«موديز» تخفض تصنيفها للسندات الحكومية المصرية وتبقي على نظرتها السلبية للاقتصاد

ربطت معاودة تصنيفها باحتياطي النقد الأجنبي والوضع السياسي في البلاد

المستثمرون يترقبون افتتاح البورصة المصرية («الشرق الأوسط»)
TT

أعلنت وكالة «موديز» أنها خفضت تصنيفها للسندات الحكومية المصرية بالعملة المحلية والأجنبية بدرجة واحدة إلى «Ba3» من «Ba2»، مشيرة إلى أن نظرتها العامة للاقتصاد المصري ما زالت سلبية، وقالت إنها قد تلجأ إلى تخفيض تصنيفها مرة أخرى في حالة تدهور الوضع السياسي وتراجع احتياطي النقد الأجنبي في البلاد.

وأرجعت «موديز» تصنيفها هذا إلى طول الأوضاع السياسية غير المستقرة لمصر منذ تصنيفها السابق للبلاد في 31 يناير (كانون الثاني) الماضي، كما أن القلق يساورها بشأن انتقال السلطة إلى حكومة مستقرة، وقالت «موديز» في تقرير تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن التأثيرات السلبية لعدم اليقين بالأوضاع السياسية يؤثر على وضع الموازنة العامة للدولة وأدائها الاقتصادي مع العالم الخارجي، إلى جانب التدهور في الأوضاع السياسية في ليبيا، الذي له آثار سلبية على الاقتصاد والأمن المصري.

ويقول تريستان كوبر رئيس قسم البحوث منطقة الشرق الأوسط بوكالة «موديز» إن التطورات السياسية في مصر أدت إلى تخفيض التصنيف الائتماني لها مقارنة بالدول المجاورة لها. وأضاف: «خفضنا أيضا الحد الأعلى لتصنفينا للسندات بالعملة الأجنبية إلى (Ba1) من (Baa3)، كما خفضنا تصنيفنا للحد الأعلى للودائع بالعملات الأجنبية إلى (B1) من (Ba3)، كما أن نظرتنا العامة لتلك التصنيفات ما زالت سلبية». وتابع: «خفضنا أيضا الحد الأعلى للسندات بالعملة الأجنبية على المدى القصير من (P - 3) إلى (NP)».

وقالت «موديز» إن السبب الرئيسي لتخفيض تصنيفها الائتماني للسندات المصرية هو التقلبات المستمرة في السياسة الداخلية للبلاد في أعقاب الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في فبراير (شباط) الماضي.

وعلى الرغم من أن المجلس العسكري الذي يدير أمور البلاد حاليا وضع جدولا زمنيا لانتقال السلطة إلى حكومة مدنية، فإن عملية الانتقال تلك محفوفة بعدم اليقين بحسب التقرير.

وإضافة إلى ما سبق، ترى «موديز» من وجهة نظرها أن وسائل التجميل التي كانت تتبعها الحكومة لم تعد تجدي نفعا، فالاحتجاجات تستمر وأعمال العنف المتفرقة ما زالت قائمة وسط الأمن الداخلي الهش.

وفي رأي «موديز» فإن طول فترة الاضطرابات السياسية تقوض قوة المؤسسات المصرية، وتزيد المخاطر على المدى القصير، أما على المدى الطويل فيجب الانتظار حتى نهاية الفترة المحددة لانتقال السلطة، وتشكيل الحكومة الجديدة لمعرفة ما مدى تأثيرها واستقرارها.

كما جاء قرار «موديز» بتخفيض تصنيفها لمصر بسبب حالة عدم اليقين للتوقعات الخاصة بعودة الانتعاش الاقتصادي، الذي يعتمد بشكل أساسي على بلاد لا يمكن التنبؤ بسياستها (في إشارة منها إلى ليبيا).

