تكاليف كارثة زلزال اليابان قد تتجاوز 100 مليار دولار

شركات التأمين ستتحمل جزءا من الخسائر والباقي ستغطيه الحكومة

TT

بغض النظر عن دعاوى التأمين المتوقعة التي تصل قيمتها إلى 35 مليار دولار بفعل الزلزال الذي ضرب اليابان خلال الأسبوع الماضي، من الوارد جدا أن تهبط الخسائر المالية في اليابان بشكل ثقيل على كاهل الحكومة اليابانية عندما تقوم بإحصاء الخسائر الناجمة عن موجات المد البحري (تسونامي) والأزمة النووية. ومن المتوقع أن تتحمل شركات التأمين اليابانية وشركات التأمين العالمية وشركات إعادة التامين وصناديق التحوط ومستثمرون آخرون في سندات الكارثة جزءا من الخسائر التي يبدو أنها من المحتمل أن تتجاوز الـ100 مليار دولار. وكان الضرر الإجمالي الناجم عن زلزال عام 1995 في مدينة كوبي اليابانية يقدر بنحو 100 مليار دولار، وفقا لمعهد معلومات التأمين، ولكن تم تغطية نحو 3 مليارات دولار فقط من هذه القيمة بواسطة شركات التأمين.

وتحوم أكبر الشكوك حول التلوث الناجم عن الحادث النووي الذي وقع مفاعل فوكوشيما دايتشي للطاقة بفعل الزلزال وموجات تسونامي. ويطلب من مشغلي محطات الطاقة في اليابان شراء سندات تأمين المسؤولية عن مجموعة «تأمين الطاقة الذرية اليابانية» الصناعية. ولكن يطلب من مشغلي هذه المحطات أيضا شراء تغطية التزامات ومسؤوليات تقدر قيمتها بنحو 2.2 مليار دولار فقط، ولا تبيع المجموعة المذكورة تغطية المنشآت للأضرار الناجمة عن الزلازل أو التوقفات التجارية، وهو ما يشير إلى أنه سوف يتعين على الحكومة اليابانية مجددا تحمل عبء هذه التكاليف.

وقد انهارت أسهم بعض شركات التأمين على الحياة والصحة في الولايات المتحدة مع عمليات التأمين في اليابان يوم الثلاثاء الماضي، مع استجابة المستثمرين لتحذيرات رئيس الوزراء الياباني ناوتو كان التي أشارت إلى أن خطر التسرب الإشعاعي قد تفاقم.

وكانت شركة «أفلاك» هي أكبر الخاسرين، التي تبيع خدمة شعبية تتمثل في التأمين ضد أمراض السرطان في اليابان، بالإضافة إلى تغطية الحياة والصحة الأخرى. وقد انخفضت أسهم هذه الشركة بنسبة 9.2 في المائة عند بدء التعاملات في أسواق الأسهم الأميركية، أول من أمس، الثلاثاء، قبل أن تستعيد قوتها نوعا ما وتغلق عند حاجز 50.89 دولار للسهم، بانخفاض نسبته 5.58 في المائة من سعر إغلاق يوم الاثنين الماضي وهو 53.90 دولار. وجاء نحو 75 في المائة من أرباح شركة «أفلاك» من اليابان خلال العام الماضي. وقالت لورا كين، المتحدثة باسم شركة «أفلاك»: «السوق تبحث عن أي شيء تتعرض له اليابان، ونحن جزء من هذا الأمر». وقالت إن الشركة لم تكن تتوقع استقبال سيل من الدعاوى ولم تغير من تقديراتها المالية بفعل المشكلة التي حدثت في اليابان. وقد انخفضت أسهم شركة «هارتفورد للخدمات المالية» بنسبة 4.55 في المائة، أول من أمس، الثلاثاء. كما انخفضت أسهم شركة «ميتلايف» وشركة «برودينشال فاينانشال»، اللتين حصلتا على حق تقديم خدمة التأمين على الحياة في اليابان عندما قامتا بشراء شركات فرعية تابعة للمجموعة الأميركية الدولية، بنسبة 3% و2% على التوالي.

وتمتلك شركات التأمين التجارية التي تعمل في شتى أنحاء العالم مثل شركة «إيه سي إي» وشركة «تشارتيس» وشركة «أليانز» وشركة «زيوريخ» موطئ قدم بسيطا نسبيا في اليابان، ولهذا السبب يمكن أن تتعرض لخسارة بسيطة.

وتدون نحو 90 في المائة من تجارة الملكيات والخسائر في اليابان بواسطة مجموعات تأمين محلية كبرى وهي مجموعة «إم إس آند إيه دي» ومجموعة «طوكيو مارين التجارية» ومجموعة «NKSJ».

