اتفاق أوروبي على نهج عام بشأن حزمة الإدارة الاقتصادية

إطلاق مفاوضات مع البرلمان لإقرار التدابير الجديدة

الرئاسة المجرية للاتحاد التفاوض مع البرلمان الأوروبي حول الإجراءات الجديدة
TT

اتفق مجلس وزراء المال والاقتصاد في دول الاتحاد الأوروبي، على نهج عام بشأن حزمة الإدارة الاقتصادية، وبالتالي ستبدأ الرئاسة المجرية للاتحاد التفاوض مع البرلمان الأوروبي في هذا الصدد، حسب ما ذكر وزير الاقتصاد الهنغاري جيورجي ماتولكيس ورئيس المجلس الحالي، الذي أضاف، من خلال بيان صدر في بروكسل، أن الرئاسة ستتولى هذه المهمة وأن الحل جاء في الوقت المناسب، بعد مناقشات لقادة الدول والحكومات الأوروبية. ويستند النهج العام على المقترحات التي قدمتها المفوضية الأوروبية في 22 سبتمبر (أيلول) 2010، والحزمة التي قدمها فريق العمل الذي قاده رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، وتتضمن تحقيق الإصلاح، والاستقرار، والنمو، وتعزيز المراقبة المالية، وإحكاما بشأن الأطر المالية الوطنية، وتدابير الإنقاذ بالنسبة للدول الأعضاء غير المتوافقة مع الآخرين، والكشف المبكر عن وجود عدم اتساق لمنع أي اختلالات في الاقتصاد الكلي للاتحاد الأوروبي، وهي أمور جرى حسمها بعد مفاوضات ثنائية ومتعددة الأطراف، واجتماعين لمجلس الإيكوفين، وأربعة اجتماعات على مستوى السفراء، وعشرة لقاءات لفريق العمل الأوروبي الاقتصادي. وفي النهاية جرى اعتماد مقترحات الرئاسة الحالية للاتحاد، للتوصل إلى النهج العام لحزمة الإدارة الاقتصادية، ومن المتوقع أن يبحث البرلمان الأوروبي في الحزمة خلال جلسات تنعقد يومي 19 و20 أبريل (نيسان) المقبل، وفي حال التوصل إلى نهج مشترك مع البرلمان الأوروبي، سيعرض الأمر على اجتماع «الإيكوفين» في يونيو (حزيران) المقبل لإقراره بشكل نهائي. من جهته، قال المجلس الوزاري الأوروبي، إنه جرى الاتفاق على نهج عام لمجموعة من التدابير الرامية إلى تعزيز الإدارة الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي بشكل عام، وفي منطقة اليورو بشكل خاص، لمواجهة التحديات؛ وأبرزها الاضطرابات الأخيرة في الديون السيادية، والأسواق. وقال المجلس إن الحزمة تتضمن تعزيز الانضباط في الميزانية في الدول الأعضاء، وتوسيع نطاق مراقبة السياسات الاقتصادية، وترجمة ما صدر عن فريق مجموعة العمل التي يرأسها فان رومبوي، والتي قالت في توصياتها، إن الاتحاد النقدي يحتاج على المدى البعيد إلى زيادة التنسيق الاقتصادي. وسبق أن شرح فان رومبوي رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي هذا الأمر، وقال إن التوصيات والمقترحات التي تتضمنها الحزمة تتضمن السير في 5 اتجاهات، وهي توسيع نطاق المراقبة الاقتصادية، بإنشاء آلية للمراقبة الاقتصادية يعطي إنذارا في وقت مبكر للكشف عن مخاطر اقتصادية تؤثر على التنمية المستدامة أو الموازنات أو مجال المنافسة، وهي مخاطر لم يجر الاهتمام بها بالشكل الكافي خلال العقد الأول من انطلاق التعامل باليورو، «وقد أظهرت الأزمة الأخيرة أن الموازنات السليمة ليست كافية لضمان نمو اقتصادي مستدام»، والاتجاه الثاني، زيادة الانضباط المالي وتقوية ميثاق الاستقرار والنمو. وأشار فان رومبوي إلى الاتفاقات السابقة التي جرى التوصل إليها وتتعلق بتدابير وعقوبات، و«جرى التوافق مؤخرا بشأن كيفية المبادئ العامة». والاتجاه الثالث، هو تنسيق أعمق وأوسع نطاقا، خاصة في ما يعرف باسم الفصل الدراسي الأوروبي الذي بدأ العمل به في العام الحالي. أما الاتجاه الرابع، فهو إدارة أكثر قوة للأزمات من خلال مصداقية القرار، ومعالجة الضائقة المالية، ومنع انتقال العدوى إلى دولة أخرى. والاتجاه الخامس، هو تقوية المؤسسات على الصعيد الوطني، مع استخدام أو إنشاء مؤسسات الهيئات العامة لتوفير تحليل مستقل والتوقعات بشأن السياسة المالية المحلية. وتريد الدول الأعضاء في منطقة اليورو استخلاص الدروس من الأزمة المالية التي ضربت اليونان وبعدها آيرلندا وهددت مقومات اليورو بشكل خطير. وسبق لاجتماعات «الإيكوفين» أن بحثت فرض عقوبات جديدة وأكثر تلقائية ضد البلدان التي تسجل مستويات مرتفعة جدا في مجالي العجز أو الديون. وتستوجب معايير عقد الاستقرار والنمو النقدي والاقتصادي الأوروبي حاليا أن يكون العجز العام أقل من 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي والديون لا تزيد على 60 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي، ولا تلتزم عمليا بهذه القواعد سوى دول قليلة في منطقة اليورو. وفي حين قال فان رومبوي إن «الاتحاد الأوروبي قدم خطوة كبيرة إلى الأمام في مجال الإدارة الاقتصادية» فإن رئيس منطقة اليورو جان كلود جونكر أبدى حذرا، وقال إنه يجب معاينة التفاصيل، وإن المفاوضات ستستمر لتحسين الآلية الجديدة المتفق عليها التي تنص على منح الدول المقصرة والمتسيبة مهلة 6 أشهر قبل إلحاق عقوبات بها. كما أن فرض أي عقوبات لن يتم سوى عبر التصويت بالأغلبية وليس بشكل تلقائي، مما يحد من فرص فرضه الفعلية. وقرر وزراء المالية في وقت سابق إنشاء نظام للإنذار على الاختلال الاقتصادي مثل فقاعة الإسكان في إسبانيا مؤخرا لمنع وقوع أزمات مالية جديدة. وخلال اجتماعات الاثنين والثلاثاء في بروكسل، بحث الوزراء طريقة تعزيز شبكة الإنقاذ المالية التي توصل زعماء دول المنطقة مؤخرا إلى توسيعها، وتم رفع قيمة صندوق الإنقاذ من 250 مليارا إلى 440 مليار يورو، الذي بدوره طمأن نفوس المستثمرين بالأسواق المالية، حيث ظهر ذلك جليا في تقلص كبير للفارق بين الفائدة على سندات الدول المتأزمة مثل اليونان والبرتغال وإسبانيا، وبين الفائدة على السندات الألمانية. وكانت الأضواء في اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو مسلطة على «البرتغال» التي تعد من الدول الفقيرة في المنطقة، واحتمالية أن تتقدم لطلب المساعدة بعد أن ارتفعت تكلفة الاقتراض في البلاد لمستويات تاريخية وقامت مؤسسات التصنيف الائتماني بتخفيض التصنيفات للقروض الحكومية. كان رئيس الحكومة البرتغالية جوزيه سكوراتس أعلن الجمعة الماضي عن إجراءات تقشفية جديدة لتهدئة الأسواق المالية. وفي السياق نفسه، يذكر أن الحكومة البرتغالية أعلنت مرارا رفضها لتلقي أي مساعدات خارجية.

