رئيسة لجنة الأوراق المالية والبورصة الأميركية تعترف بأخطاء في معالجة ملف مادوف

في اعترافاتها أمام لجنة الكونغرس

مادوف نفذ أكبر عملية إحتيال في التاريخ («نيويورك تايمز»)
TT

اعترفت رئيسة لجنة الأوراق المالية والبورصة، يوم الخميس الماضي، أمام لجنة تابعة للكونغرس بأن رد فعلها كان ليختلف اليوم عما كان عليه منذ عامين حيال المخاوف الأخلاقية بخصوص كشف موظف معها عن أن والدته استثمرت أموالا مع بيرنارد إل. مادوف.

إلا أن رئيسة اللجنة، ماري إل. شابيرو، أعربت عن اعتقادها أنها تصرفت على النحو المناسب عام 2009 عندما كشف ديفيد إم. بيكر الذي عمل حينها مستشارا عاما، عن أن والدته تملك حسابا استثماريا لدى مادوف، لكنه أغلق بعد وفاتها منذ سنوات.

وبينما اعتمدت شابيرو على بيكر لإثارة القضية مع مسؤول الأخلاقيات المعني بمنع وقوع تعارض مصالح داخل لجنة الأوراق المالية والبورصة ومتابعة نصيحة هذا المسؤول، قالت شابيرو إنها كرئيسة للجنة، كان عليها التحرك «لما هو أبعد مما هو مطلوب في أي موقف آخر».

كان بيكر الذي ترك العمل في لجنة الأوراق المالية والبورصة في فبراير (شباط)، قد أخبر شابيرو لدى انضمامه للعمل باللجنة أن والدته المتوفاة كان لها حساب لدى مادوف، الذي تسبب مخططه الاحتيالي في خسارة عملائه مليارات الدولارات. وقالت شابيرو إن بيكر أخبرها بأن الحساب تمت تصفيته منذ سنوات قبل إزاحة الستار عن مخطط الاحتيال.

الشهر الماضي، تسلطت الأضواء على مسألة ما إذا كان بيكر ولجنة الأوراق المالية والبورصة يمثل تعارض للمصالح بعدما تقدم إرفنغ إتش. بيكارد، القيم الذي يتولى الإشراف على قضية مادوف، بدعوى قضائية ضد بيكر وأشقائه لاستعادة 1.5 مليون دولار من إجمالي مليوني دولار ورثوها من حساب والدتهم لدى مادوف. ويذكر أن الروابط المالية بين بيكر ومادوف لم تتكشف حتى وقت التقدم بهذه الدعوى.

وأخبرت شابيرو لجنة فرعية تابعة للجنة الإشراف والإصلاح الحكومي التابعة لمجلس النواب، بأنه «لم يرد بذهني أن حساب والدته الذي أغلق منذ سنوات سينطوي على تعارض في المصالح». وأشارت إلى أنها لم تنصح بيكر بشأن كيفية التعامل مع الموقف، لكنها انتظرت من بيكر، كمحام سبق له العمل لدى لجنة الأوراق المالية والبورصة، أن يكون مدركا لضرورة أن يكشف هذا الأمر أمام مسؤول الأخلاقيات داخل اللجنة واتباع نصيحته بهذا الشأن. واعترفت بأن رد فعلها كان سيختلف حيال هذا الأمر بالنظر إلى أنها تدرك الآن ما خلصت إليه التحقيقات بشأن قضية مادوف وكيفية استعادة الأموال التي استولى عليها. وأكدت أنه «بالنظر إلى ما أعلمه الآن، أتمنى بالتأكيد لو أن بيكر اعتبر نفسه غير مؤهل للعمل في اللجنة».

