أسواق الإلكترونيات والسيارات العالمية أمام أزمة بسبب كارثة اليابان

«تويوتا» الأكثر تأثرا لأنها تصنع معظم موديلاتها في اليابان

«سوني» من الشركات التي تأثرت بالزلزال وبالتالي تزويدها للسوق بمكونات أجهزة سيتأثر في الشهور المقبلة («نيويورك تايمز»)
TT

الأسبوع الماضي كان ثمن شريحة ذات سعة ثمانية غيغابايت، تستخدم في آلات التصوير والهواتف الذكية والأجهزة الأخرى، يبلغ 7.30 دولار في السوق الفورية التي يشتري منها المصنعون المكونات. لكن سعر الشريحة ارتفع يوم الاثنين الماضي إلى 10 دولارات، وهو ما يوضح التأثير الفوري للكارثة التي حدثت في اليابان على المعروض من المكونات التي تدخل في إنتاج الكثير من الأجهزة الإلكترونية للمستهلك والمنتجات الأخرى. لقد أدى الزلزال والتسونامي إلى دمار المصانع وبنية النقل والطاقة. وأدى إغلاق المصانع إلى حدوث مشكلات في الصناعات التكنولوجية. فقد صرحت شركة «توشيبا»، التي يمثل إنتاجها ثلث إنتاج العالم من الشرائح المستخدمة في تخزين البيانات في آلات التصوير والهواتف الذكية وأجهزة الكومبيوتر الصغيرة، يوم الاثنين الماضي، بأنها أغلقت بعض المصانع التابعة لها، مشيرة إلى تأثر إنتاجها بهذا.

ويقول جيم هاندي، مؤسس شركة «أوبجيكتيف أناليسيز» التي تعمل في مجال أبحاث التصنيع في «سيليكون فالي»، الذي كان يتابع الأسعار، إن السوق الفورية لهذه الشرائح ارتفعت من 10 إلى 27 في المائة. ويقول المحللون إن الشركات الصغيرة في اليابان والصين والدول الآسيوية الأخرى سوف تتحمل عواقب هذا الارتفاع في الأسعار، حيث تتجه الشركات الكبيرة إلى إبرام عقود طويلة الأجل، خصوصا في المكونات التي تدخل في الصناعة، ومع ذلك يمكن لشركة كبيرة مثل «أبل» أن تتأثر.

وخلال العام الماضي مرت «أبل» بأوقات عصيبة في ما يخص تلبية الطلب على «أي باد» و«أي فون» و«أي باد 2» الذي عُرض في الأسواق يوم الجمعة الماضي نظرا لنفادها من السوق.

يقول ديل فورد، نائب رئيس معلومات السوق في شركة «أي إتش إس أي سابلي» للمعلومات: «تأثرت شركة (توشيبا) التي تعد أحد الموردين، وأعتقد أن ذلك سوف يزيد التحدي الخاص بتلبية الطلب على منتجاتها». ورفضت شركة «أبل» التعليق.

في الوقت ذاته رأى بعض المحللين يوم الاثنين أنه قد تُضطر كل الشركات المصنعة للسيارات تقريبا حتى تلك التي ليس لديها مصانع في اليابان، إلى تعليق إنتاج بعض الموديلات خلال الأسابيع المقبلة إذا لم يستطع الموردون اليابانيون استئناف تصنيع الإلكترونيات أو المكونات الأخرى التي تدخل في صناعة السيارات.

