بيغوفيتش رئيس البوسنة لـ «الشرق الأوسط»: لدينا البنية التحتية والموارد التي تمكننا من بناء شراكات اقتصادية

قدر خسائرها من اضطرابات ليبيا بنحو ملياري دولار

TT

تسببت الأزمة الليبية في خسائر وتداعيات على الاقتصاد البوسني تقدر بمليار ونصف المليار يورو (قرابة ملياري دولار)، إضافة لعودة عدد كبير من العمال البوسنيين من ليبيا. وكانت شركات مقاولات، وأخرى صناعية تتمتع بسمعة دولية عالية، تعمل في ليبيا، قد اضطرت لوقف مشاريعها، وتسريح عمالها وموظفيها، الذين عادوا إلى البوسنة من خلال جسر جوي، بين سراييفو وطرابلس، كما عاد مئات من العمال البوسنيين مع نظرائهم الأتراك في وسائل النقل التركية البحرية والجوية، إلى سراييفو عبر إسطنبول. وقال وكيل وزارة الخارجية البوسنية أدهم باشيتش، لـ«الشرق الأوسط»: «خسائر الشركات البوسنية جراء الأزمة البوسنية كبيرة جدا، ولكن ظرفية، فبعد انتهاء الأزمة نتوقع أن يكبر الحضور البوسني في ليبيا، نحن نتابع بقلق بالغ ما يجري هناك»، وأكد ما تردد سابقا من أن خسائر البوسنة في ليبيا وصلت إلى مليار ونصف المليار يورو.

من جهة أخرى يعلق البوسنيون آمالا واسعة على منتدى سراييفو الاقتصادي الذي سيعقد في 6 و7 أبريل (نيسان) المقبل، لتعويض الخسائر الناجمة عن الأزمة الليبية. وأعرب الرئيس البوسني، باكر علي عزت بيغوفيتش، عن أمله في أن يكون «منتدى سراييفو الاقتصادي» الثاني فرصة لتبادل المنافع بين رجال الأعمال في العالم، والبوسنة، ومنطقة غرب البلقان عموما. وقال بيغوفيتش في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا البنية التحتية، ومشاريع تتعلق بهذا الشأن، إضافة لموارد الطاقة الكهرومائية، والمقاولات، وصناعة الغذاء، وهذه من العناصر الأساسية، التي ستبحث في المنتدى الاقتصادي المقبل، ولدينا مشاريع مفصلة بخصوصها، ستعرض على رجال الأعمال، والسياسيين الذين سيحضرون المؤتمر، الذي سيشهد ديناميكية جديدة لصالح جميع الأطراف؛ سواء في البوسنة، أو دول الجوار، أو الدول ورجال الأعمال الذين سيأتون من الدول العربية ومختلف دول العالم الأخرى.. هذه فرصة وسيلقى الجميع الترحيب وكل التسهيلات التي يطلبونها».

