم «إمبراطورا» العقارات الأخوان تشينغويز

فينسنت تشينغويز
TT

ألقي القبض، الأربعاء، على سبعة رجال، بينهم رجلا أعمال يملكان نفوذا كبيرا بالمجال العقاري، ضمن التحقيقات التي تجريها السلطات البريطانية في انهيار مصرف كوبثنغ الآيسلندي. وذلك في واحدة من أكثر التحقيقات جرأة التي تقوم بها السلطات البريطانية ضد المسؤولين التنفيذيين المتورطين في الأزمة المالية.

وخلال السنوات التي أدت إلى أزمة المالية العالمية ضغطت مصارف آيسلندية بقوة للتوسع لما وراء سوقها المحلية شديدة الصغر. وعرضت بريطانيا القريبة واحدة من أكبر الفرص مع توافر جمهور جذاب من العملاء يتمثل في مليونيرات وأصحاب مصالح تجارية عالمية. في المقابل، رحبت الحكومة البريطانية بالاعتمادات الرخيصة واليسيرة القادمة من آيسلندا كوسيلة لتعزيز الاقتصاد.

ثم جاءت الأزمة المالية، ليسقط معها مصرف كوبثنغ واثنان آخران من المصارف الآيسلندية. عندما انهار «كوبثنغ» عام 2008، كان يدين لدائنين، بينهم سلطات محلية، بأكثر من 50 مليار دولار. وفي يوم الأربعاء، ألقي القبض على روبرت تشينغويز وشقيقه فنسنت - وهما من كبار تجار العقارات في لندن وتربطهم صلات قوية بـ«كوبثنغ» - ونقلا إلى مركز شرطة في لندن لاستجوابهما في إطار تحقيق مستمر حول انهيار المصرف. وذكر الشقيقان في بيان مشترك أنه «ألقي القبض علينا في وقت سابق من صباح اليوم ونخضع الآن للاستجواب بشأن أمور تتعلق بصلتنا بمصرف كوبثنغ. ويتعاون كلانا بشكل كامل مع التحقيق ونحن على ثقة من أنه بمجرد انتهاء التحقيق ستبرئ ساحتنا من أي مزاعم باقتراف تجاوزات».

وأعلن متحدث رسمي باسم «مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة» أنه من غير المحتمل أن توجه اتهامات للأشخاص السبعة الذين ألقي القبض عليهم، لكنهم بدلا من ذلك سيجري عقد مقابلات معهم وإطلاق سراحهم بعد ذلك. وكانت عناصر من المكتب قد فتشت 10 مقار سكنية وإدارية في الـ5.30 صباحا داخل لندن، منها شركة الأخوين تشينغويز و«روتش بروبرتي غروب» في ضاحية مايفير. وفتش مسؤولون في ريكيافيك، عاصمة آيسلندا، عقارين سكنيين وألقوا القبض على رجلين وحققوا معهما، وهما سيغوردور إينارسون، الرئيس التنفيذي والرئيس السابق لـ«كوبثنغ»، وأرمان ثورفالدسون، الرئيس التنفيذي السابق للوحدة البريطانية التابعة للمصرف، طبقا لما ذكرته تقارير صحافية أيسلندية.

من جهته، لم يجب إيان بورتون، محامي إينارسون في لندن، على الفور على طلب بعثنا به إليه للإدلاء بتعليق. ولم تفلح جهودنا للاتصال بمحامي ثورفالدسون.

جدير بالذكر أن «مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة» بدأ التعاون مع مكتب المدعي الخاص في آيسلندا في ديسمبر (كانون الأول) 2009 لتحديد ما إذا كان «كوبثنغ» كذب لاجتذاب عملاء لصالح حساب إيداع معين. كما يجري المكتب تحقيقا حول كيف أن بعض الدائنين وحاملي الأسهم والمسؤولين التنفيذيين استفادوا ماليا لأسابيع أو أيام قبل انهيار المصرف. وبدأت المشكلات عندما خففت آيسلندا من صرامة تنظيماتها المالية، مما سمح للمصارف بالنمو لما هو أبعد من قدراتها. ومع تحملها مزيد من الديون، زاد «كوبثنغ» من أرباحه بمقدار خمسين ضعف في غضون خمس سنوات.

وعندما انهار «كوبثنغ»، بجانب «غليتنير بانك» و«لاندسبانكي أيلاندز»، في نهاية الأمر، وصل إجمالي ديون هذه المصارف إلى قرابة 12 ضعف إجمالي الناتج الداخلي لآيسلندا. وخلال الفترة التي أعقبت ذلك، اضطر صندوق النقد الدولي للتدخل لتقديم إعانة مالية لآيسلندا. وتركزت أكبر عمليات «كوبثنغ» خارج آيسلندا في بريطانيا، حيث ساعدت في تيسير الاستحواذ على شركات، من بين صفقات أخرى. ومول المصرف العرض الذي تقدم به روبرت تشينغويز لشراء سلسلة مراكز تسوق بريطانية، «سومرفيلد»، وشراء حصة من متجر التجزئة «جيه سينسبري». كما أنه كان عضوا بمجلس إدارة «إكزيستا»، وهي شركة قابضة آيسلندية تعتبر أكبر حامل أسهم في «كوبثنغ». في تقريرها السنوي الصادر عام 2006، عرض «كوبثنغ» صورة لروبرت تشينغويز أمام «رويال ألبرت هول» في لندن، على مساحة صفحتين، مشيرة إلى أن اختياره وقع على المصرف مرارا.

ويدين الشقيقان تشينغويز الكثير من ثروتهما إلى الازدهار العقاري الذي شهدته لندن عام 2000. وقد بدأ الشقيقان نشاطهما عبر شراء وبيع شقق مزودة بغرفة نوم واحدة في لندن، وسرعان ما استثمرت مجموعتهما في سوق العقارات التجارية، واستفادا من بعض الاستثمارات التي تميزت بتوقيت رائع، مثل شراء محطات «بوليش» للوقود ومعمل تقطير لإنتاج الكحول. وبمجرد أن أصبحا من المليونيرات، أصبح الشقيقان من العناصر دائمة الظهور في موناكو وعلى صفحات المجلات المعنية بكبار الأثرياء. وبينما حرص فنسنت تشينغويز على الابتعاد عن الأضواء، تصدر اسم روبرت تشينغويز العناوين الرئيسة في صحف «التابلويد» البريطانية لمواعدته عارضات أزياء وإقامته حفل باذخ احتفالا بعيد ميلاده الأربعين دعا إليه 500 ضيف. وبمعاونة «كوبثنغ»، اقترض روبرت تشينغويز بكثرة لشراء حصة 10% من «جيه سينسبري» وحصة في سلسلة شركة «ميتشيلز أند بتلرز». وفي خضم الأزمة، انهارت الكثير من الاستثمارات، ثم انهار «كوبثنغ» واضطر روبرت لبيع الكثير من الأصول التي يملكها بخسارة.

وخلال مقابلة أجرتها معه «إيفننغ ستاندرد» عام 2009، ألقى روبرت اللوم على المصارف عن المشكلات التجارية التي تعرض لها هو وشقيقه. وقال: «لا أعتقد أن هناك أي شخص تنبأ بحجم المشكلات التي وقعت. في حالتنا، مثلا، انهار مصرفان (كوبثنغ و«ليمان) عندما يكون شريكك التجاري مصرفا وينهار، فإن هذا يتجاوز حسابات أي شخص».

*خدمة «نيويورك تايمز».