وعبّرت «تويوتا» والشركات الأخرى المصنعة للسيارات عن أملها في استئناف الإنتاج في أكثر المصانع المحلية خلال الأسبوع الحالي، لكنهم أشاروا إلى أنهم لا يزالون يقيمون حجم الدمار الذي أصاب بعض المصانع والطرق القريبة وخطوط السكك الحديد والمواني من جرّاء الكارثة. إذا لم تعد حركة الشحن قد تشهد الولايات المتحدة نقصا في السيارات الصغيرة والهجينة والموديلات الفخمة. وتقول ريبيكا ليندلاند، المحللة في شركة «أي إتش إس أوتوموتيف» للأبحاث في ليكسينغتون بولاية ماساتشوستس: «يمكننا الشعور بآثار ما حدث في غضون أسبوعين. قد يكون التأثير ضئيلا، لكن إذا ارتبط بموديل محدد من السيارات، لن يتم إنتاجها».

سوف تتوقف «تويوتا» عن إنتاج 40 ألف سيارة بسبب إغلاق مصانعها في اليابان يوم الأربعاء، فمن المتوقع أن يستمر إغلاق المصانع التي تنتج «ياريس» والسيارتين الصغيرتين الأخريين لعلامة «سكيون» لقربها من مركز الزلزال. من الصعب تقدير تأثير هذه الأزمة الكلي على المعروض من السلع الإلكترونية، حيث لم تقدم الشركات الكثير من التفاصيل الخاصة بحجم الضرر. كذلك من المحال التنبؤ بمدى ومدة العطل الذي حدث لبنية الطاقة الكهربائية والنقل. لكن اليابان مورد كبير أساسي للشرائح وشاشات العرض المسطحة والمكونات الأخرى التي تستخدم في أجهزة مثل الكومبيوتر آلات التصوير الرقمية وأجهزة الكومبيوتر الصغيرة ومشغلات الـ«بلو راي» والتلفزيون. لقد بدأت الشركات سواء كانت صغيرة أم كبيرة في الشعور بالتأثير السلبي للأزمة. فيوم الاثنين الماضي صرحت كل من شركة «سوني» و«كانون» و«فوجيتسو» التي تزود السوق بمكونات أجهزة، بل وأجهزة كاملة، بأنها أغلقت بعض مصانعها. وأشارت «كانون» إلى أن مصنعها في يتسونوميا عانى من دمار هائل شمل انهيار الأسقف والضرر في الغاز والمياه، فضلا عن دمار في مصادر المياه والكهرباء والغاز سيتطلب إصلاحه وقتا. وينتج المصنع نوعا خاصا من العدسات التي تستخدم في مسجلات آلات الفيديو وماكينات المكاتب وأجهزة أخرى.

وقد يكون أكثر من سيتأثر بالكارثة قريبا هم صناع الشرائح وشاشات العرض المسطحة على حد قول ريتشارد دورتي، رئيس شركة «إنفيشينيرينغ غروب» للاستشارات وأبحاث التكنولوجيا في سيفورد بنيويورك. ومن أسباب ذلك تطلب إنتاج هذه المنتجات القيام بعمليات طويلة تتضمن خطوات كثيرة متصلة لا يمكن الفصل بينها. ويضيف قائلا: «من الصعب وقف مصدر الكهرباء في وسط عملية التصنيع». وبينما تعتمد السلع التكنولوجية على شبكة معقدة من الموردين الذين يساعدون في الإبقاء على قلة المخزون، ما زالت مصانعهم تعمل كمية من الأجزاء تكفي لاستمرار العمل لفترة من الزمن.

وقال دورتي: «عادة ما يكون هناك مخزون يكفي لعدة أسابيع. إذا لم يستمر انقطاع الكهرباء لأسابيع، سيكون التأثير محدودا». ويتم تجميع نحو 1.4 مليون أو 15 في المائة من السيارات التي توجد في الولايات المتحدة في اليابان وكذلك جميع السيارات والشاحنات التي تحتوي على بعض الأجزاء المصنعة هناك مثل شرائح أجهزة الكومبيوتر وأنظمة الملاحة. وطبقا لشركة «أي إتش إس»، فإن شركتي «هيونداي» و«بي إم دابليو» هما الوحيدتان اللتان لا تستخدمان إلكترونيات تصنع في اليابان.

