مصرف إنجلترا يتجاهل الضغوط التضخمية.. ويبقي الفائدة متدنية

أبقى الفائدة عند 0.5% على الرغم من ارتفاع التضخم إلى ضعف النسبة التي يستهدفها

جانب من بنك إنجلترا المركزي (رويترز)
TT

أبقى مصرف إنجلترا المركزي معدل الفائدة عند 0.5 في المائة على الرغم من ارتفاع معدلات التضخم في بريطانيا التي سجلت 4 في المائة في يناير (كانون الثاني) الماضي، والتي تشكل ضعف سقف معدل التضخم المستهدف من قبل مصرف إنجلترا المركزي، إلا أن ميرفن كينغ حاكم مصرف إنجلترا المركزي أشار إلى أنه لا يتوقع بقاء معدلات التضخم على هذا النحو في المستقبل، مشيرا إلى احتمال بلوغ معدلات التضخم ذروتها خلال الربع الثالث من هذا العام. هذا التصور لمعدلات التضخم من قبل ميرفن كينغ يواجه تباينا من قبل بعض الأعضاء التسعة لمجلس إدارة مصرف إنجلترا المركزي الذين لا يشاطرونه توقعاته بتبدد معدلات التضخم في المستقبل خصوصا العضو آندرو ستانس الذي طالب برفع معدلات الفائدة بنصف نقطة مئوية لكبح جماح الضغوط التضخمية، إلا أن تنحيه في مايو (أيار) المقبل يقلل من أثر تصريحاته في أسواق المال، ويبقي التركيز على تصريحات سبينسر ديل كبير المستشارين الاقتصادين لمصرف إنجلترا المركزي. ويعد سبينسر ديل أحد أهم الأصوات المسموعة لدى الأوساط المالية في بريطانيا، حيث أشار إلى الحاجة للبدء تدريجيا في اتخاذ سياسة نقدية متشددة تجاه معدلات التضخم في بريطانيا.

ومنذ مايو 2010 شهد الفرق بين معدلات الفائدة البريطانية ومثيلتها الأميركية اتساعا نسبيا ساهم في دعم أسعار صرف الجنيه الإسترليني مقابل الدولار، حيث إن ذلك الاتساع في فروقات أسعار الفائدة جاء نتيجة هبوط أسعار الفائدة الأميركية مدفوعة ببرامج التيسير الكمي المخصصة لشراء الأصول المالية وتعزيز الملاءة المالية للمصارف الأميركية التي شهدت اضطرابا في مراكزها المالية بعد تأثرها بالأصول الرديئة المتخمة في أسواق المال والتي لم تستطع التخلص منها بعد انخفاض التقييم الائتماني لتلك الأصول من قبل وكالات التصنيف الائتماني الدولية.

وشهد سعر صرف الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأميركي ارتفاعا بنحو عشرة سنتات منذ مطلع عام 2011 مما ساهم في كبح جماح الضغوط التضخمية التي ما زالت مدفوعة بارتفاع أسعار الغذاء والطاقة خلال الربع الأول من هذا العام، إلا أن هذا الارتفاع في أسعار الصرف ما زال دون مستويات أسعار الصرف في 2007 مما شكل ارتفاعا في أسعار الواردات التي بدورها دفعت معدلات التضخم للبقاء فوق المستويات المقبولة لدى مصرف إنجلترا المركزي.

وتتوقع أسواق المال أن يقوم مصرف إنجلترا المركزي برفع معدلات الفائدة في يونيو (حزيران) المقبل بواقع نصف نقطة مئوية استجابة لبوادر نمو للاقتصاد البريطاني بعد أن شهد انكماشا مؤقتا نتيجة عوامل الطقس البارد والثلوج التي تزامنت مع رفع ضريبة المبيعات من 15 إلى 20 في المائة في يناير (كانون الثاني) الماضي، مما دفع الإنفاق الاستهلاكي للتباطؤ. هذا التوقع من قبل أسواق المال لرفع معدلات الفائدة يصطدم مع بيانات متضاربة لمبيعات التجزئة من قبل مصدرين مهمين لتلك البيانات وهما مكتب الإحصاء البريطاني واتحاد التجزئة البريطاني، إلا أن التصورات الغالبة لتلك البيانات ما زالت ترجح كفة الهبوط في نمو معدلات مبيعات التجزئة نتيجة انخفاض دخل ربات البيوت. وكان ميرفن كينغ طالب بإصلاح النظام المصرفي في بريطانيا، محذرا من مواجهة أزمة مالية أخرى إذا تم تجاهل الإصلاحات المنشودة. وأشار ميرفن كينغ في حوار له مع جريدة الـ«تليغراف» اللندنية إلى أن هنالك اختلالات تنمو في ميزانيات المصارف البريطانية بدأت تضغط سلبيا على الملاءة المالية للنظام المصرفي. ودعا كينغ إلى إعادة النظر في آليات تقييم طلبات التمويل من قبل المصارف لعملائها وعدم تعزيز الربحية مقابل إهلاك الملاءة المصرفية. وتتزامن تحذيرات كينغ مع تشكيل لجنة حكومية بقيادة وزير الخزانة البريطاني جورج أوزبورن للنظر في سن تشريعات تدفع المصارف البريطانية إلى بيع وحداتها الاستثمارية. وشدد ميرفن كينغ على أن سياسة الربح قصير الأجل التي تمارسها المصارف البريطانية مسؤولة عن الأزمات المالية. وقارن كينغ قطاع المصارف بقطاع التصنيع الذي وصفه بأنه أكثر التفاتا لحاجات القوى العاملة واحتراما للزبائن في المجتمع البريطاني.

وشكلت تصريحات ميرفن كينغ حرجا لوزير الخزانة البريطاني الذي عقد صفقة مع القطاع المصرفي تتيح تعزيز آليات التمويل للقطاع الخاص مقابل الإبقاء على سياسة منح الموظفين في القطاع المصرفي علاوات سنوية التي انتقدها ميرفن كينغ واصفا إياها ببذور الأزمة المالية السابقة.