ومن خلال منصبه كمستشار عام، قدم بيكر المشورة إلى اللجنة بخصوص كيفية الاستجابة لدعاوى ضحايا فضيحة مادوف والذين سعوا لاستعادة الأموال التي استثمروها، بجانب أموال إضافية يعتقدون أنها كانت في حساباتهم. وقالت شابيرو: «بخصوص قضايا كتلك، علي أن أتوخى الحذر دوما والتطلع لما وراء الأفق والتفكير لما هو أبعد من نصيحة مسؤول الأخلاقيات داخل اللجنة، وذلك للتأكد من عدم وقوع ما يثير الشكوك بشأن مهام اللجنة أو عملياتها». وطلبت شابيرو من مستشار شؤون الأخلاق الذي تم تعيينه مؤخرا باللجنة إجراء «مراجعة من أعلى لأسفل» للإجراءات الأخلاقية، مضيفة أنه: «سنتعلم من هذه التجربة وسنتخذ جميع الإجراءات الضرورية لنكون جديرين بالثقة التي يوليها الرأي العام بنا». وقد استثمرت والدة بيكر 500.000 دولار لدى مادوف عام 2000. وتوفيت عام 2004، وفي عام 2006 قسم أبناؤها الثلاثة أرباح أموالها المستثمرة، التي تضمنت مليوني دولار تم سحبها من حساب الأم لدى مادوف.

وكان من المتوقع أن تثير جلسة الاستماع ردود فعل شديدة من جانب رئيس اللجنة، النائب داريل إي. إيسا، النائب الجمهوري عن كاليفورنيا، والأعضاء الجمهوريين الآخرين باللجنة التابعة للكونغرس. لكن القضية برمتها لم تحظ باهتمام كبير، ولم تتكشف معلومات تثير اتهامات بارتكاب أي من أعضاء لجنة الأوراق المالية والبورصة لتجاوزات. وربما تكمن أحد الأسباب وراء ذلك في أن التحقيق الرسمي بهذا الخصوص قد بدأ لتوه. وقد طلبت شابيرو من إتش. كوتز، المفتش العام لدى اللجنة، الشروع في تحقيق بهذا الشأن، ويعكف حاليا على جمع وثائق وعقد مقابلات مع موظفين باللجنة.

وقالت شابيرو إنها عاجزة عن الاعتماد على أي ملحوظات مكتوبة أو رسائل بريد إلكتروني أو مذكرات قد تكون لها صلة بالأمر لأنها طلبت من المفتش العام الشروع في جمع المواد المعنية بالقضية، وبالتالي اعتمدت شهادتها على ذاكرتها فقط.

على صعيد منفصل، نشرت لجنة الأوراق المالية والبورصة، الخميس، تقرير أحد الاستشاريين يوصي بإجراء تغييرات في الهيكل التنظيمي للجنة ونظام حوكمتها للسماح بمتابعة أسواق الأوراق المالية المتطورة بسرعة والمخاوف التي تثيرها عملية تحديد المخصصات داخل الكونغرس. وذكر التقرير أنه ينبغي على اللجنة تعزيز إشرافها على المنظمات الخاضعة لتنظيمات ذاتية داخل صناعة الأوراق المالية ونقل بعض المهام إلى هذه الكيانات، إضافة إلى ذلك، يوصي التقرير بأن تعيد لجنة الأوراق المالية والبورصة النظر في نموذجها الإقليمي الذي يضع بعض وليس كل مهام فرض القانون والرقابة في أيدي المكاتب الإقليمية، وليس للمقر الرئاسي للجنة الأوراق المالية والبورصة.

وأجريت الدراسة التنظيمية للجنة الأوراق المالية والبورصة التي جاءت في 263 صفحة من قبل «بوسطن كنسلتنغ غروب» في ظل «قانون دود - فرانك». وبالفعل، أقرت عملية الإصلاح التنظيمي في يوليو (تموز) التي جاءت استجابة للأزمة المالية. وأوصت الدراسة أيضا بأن يتخذ الكونغرس قرارا حيال ما إذا كان يرغب في التخفيف من حدة القيود على تمويل اللجنة ليسمح لها بالاضطلاع بالمهام الموكلة إليها أو أنه يرغب في تغيير دور لجنة الأوراق المالية والبورصة ليجعله متوائما مع مستوى التمويل الراهن.

*خدمة «نيويورك تايمز»