اتهامات مثيرة في قضية متاجرة داخلية على أسهم «غولدمان ساكس»

المتهم كسب 900 ألف دولار بعد مكالمة هاتفية حول استثمار الملياردير بيفت في البنك

يواجه أليساندرو ديلا بيلا المدير السابق لدى «غولدمان ساكس» اتهامات بتمرير معلومات على نحو غير قانوني إلى راج راجاراتنام («نيويورك تايمز»)
TT

في غضون ثوان قليلة بعدما أنهى راجات كيه. غوبتا، وكان حينها مديرا لدى «غولدمان ساكس»، حديثا مع مسؤولي المؤسسة علم خلاله أن الملياردير الأميركي وارين إي. بيفت وافق على استثمار 5 مليارات دولار في المؤسسة، سارع إلى التقاط سماعة الهاتف واتصل بصديقه راج راجاراتنام، حسبما أفاد مسؤولون تنظيميون. وفي غضون دقائق، راهن راجاراتنام على أسهم «غولدمان ساكس» واشترى صفقة أسهم، أكسبت شركته، «غاليون غروب»، 900.000 دولار.

في الأسبوع الماضي، أعلنت لجنة الأوراق المالية والبورصة، التي اتهمت غوبتا بالمضاربة بناء على معلومات داخلية، أن هذا الأمر لم يحدث مرة واحدة فحسب، وإنما تكرر مرارا. واتهمت اللجنة غوبتا بأنه فعل ذلك أثناء عمله في «بروكتر آند غامبل»، التي عمل بها مديرا أيضا. ولم يتضح بعد ما قيل تحديدا خلال هذه المحادثات الهاتفية، لكن إذا تمكنت لجنة الأوراق المالية والبورصة من إثبات اتهاماتها، فإن هذا يعني أن غوبتا، الذي يعد واحدا من كبار العاملين بالمجال الإداري الذين يحظون باحترام واسع النطاق وسبق له العمل في «مكنزي آند كمباني» وعمل مستشارا لدى «بيل آند ميليندا غيتس فاونديشن»، اعتاد «الكشف عن أكثر الأسرار حساسية وقيمة». لكن اللافت للانتباه بخصوص الاتهامات الموجهة إلى غوبتا، التي أعلنت قبيل أيام من محاكمة راجاراتنام جنائيا، التي كان مقررا أن تبدأ أمس الثلاثاء. وبالنظر لخطورة الادعاءات، التي تدور حول التلاعب بناء على معلومات داخلية من قبل مسؤول تنفيذي ترقى في عمله حتى بلغ المستويات العليا من الإدارة بمؤسسات تجارية أميركية - فإن التساؤل هو: لماذا لا توجه اتهامات جنائية ضد غوبتا؟

هنا تحديدا يبدأ الغموض الذي يكتنف حقائق القضية بعض الشيء، الأمر الذي يثير تساؤلات في صفوف المحامين حيال دوافع لجنة الأوراق المالية والبورصة.

عن ذلك، قال كيب ويسمان، شريك بـ«لوس غورمان بومرينك آند شيك» في واشنطن ومحام سابق لدى لجنة الأوراق المالية والبورصة: «هذا أمر استثنائي للغاية. هذا مؤشر خطير».

ولم يقتصر الأمر على عدم فتح وزارة العدل قضية جنائية بهذا الشأن، على الأقل حتى الآن، وإنما أيضا قررت لجنة الأوراق المالية والبورصة عرض قضيتها على قاضي قانون إداري، بدلا من عرضها على محكمة فيدرالية، حيث يتمتع المتهم بحقوق كشف كاملة. وتستخدم لجنة الأوراق المالية والبورصة بندا جديدا في «قانون دود فرانك» لتناول القضية على هذا النحو.

وذكر ويسمان أن «هذا يجعل القضية أيسر من منظور الأدلة»، بالنسبة للجنة الأوراق المالية والبورصة وعرضها القضية على قاض إداري. وشرح أن «معايير الأدلة هنا أقل. ومن اللافت أن اللجنة طرحت القضية على القضاء بهذه الصورة».

وتحمل الأرقام دلالات لافتة للاهتمام، ذلك أن لجنة الأوراق المالية والبورصة طرحت جميع القضايا الـ26 المتعلقة بـ«غاليون غروب» على محكمة فيدرالية، ولم تطرح أي منها على قاض إداري، وهو ما دفع البعض ومنهم ويسمان للتساؤل عن السبب. وتثير قائمة ادعاءات لجنة الأوراق المالية والبورصة ضد غوبتا بعض التساؤلات المهمة: نظرا لأن الحكومة تنصتت على محادثات راجاراتنام الهاتفية، فهل سجلت لجنة الأوراق المالية والبورصة أيا من محادثاته؟ يبدو أن الإجابة بالنفي.

في إحدى الحالات، قالت لجنة الأوراق المالية والبورصة إن «السجلات الهاتفية والمداخلات المؤرخة» تشير فقط إلى أن «من المحتمل للغاية أن غوبتا وراجاراتنام جرى بينهما اتصال هاتفي». والتساؤل هو: منذ متى باتت عبارة «من المحتمل للغاية» تعد دليلا كافيا لإعلان ادعاءات مدنية؟

الأغرب من ذلك، أن الدعوى الخاصة بلجنة الأوراق المالية والبورصة لم تشر لتلقي غوبتا أي صورة من صور التعويض عن تمريره معلومات داخلية تخص المؤسسة التي يعمل بها لراجاراتنام. وإذا كان ذلك صحيحا، فما الذي يدفع غوبتا إذن لتمرير المعلومات؟ (جدير بالذكر أنه ليس لزاما على لجنة الأوراق المالية والبورصة إثبات انتفاع غوبتا ماديا كي تثبت قضيتها). إلا أن ذلك لا يعني أن الأدلة الظرفية غير قوية، لكن ما سبق يثير تساؤلات لدى خبراء قانونيين يحاولون استشفاف ما تنويه الحكومة.

ويتمثل الخطاب السائد بين محامي الدفاع حول أن لجنة الأوراق المالية والبورصة طرحت هذه القضية أمام قاض إداري لتشويه صورة غوبتا للمساعدة في قضية جنائية جارية ضد راجاراتنام. لكن لنا أن نتخيل أنه إذا كانت الأدلة قوية بالفعل ضده، ربما كان سيسعى غوبتا لأن يتحول إلى شاهد لحساب الحكومة لإنقاذ نفسه (أشخاص مقربون من القضية أشاروا إلى أن هذه التسوية طرحت بالفعل على الطاولة).

علاوة على ذلك، هناك أمر محير بشأن البيان الذي أصدره غاري نافتاليس، محامي غوبتا، في اليوم الذي تمت مقاضاته خلاله، حيث قال: «لم يقترف غوبتا أي خطأ. وليست هناك مزاعم بأن غوبتا تاجر في أي من هذه الأوراق المالية أو شارك في أي أرباح كجزء من اتفاق مقايضة». وفي أكتوبر (تشرين الأول)، وصف آلان لافلي، الرئيس التنفيذي السابق لـ«بروكتر آند غامبل»، غوبتا بصورة إيجابية، حيث قال عنه «أراه شبيها بتوماس أكويناس»، الفيلسوف والقس. والواضح أن اتهامات لجنة الأوراق المالية والبورصة تحد من هالة القدسية من حوله، لكنها لا تجعله آثما، على الأقل حتى الآن.

* خدمة «نيويورك تايمز»