شركة «جدوى» تتوقع ارتفاع نمو الاقتصاد السعودي إلى 5.6% في 2011

وزارة المالية السعودية تعلن استكمال كافة الإجراءات لصرف راتب شهرين لموظفي الدولة

تتوقع شركة «جدوى» المالية أن يواصل الاقتصاد السعودي نموه خلال العام الجاري («الشرق الأوسط»)
TT

أعلنت وزارة المالية السعودية عن استكمال الإجراءات اللازمة لتنفيذ الأمر الملكي المتضمن صرف راتب شهرين لموظفي الدولة المدنيين والعسكريين ومكافآت الطلبة والطالبات في التعليم العالي الحكومي داخل المملكة والمبتعثين.

وأوضح الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية أمس أنه تم التنسيق مع الوزارات والجهات الحكومية لاستكمال إجراءات صرف راتب الشهرين وفقا للراتب الأساسي للدرجة التي يشغلها الموظف، وذلك من اعتمادات البنود المختصة بميزانية كل وزارة وجهة حكومية اعتبارا من يوم أمس، وعدم ربط صرف راتب الشهرين بموعد صرف الرواتب الشهرية المعتاد.

وفي سياق آخر، توقع تقرير سعودي صدر أمس أن يقفز معدل النمو في الاقتصاد السعودي إلى 5.6%، ليسجل أعلى مستوياته منذ عام 2005، وتعزى هذه القفزة بصفة أساسية إلى الزيادة في إنتاج النفط حيث عمدت السعودية إلى رفع إنتاجها بغرض تعويض النقص الناجم عن تراجع الإمدادات الليبية.

وأشار التقرير الصادر عن شركة «جدوى» المالية إلى أن حجم الإنفاق الذي تضمنته المراسيم الملكية، التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين أخيرا، سيعوض عن ضعف الأوضاع الاقتصادية في المنطقة وتراجع شهية المستثمرين الأجانب.

لكنه توقع أن يسجل إنتاج النفط انخفاضا في عام 2012 بناء على تراجع حدة التوترات الإقليمية، إذ من المتوقع أن يتباطأ النمو في الناتج الإجمالي الفعلي إلى 3.4% حتى مع استمرار تأثير برنامج تشييد المساكن بواسطة الحكومة.

وتوقعت أن يسجل إنتاج المملكة خلال عام 2011 مستوى يفوق إنتاج العام الماضي بنحو 7%، إلا أنه رغم ذلك تظل هناك علاوة مخاطر كبيرة على أسعار النفط التي قفزت لتتجاوز مستوى 100 دولار للبرميل، مشيرة إلى أنه رغم أن أسعار النفط ربما اقتربت من أعلى مستوياتها على الإطلاق، إلا أنها ستظل على الأرجح مرتفعة معظم أيام العام الحالي، متوقعة حدوث انخفاض في سعر وحجم إنتاج النفط على حد سواء عام 2012 مع تراجع حدة التوترات الإقليمية.

وحددت «جدوى» متوسط سعر النفط لعام 2011 برفع السعر المتوقع لخام برنت إلى 97 دولارا للبرميل، وخام غرب تكساس إلى 89 دولارا للبرميل، وبناء على فرضية زيادة الإنتاج من قبل «أوبك» وتحسن الأوضاع السياسية بدرجة تقلل الحاجة إلى شراء النفط تحوطا، فقد أبقت على تقديراتها بشأن سعر النفط لعام 2012 دون تغيير، حيث يتوقع أن يأتي متوسط السعر لخام برنت عند مستوى 88 دولارا للبرميل مقابل 85 دولارا لخام غرب تكساس.

كما شملت توقعات «جدوى» المالية إلى أن يؤدي المرسومان الملكيان اللذان أعلنا الشهر الماضي لتعزيز الأداء الاقتصادي، حيث إن تخصيص مبلغ ضخم لزيادة توفير المساكن لن تقتصر فائدته فقط على تقديم إعانات اجتماعية كبيرة، بل سيحقق نموا كبيرا في مجال التشييد والصناعات المرتبطة به لعدة سنوات قادمة.

