اليونان تعتبر تخفيض «موديز» لائتمانها غير مبرر ومحللون يعدونه ضربة للإصلاحات

في أعقاب تراجع حاد لسوق الأسهم وارتفاع تكلفة الدَّين

تراجعت سوق أثينا للأوراق المالية في الأيام الأخيرة واستمر تصاعد الضغوط على السندات التي طرحتها الحكومة اليونانية
TT

بات أمرا واقعا تأكيدات الخبراء والمراقبين الاقتصاديين أن تخفيض مؤسسة «موديز» التصنيف السيادي لليونان ثلاث درجات إلى بي1 مقابل بي إيه1 سابقا، يوم الاثنين الماضي، ضربة وصدمة قاسية بالنسبة لليونان والإصلاحات التي تنفذها حاليا، وأن هناك أخطارا كبيرة قد تقع نتيجة هذا التخفيض، لا سيما في فشل سياسات إصلاحية بدأت بالفعل، وأيضا ضد قرارات الاتحاد الأوروبي نفسه في الوقت الذي سوف تؤخذ فيه قرارات حاسمة يجري التفاوض عليها حاليا لمؤتمر القمة الأوروبي، وفي وقت حساس على نحو خاص بالنسبة للاقتصاد العالمي والأسواق.

وتعاني اليونان حاليا من تراجع حاد بسبب إعلان «موديز»، وهوت الأسهم اليونانية بنسبة 3.81 في المائة، حيث تراجعت سوق أثينا للأوراق المالية بشكل حاد في الأيام الأخيرة، كما استمر تصاعد الضغوط على السندات التي طرحتها الحكومة اليونانية عقب قيام مؤسسة «موديز» بخفض التصنيف الائتماني لليونان، وفى هذا الإطار ارتفع عائد سندات السنوات العشر اليونانية بنحو 15 نقطة أساس ليبلغ 12.48 في المائة كما ازداد الانتشار، وهو ما يمثل أعلى مستوى له منذ 11 يناير (كانون الثاني) الماضي، وقامت أثينا بإدراج مزاد لسندات آجلة 6 أشهر مقابل 1.25 مليار يورو.

وتسلمت «الشرق الأوسط» بيانا لوزارة المالية اليونانية اعتبرت فيه أن التخفيض الائتماني من قبل «موديز» غير مبرر تماما، وليس على أساس تقييم موضوعي ومتوازن للظروف الاقتصادية التي تواجه اليونان، وأن الوقت الذي اختارت فيه هذه المؤسسة التخفيض الائتماني والإعلان عنه غير مفهوم ويثير تساؤلات خطيرة، وأن الحجج التي قدمتها المؤسسة لا تتوافق بأي حال من الأحوال مع التقدم المحرز في الأشهر الأخيرة في القطاعات المختلفة في اليونان.

وكانت «موديز» قد اعتمدت على تخفيض تصنيف اليونان ثلاث درجات على ثلاثة أسس، وهي: 1 - تحقيق الاستقرار المالي في اليونان معرض لمخاطر كبيرة صعبة التنفيذ. 2 - اليونان لا تزال تواجه صعوبات كثيرة في جمع الإيرادات. 3 - هناك خطر يتمثل في مستقبل الاقتصاد في الفترة بعد 2013، التي سيغيب فيها الدعم من مصادر رسمية قد تكون البلاد غير قادرة على توفير سيولة، وهذا قد يؤدي إلى إعادة هيكلة الديون.

ولكن المراقبون هنا في أثينا ذكروا أن التقارير أثبتت أن اليونان تمضي قدما في الإصلاحات التي لم يسبق لها مثيل، وخفض العجز بنسبة 6 نقاط مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، خلال الـ9 أشهر الأخيرة بالمقارنة مع 9 أشهر من العام الماضي، وأكبر دليل على ذلك، كما دخلت البلاد مسار التكيف المالي للقضاء على المخاطر التي كانت موجودة في البلاد سابقا مثل التهرب الضريبي والفساد وخلافه.

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» ذكر بانايتو بولوس، وهو أحد المحللين الاقتصاديين، أن «موديز» اعتمدت على عدم اليقين بشأن الأوضاع في منطقة اليورو بعد 2013، وتأثيرها على الديون اليونانية، رغم أن الجميع يعرف أن اتخاذ القرارات في الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو لا يزال في عملية العلاج، وأن هناك التزاما صريحا من معظم البلدان في اتخاذ القرارات على القمة الأوروبية في مارس (آذار)، وتجاهلت المؤسسة تماما التعبير عن عزم الدول الأعضاء في منطقة اليورو في أي وسيلة، لمواصلة دعم البلدان التي تواجه مشكلات مماثلة في الحصول على رأس المال المقترض.

من جهتها ذكرت وزارة المالية اليونانية أيضا أن أثينا تخضع كل ثلاثة أشهر من قبل لجنة الترويكا للتفتيش والبحث في الدفاتر والتقييم، وذلك لتنفيذ برنامج الإصلاح الهيكلي، فضلا عن مؤشرات التقدم المحرز في تدعيم النظام المالي والقدرة التنافسية، وأن هذا البحث والتقييم قبل أيام يؤكد التقدم الذي أحرزته اليونان والأشياء التي يجب التحرك إليها.

من جهة أخرى أوضحت بيانات إحصائية يونانية صدرت أمس الخميس، تباطؤ ارتفاع التضخم السنوي في أسعار المستهلكين خلال شهر فبراير (شباط) إلى 4.4 في المائة، بالمقارنة مع 5.2 في المائة في يناير، في حين توقع الاقتصاديون بقاء النسبة عند 5.2 في المائة دون تغيير، أما على أساس شهري فقد ارتفعت أسعار المستهلكين بنسبة 1.3 في المائة، وتزامن ذلك مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية بنسبة 2.4 في المائة على أساس سنوي، بينما قفزت أسعار المشروبات الكحولية والتبغ بنسبة 19.2 في المائة.

أما أسعار الملابس والأحذية فارتفعت بنسبة 9.9 في المائة لتظل دون مستواها خلال نفس الشهر من العام السابق، أما تكلفة النقل فزادت بنسبة 12 في المائة والسكن بنسبة 9.9 في المائة.

في غضون ذلك كشفت هيئة الإحصاء اليونانية عن أن معدل البطالة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي قفز إلى 14.8 في المائة، مع تسريح أكثر من 40 ألف عامل خلال شهر، وذكرت الهيئة أن معدل البطالة في ذلك الشهر يأتي مقارنة ببطالة نسبتها 13.9 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وأن خلال ديسمبر فقد ما إجماله 41 ألفا و68 شخصا وظائفهم، ليرتفع عدد العاطلين إلى نحو 734 ألف شخص.