وتمتلك شركات التأمين اليابانية بشكل مشترك شركة إعادة تأمين وهي «شركة إعادة التأمين اليابانية ضد الزلازل»، التي تتلقى بدورها مساعدة من الحكومة اليابانية. وقال كينجي كاوادا، المحلل البارز لنشاط شركة «كابوشيكي كايشا» اليابانية في وكالة «موديز للتصنيفات الائتمانية»: «سوف تتدفق نسبة معقولة من الخسائر إلى صناعة إعادة التأمين العالمية». وأشار كاوادا إلى أن شركات «ميونيخ لإعادة التأمين»، و«الشركة السويسرية لإعادة التأمين»، و«سكور لإعادة التأمين»، و«هانوفر لإعادة التأمين»، و«بيركشاير هاثواي لإعادة التأمين»، و«بارتنر لإعادة التأمين»، و«إيفرست لإعادة التأمين» هي أكبر الشركات المتخصصة في مجال إعادة التأمين، ولهذا فإنها الأكثر عرضة للمعاناة. وذكرت وكالة «موديز» للتصنيفات الائتمانية أن التصنيفات بالنسبة لكل شركات إعادة التأمين الكبرى كانت مستقرة، وقال عدد كبير من المحللين المتخصصين في مجال إعادة التأمين إنهم لا يرون أي نقطة مضيئة في الكارثة؛ حيث كانت أسعار خدمة إعادة التأمين قد تراجعت لعدة سنوات. وبينما من المتوقع أن يلحق الزلزال ضررا بنتائج الشركات لحول واحد، فقد يحفز الطلبات الجديدة ويتسبب في ارتفاع أسعار خدمات إعادة التأمين.

وغالبا ما يتم تجديد عقود إعادة التأمين في شهر أبريل (نيسان). وقد أصدرت شركتا «كيفي» و«برويت آند وودز» أول من أمس، الثلاثاء، تقريرا يشير إلى أن خسائرها من الزلازل التي وقعت في اليابان، والزلزال الذي ضرب نيوزيلندا مؤخرا سوف تؤدي إلى فرض أسعار أكثر صرامة في ما يتعلق بتأمين الزلازل في كاليفورنيا وتأمين الأعاصير في فلوريدا.

وقد جمعت شركات إعادة التأمين العالمية الكبرى بعض مخاطر زلزال اليابان في نوع من السندات المعروف بـ«سندات الكوارث». وتباع سندات الكوارث للنقابات الاستثمارية المؤسسية التي تتوقع عائدا مرتفعا مع تفهم أنها سوف تخسر بعض أو كل رأسمالها إذا حدثت الكارثة المراد تغطيتها. ويبدأ العمل بسندات الكوارث فقط في أحداث محددة بتفصيل كبير مقدما. وذكرت وكالة «موديز» للتصنيفات الائتمانية أنها كانت قد حددت 4 سندات مقدرة ترتبط بنوع معين من تغطية الزلازل في اليابان.

وكان التقدير الأولي الصادر عن مؤسسة «إير وورلد وايد» بشأن خسائر شركات التأمين من جراء وقوع الزلزال ضيقا جيدا. ويشير التقدير، الذي صدر يوم الأحد الماضي، إلى أن خسائر شركات التأمين تقدر بمبلغ يتراوح ما بين 15 إلى 35 مليار دولار أميركي، ويشمل فقط الأضرار التي تحدث بفعل الزلزال والحرائق التالية، لا موجات المد البحري والانهيارات الأرضية أو الحوادث النووية. وذكر كيفين لونغ، المتحدث الرسمي باسم شركة «إير وورلد وايد»، أول من أمس، الثلاثاء، أن الشركة كانت قد حسبت بالفعل خسائر تقدر قيمتها بنحو 24 مليار دولار تقريبا في المناطق المتضررة التي تقع على بعد ميلين من الساحل.

ولأن الشركة تعمل على النماذج المالية لكل الكوارث، فسوف تتم إضافة قيمة بعض من هذه الملكيات، حسب قوله. وتتوقع الشركة أن تعدل تقديرها في بداية الأسبوع المقبل. وشمل التقدير الأولي تكلفة الضرر المادي للمنازل ومحتوياتها والمزارع والملكية التالية، بالإضافة إلى خسائر توقف الشركات التجارية المؤمن عليها. ولن تشمل تقديرات الشركة على الإطلاق مجموعة وفيرة من الخسائر لم يتم التأمين عليها مثل السيارات التي انجرفت بفعل موجات المد البحري والملكيات المدمرة والدمار الذي لحق بالطرق والجسور، بالإضافة إلى شيء يعرف بـ«زيادة الطلب»، وهو الارتفاع في أسعار المواد وتكاليف الأيدي العاملة التي تصاحب في الغالب عمليات إعادة البناء عالية المستوى بعد الأزمات. وقد يتضح أن خسائر الملكيات غير المؤمن عليها هي الخسائر الأكبر على الإطلاق.

وحتى الآن، كان أكثر الزلازل تدميرا من حيث الدمار الذي لحق بالممتلكات والعقارات هو الزلزال الذي ضرب مدينة نورثريدج في ولاية كاليفورنيا خلال شهر يناير (كانون الثاني) 1994، عندما دفعت شركة التأمين 15.3 مليار دولار، أو 22.5 مليار دولار بأسعار اليوم. وأوقع هذا الزلزال 61 حالة وفاة. وكان أكبر الزلازل من حيث حصيلة الوفيات هو الزلزال الذي ضرب الساحل الغربي لإندونيسيا في عام 2004 بعد أعياد الميلاد مباشرة، الذي صاحبته موجة مد بحري هائلة.

* خدمة «نيويورك تايمز»