وأضافت «وجود سياسات أخرى تم إعلانها سترفع من مستويات الدخل وبالتالي القوة الشرائية للمواطنين خاصة أولئك الأقل دخلا، وبناء على ذلك، فقد رفعنا بدرجة طفيفة تقديراتنا بشأن الناتج الإجمالي للقطاع غير النفطي، ونتوقع الآن أن ينمو الناتج الإجمالي الفعلي بنحو 5.6%، وهذا العام ليسجل أعلى مستوى له منذ عام 2005».

وأوضح تقرير «جدوى» المالية أن الإنفاق الضخم على أعمال التشييد الجديدة التي أعلن خادم الحرمين الشريفين من خلال إنفاق 250 مليار ريال (66.6 مليار دولار) لتشييد 500 ألف وحدة سكنية جديدة على مدى زمني لم يتم تحديده، الأمر الذي سيطلق نموا قويا في قطاع التشييد والبناء والصناعات المرتبطة به، إضافة إلى أن زيادة رأسمال صندوق التنمية العقاري ورفع الحد الأقصى للقروض سيؤدي إلى ازدياد عدد ملاك المساكن، ما يؤدي بدوره إلى خلق منافع اقتصادية هامة على المدى القصير، وعلى المدى الطويل فإن امتلاك الأصول القابلة لارتفاع قيمتها التي يمكن أن تستخدم كضمانة إضافية.

ويتوقع التقرير أن تؤدي المكافأة التي منحتها الحكومة لموظفي الدولة والتي لجأت الكثير من شركات القطاع الخاص إلى مجاراتها وكذلك زيادة مدفوعات الإعانات إلى ارتفاع ضخم في الإنفاق الاستهلاكي، كما يشير إلى أن المكاسب النسبية الأكبر المتحققة من حزم الإنفاق الحكومي ستأتي من نصيب ذوي الدخل المحدود الذين يميلون إلى صرف نسبة من دخلهم تفوق تلك التي تصرفها الفئات ذات الدخل الأعلى.

أما على صعيد القطاعات فيعتبر قطاع التجزئة أكبر المستفيدين من الارتفاع في الإنفاق الاستهلاكي، ثم ينساب الجزء المتبقي إلى بقية السلع حسب الطلب عليها. ومن المرجح أن يذهب معظم الإنفاق إلى البضائع المستوردة على حد تعبير التقرير.

وأوضح أن ضعف النمو الاقتصادي في المنطقة سيؤدي إلى تقليل الطلب على الصادرات السعودية، حيث حازت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عام 2009 على نحو 57% من صادرات المملكة غير النفطية أو 42% باستبعاد إعادة الصادرات، إضافة إلى ذلك، تعتبر دول المنطقة مصدرا لعدد ضخم من الحجاج والمعتمرين والزوار الذين يفدون إلى المملكة كل عام.

وأشارت «جدوى» المالية إلى أن المستثمرين الأجانب فقدوا حماسهم جراء الأحداث الأخيرة، وباتوا يطالبون بعلاوة مخاطر أعلى مقابل الاستثمار في أي بقعة من المنطقة، بصرف النظر عن خصائص أو مزايا هذا البلد أو ذاك، وقد سحب المستثمرون الأجانب من خلال اتفاقيات مبادلة مبالغ ضخمة من استثماراتهم في سوق الأسهم في يناير (كانون الثاني) رغم تسجيل صافي مشترياتهم ارتفاع ضئيل في فبراير (شباط) الماضي.

وتشير مؤشرات ثقة المستثمر الأجنبي الأخرى، مثل سعر الصرف الآجل للريال أو العمليات المحدودة لتبادل مخاطر الائتمان إلى ارتفاع مستوى الحذر إزاء الاستثمار في المملكة، لكن لم نشعر بعد بأي أثر لذلك على الاستثمارات المباشرة.