وتوصل قادة منطقة اليورو، التي تضم 17 دولة أوروبية، إلى اتفاق مبدئي، بشأن ما يعرف باسم ميثاق من أجل اليورو، يهدف إلى اقتصاد تنافسي، وإدارة مالية سليمة. وعقب انتهاء الاجتماعات في بروكسل في وقت مبكر من صباح السبت الماضي، جرى الإعلان من جانب رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي في مؤتمر صحافي، أن 17 دولة من دول منطقة اليورو في الاتحاد الأوروبي، اتفقت على الخطوط العريضة لميثاق يطور ويعزز تنسيق الأنظمة الاقتصادية. وأوضح رومبوي أن «ميثاق من أجل اليورو» يعد جزءا مهما من الاستجابة الأوروبية لأزمة الديون العامة؛ إذ يهدف إلى تحقيق تمويلات عامة مستدامة واقتصاد تنافسي وأنظمة مالية سليمة. ورأى أن «التنافسية عامل أساسي للمساهمة في نمو اقتصاد الاتحاد الأوروبي، وإحلال المزيد من الاستدامة على المدييْن القصير والطويل، ولإيجاد مستويات أعلى من الدخل للمواطنين والحفاظ على نماذجنا الاجتماعية». ودعا دول الاتحاد من خارج منطقة اليورو للمشاركة في ميثاق اليورو مشاركة «تطوعية». ومن المقرر أن يتم تبني «ميثاق من أجل اليورو» بشكل رسمي في قمة الاتحاد الأوروبي، المقررة في بروكسل في الرابع والعشرين من مارس (آذار) الحالي. من جهته، قال رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو في المؤتمر الصحافي إن «الاتحاد الأوروبي يمتلك الآن خطة حقيقية لتعزيز إدارة الاقتصاد، وهذه الخطوة مهمة للغاية من أجل دعم الجهود ذات المصداقية».

وناشد البيان الختامي لقمة الاتحاد الأوروبي اليونان الاستمرار في الإصلاحات الهيكلية وتنفيذ برنامج تطوير العقار، في حين دعا آيرلندا إلى تقديم إطار مالي ثابت وصارم ينفذ الأهداف المالية عبر تخفيض الإنفاق وزيادة الموارد. وفي رسالة في صفحته بموقع «تويتر»، قال فان رومبوي الذي رأس الاجتماع: «لدينا اتفاق بشأن الاتفاقية لمنطقة اليورو». وقال إن زعماء منطقة اليورو توصلوا لاتفاق بشأن اتفاقية للتنافسية لمنطقة العملة الأوروبية الموحدة. وتدعو اتفاقية التنافسية، التي اقترحتها ألمانيا وفرنسا الشهر الماضي، إلى إدراج قواعد الاتحاد الأوروبي بشأن الحد الأقصى للديون وعجز الميزانية في التشريعات الوطنية وزيادة تدريجية لسن الإحالة للتقاعد ومرونة أكبر لأسواق العمالة ومراجعة قواعد الأجور.. وأوضح متحدث باسم فان رومبوي أنه تم التوصل لاتفاق من حيث المبدأ، لكن الزعماء ما زالوا يعملون على العناصر الأخرى للرد الشامل على أزمة الدين السيادي، الذي تشكل اتفاقية التنافسية جزءا منه. وقال المتحدث: «لا اتفاق على شيء حتى يتم الاتفاق على كل شيء».