وقد وقعت الكارثة خلال ذروة موسم إنتاج السيارات في اليابان، فقد كان من المقرر أن تنتج الشركات المصنعة للسيارات نحو مليون سيارة خلال الشهر الحالي. وبحسب تقديرات ريبيكا، يمكن لهذا التوقف في الإنتاج أن يؤدي إلى انخفاض المخرج إلى 250 ألفا.

ولم يكن المسؤولون في «تويوتا» واثقين يوم الاثنين من حجم الدمار الذي لحق بمصنعها الذي يوجد في إطار مشروع مشترك مع «باناسونيك» التي تنتج عبوات بطاريات لسيارة «بريوس» التي تنتجها «تويوتا» رغم أن المصنع الذي ينتج السيارة نفسها لم يصب بسوء. وقال بعض التجار الأميركيين إن المعروض لديهم من سيارة «بريوس»، التي ازدادت مبيعاتها مع ارتفاع أسعار البنزين إلى 4 دولارات للغالون، بدأ ينفد. لكن قال خافيير مورينو، المتحدث باسم شركة «تويوتا»، إن المعروض سيكون كافيا إلا إذا توقف شحن «بريوس» لمدة أطول مما هو متوقع. وأوضح مورينو قائلا: «لقد كان خط الإنتاج مشغولا عندما حدث ذلك». وأضاف أنه من المبكر معرفة ما إذا كانت شركة «تويوتا» سوف تواجه مشكلات في الحصول على مكونات تدخل في صناعة موديلات السيارات التي تنتجها في أميركا الشمالية بما فيها «كاميري» و«كورولا - سيدان» اللتان تتصدران قائمة المبيعات، لكنه قال: «إننا نأمل أن يكون التأثير محدودا»، وأضاف أن الشركة ألغت كل نوبات العمل الإضافية إلى أجل غير مسمى.

ويرى محللون أن شركة «تويوتا» بوجه خاص الأكثر عرضة للتأثر بالكارثة لأن الجزء الأكبر من إنتاجها من السيارات في اليابان، حيث وصل العام الماضي إلى 3.3 مليون بما يمثل 43 في المائة من حجم إنتاجها في العالم، وهو أكبر مما تنتجه الشركات المنافسة لها. كذلك لا ينتج موديل من سيارات «ليكسوس» الفخمة إلا في اليابان. على الجانب الآخر يقول بعض المحللين إن شركة «هوندا» لن تواجه الكثير من المشكلات في تلبية الطلب في الولايات المتحدة على الأرجح. وأعلنت الشركة استمرار إغلاق أكثر مصانعها في اليابان يوم الأحد. وتنتج الشركة السيارة الصغيرة «فيت» وكل موديلات «هوندا» الهجينة وبعض موديلات «أكورا» فضلا عن موديلات أخرى. وصرحت «نيسان» بأن ستة من مصانعها أصيبت بدمار لكنه سيعاد تشغيلها إما يوم الأربعاء وإما الجمعة. وصرحت في بيان يوم الاثنين بأن المعروض من الموديلات كان كافيا، لكنها حذرت من تأجيل شحن بعض موديلات «إنفينيتي» و«نيسان جي أر تي» و«370z». وأضافت الشركة أن شركتي «مازدا» و«ميتسوبيشي» أوقفتا إنتاجهما في اليابان على الأقل يوم الأربعاء، بينما تعتزم شركتا «سوبارو» و«سوزوكي» إعادة تشغيل مصانعهما يوم الخميس. لكن عبّرت عدة شركات عن قلقها بشأن الحصول على ما تحتاج إليه من مكونات تدخل في صناعة السيارات. وأصدرت شركة «جنرال موتورز» التي لا تنتج سيارات في اليابان بيانا توضح فيه أنها تشتري المكونات من اليابان، ولم تحدد بعد مدى تأثر إنتاجها بالكارثة.

* خدمة «نيويورك تايمز»