وإلى جانب ذلك هناك عدد من الإضرابات الفئوية وخروج العمال المصريين من ليبيا، ومن المرجح أن يكون لهذا أثر سلبي على الاقتصاد المصري.

وتعتقد «موديز» أن مؤشرات النمو الاقتصادي في البلاد والوضع المالي وميزان المدفوعات في تدهور، فتشير البيانات الصادرة من البنك المركزي المصري بنهاية فبراير الماضي إلى تراجع كبير في احتياطي النقد الأجنبي المصري، بسبب تدفق رأس المال إلى الخارج، مع استمرار دفاع البنك المركزي عن العملة.

والبورصة المصرية مغلقة منذ يوم 27 يناير الماضي، والمخاوف تتصاعد من أن تخرج رؤوس الأموال منها عند إعادة عملها، كما أن التضخم لا يزال مرتفعا.

ومن العوامل التي أدت إلى تخفيض التقييم هو تدهور بيئة الأمن الإقليمي لمصر في ضوء الحرب الأهلية التي تدور في ليبيا.

وقالت «موديز» إنها من الممكن أن تخفض تصنيفها الائتماني للسندات المصرية مرة أخرى إذا تراجع صافي احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري، لأن ذلك يعتبر إشارة إلى عجز الحكومة عن مواجهة مشكلات تمويلية لعجز موازنتها، أو تدهور الوضع السياسي الذي يهدد نقل السلطة إلى حكومة جديدة فعالة.

وفقد احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري 1.69 مليار دولار خلال شهر فبراير الماضي، ليصل إلى 33.32 مليار دولار، وهو أدنى مستوى له منذ 17 شهرا تقريبا، وبلغ احتياطي النقد الأجنبي خلال شهر يناير الماضي 35.01 مليار دولار، مقارنة بشهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي الذي وصل الاحتياطي خلاله إلى أعلى مستوى له على الإطلاق متجاوزا 36 مليار دولار.

وقالت «موديز» إن تخفيضها للتصنيف الائتماني للسندات المصرية بنسبة طفيفة (درجة واحدة)، جاء بسبب احتياطي النقد الأجنبي الكبير لدى البنك المركزي المصري الذي يصل إلى 33 مليار دولار، والتنوع الاقتصادي في البلاد، وهيكل الدَّين العام الجيد مع محدودية الديون السيادية بالعملات الأجنبية، وعلاوة على ذلك قامت مصر بتقليص حجم الدَّين الخارجي، وهناك احتمال أن تقوم الدول المانحة بتقديم مساعدات مالية إلى مصر في حالة مواجهة البلاد لصعوبات كبيرة، كما يمكن أيضا أن تعتمد البلاد على علاقاتها الخارجية الجيدة.

وقال مصطفى زكي الخبير الاقتصادي إن الفترات التي تمر بها الدول عادة بعد الثورات يعقبها حالة من عدم الاستقرار، وتلك الفترة قد تطول أو تقصر تبعا للمتغيرات السياسية، مؤكدا أن الهدف خلال الفترة الحالية لمصر هو بناء نظام سياسي جيد دون النظر إلى الفترة الزمنية التي سيستغرقها البناء.

وأضاف زكي أن مؤسسات التصنيف تغير رؤيتها للدول بشكل مستمر، وتنتظر ظهور عوامل سواء سلبية أو إيجابية لتغير رؤيتها، فلو استقرت الأمور السياسية في مصر خلال فترة قصيرة دون أن يتم ذلك على أسس سليمة، سترفع تقييمها للاقتصاد المصري، ولكن في حالة أدت تلك السرعة إلى عودة الاحتجاجات والمظاهرات ستخفض الشركات تقييمها لمصر ثانية، لذلك يرى زكي أن بناء نظام سياسي جيد دون أخذ الوقت في الاعتبار بشكل كبير سيؤدي ذلك إلى حدوث استقرار دائم في البلاد، وضمان استمرار استقرار البلاد.