وتابع: «أعتقد أن الكثير من الأمور يمكن تحقيقها، من أجل بناء عالم متكافل، فما يقع في دولة أو منطقة ما أصبح يؤثر على باقي الدول والمناطق الأخرى في العالم»، وأردف: «منتدى سراييفو الاقتصادي يمثل نبأ سياسيا واقتصاديا جيدا، تنعكس نتائجه إيجابيا على البوسنة ومنطقة غرب البلقان وشركائنا في البلاد الإسلامية والدول الأوروبية وبقية دول العالم، حيث ستحضر المنتدى الصين ودول من شرق آسيا، إلى جانب الولايات المتحدة، والباب مفتوح لدول أميركا اللاتينية، والأفريقية وغيرها»، وعن أهداف المنتدى لهذا العام، أفاد بأن «المنتدى يهدف لحياة أفضل لشعوب الدول التي ستشترك فيه، وهو ما يقود إلى الاستقرار السياسي والاقتصادي، إذا ما نجحنا في عقد شركات وتوقيع اتفاقات تعود بالنفع على جميع الأطراف المتعاقدة، وليس على طرف واحد»، وأضاف: «أعتقد أن الكثير من الأمور يمكن تحقيقها، وهذه رسالة من أجل بناء مستقبل أفضل»، وعن رسالته للشركات البوسنية، في مجال المقاولات، وهي شركات ضخمة عملت، وما زالت تعمل، في عدد من الدول الأوروبية والعربية، لا سيما الجزائر، وليبيا، والعراق، والكويت، قال: «هناك الكثير من الدول تلمس الخبرات والقدرات التي تتمتع بها الشركات البوسنية في جميع المجالات، ولكن علينا تعريف دول أخرى بقدراتنا حتى تتمكن شركاتنا من الولوج للسوق العالمية وفق معايير الجودة والتنافسية والشفافية، وهو ما سيسهم فيه منتدى سراييفو الثاني الشهر المقبل»، وبخصوص مشروع جعل سراييفو مركزا دوليا للتعليم العالي، قال: «سراييفو مكان نموذجي للنضال والكفاح من أجل صنع نموذج للتعايش بدل الصراع، والحياة جميعا بدلا من أن نموت جميعا، والتثقيف من أجل بناء الحضارة، ولدينا غنى الثقافة، وغنى الطبيعة، والتراكمات التاريخية التي تساعدنا على ذلك».

من جهته، قال مدير بنك البوسنة الدولي، عامر بوكفيتش لـ«الشرق الأوسط» انطلق منتدى سراييفو الاقتصادي، العام الماضي، ليكون تقليدا راسخا يتجدد عاما بعد عام، وهو لا يتعلق بالبوسنة فحسب، بل بمنطقة شرق أوروبا، وغرب البلقان»، وأشار إلى أن «منتدى سراييفو الاقتصادي، الأول، شهد حضورا سياسيا واقتصاديا مشجعا، حيث حضر رؤساء ورؤساء وزراء، من بينهم الرئيس البلغاري ستويانوف، ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس وزراء ماليزيا الأسبق، مهاتير محمد، وغيرهم، وتم عرض 157 مشروعا، يتعلق بالبنية التحتية، والطاقة، والسياحة، بقيمة 11.5 مليون يورو، وحضره 6 آلاف مشارك، وأكثر من 170 صحافيا»، وجدد حديثه عن مشروع جعل سراييفو مركزا للتعليم العالي باللغة الإنجليزية»، وقعنا جميع البروتوكولات المتعلقة بهذا المشروع الحيوي، مع الجامعات الخمس الكبرى في سراييفو، وسنبدأ في استقبال 20 ألف طالب من خارج البوسنة سنويا، لدينا جامعات لها سمعة عالمية، وأساتذة يدرسون في جامعات عريقة بكل من بريطانيا، والولايات المتحدة، وأستراليا، ودول أوروبية أخرى، مستعدون للاستقرار نهائيا في سراييفو»، وكشف عن وجود مساع لجعل منتدى سراييفو منتدى عالميا بحق، قائلا: «نسعى لجعل سراييفو دافوس شرق أوروبا وغرب البلقان؛ فالمنطقة غنية أيضا بالثروات، ولا سيما الخشب، الذي يعد عصب الكثير من الصناعات التكنولوجية الحديثة، فضلا عن الاستخدامات التقليدية»، وأكد وجود مشاورات مع عدد من الدول العربية المؤيدة لمنتدى سراييفو الاقتصادي، قائلا: «لدينا علاقات جيدة وتنسيق مع عدد من الدول العربية، وكذلك دول المنطقة، مثل المملكة العربية السعودية، والكويت، وقطر، ودولة الإمارات العربية المتحدة، إضافة لكل من ألبانيا، وكوسوفا، وكرواتيا، وصربيا، ومقدونيا، والجبل الأسود»، وبالتالي فإن هدف المنتدى، هو التعاون الدولي من أجل التنمية والسلام، وتعزيز الفرص الاقتصادية، وبناء تقاليد راسخة للتنمية الشاملة».