وأضافت «رغم تمتع المملكة بمزايا واضحة في قطاع الموارد الطبيعية لن تتأثر كثيرا بالغموض الذي يكتنف الأوضاع في المنطقة، لكن ربما يحدث تأجيل لبعض المشاريع أو إلغاء بعض الاستثمارات الصغيرة في جوانب اقتصادية أخرى».

ولفتت إلى أن إقدام الكثير من الشركات في القطاع الخاص على منح بعض المكافآت الإضافية لموظفيها، حيث قررت بعض الشركات الكبيرة بالفعل دفع راتب شهرين مكافأة لمنسوبيها تأسيا بمكافأة موظفي الدولة، إلا أن شركات القطاع الخاص التي تتمتع بأوضاع مالية جيده تضاهي الحكومة، لذا فإن دفع المكافآت قد يضر بالقدرة التنافسية لمعظمها ما لم تتمكن من تعويض تلك الأموال من خلال خفض مدفوعات الزكاة أو مستقطعات التأمينات الاجتماعية.

إضافة لذلك، أشارت تقرير «جدوى» أن المراسيم الملكية تقضي بالتشديد على إلزام شركات القطاع الخاص ببرنامج السعودة، وكذلك خضوعها للمراقبة الدقيقة من قبل الجهات المختصة لمنع زيادة مستويات الأسعار بصورة غير مبررة، وبما أن الارتفاع في أسعار النفط قد انعكس على تكاليف نقل السلع المستوردة لذا فقد ارتفعت أسعار بعض المواد الأولية.

وأكدت أن الميزانية السعودية ستحقق تحقق فائضا خلال عامي 2011 و2012 لأن أسعار النفط وحجم الإنتاج مهيآن للارتفاع كثيرا مقارنة بالتقديرات السابقة، مشيرة إلى أنه رغم صعوبة تحديد تكلفة الكثير من البنود الأخرى، إلا أن أوجه الصرف الإضافية تبلغ قيمتها على الأقل 100 مليار ريال (26.6 مليار دولار)، وتشمل البنود الرئيسية لهذه المجموعة مكافأة راتب شهرين لموظفي الدولة والتي تقدر بنحو 40 مليار ريال (10.6 مليار دولار)، وبرنامج زيادة المرتبات بنسبة 15% والتي تقدر تكلفتها بنحو 32 مليار ريال (8.5 مليار دولار)، وفقا لبيانات مرتبات الحكومة.

ويتوقع أن ينخفض الإنفاق الحكومي في عام 2012 لأن مكافأة راتب الشهرين ودعم صندوق التنمية العقاري وبنك التسليف السعودي ومصلحة الإسكان والمخصصات الإضافية لوزارة الصحة تعتبر كلها بنود تدفع لمرة واحدة كما هو الحال بالنسبة للكثير من البنود الأصغر في حزمة الإنفاق الإضافي.

وتعتقد «جدوى» أن الزيادة في إيرادات النفط ستكون كافية لضمان تحقيق الميزانية فائضا في عامي 2011 و2012، رغم ضخامة الإنفاق الإضافي، حيث يتوقع تحقيق فائض يعادل 2.8% من الناتج الإجمالي، وهذا العام مقابل فائض في حدود 1.7% من الناتج الإجمالي للعام 2012.

وبناء على تقديراتها قالت «جدوى» إن سعرا للنفط في حدود 77 دولارا للبرميل - خام الصادر السعودي؛ 81 دولارا للبرميل من خام برنت - سيكفي لتحقيق الموازنة في ميزانية العام الجاري، لكن سعر النفط التعادلي بالنسبة لعام 2012 سيتراجع إلى 73 دولارا للبرميل خام الصادر السعودي.

وفي حال لم تتخذ الحكومة إجراءات لخفض الإنفاق ثم توقفت الزيادة الحالية في إنتاج النفط، فسيؤدي ذلك إلى ارتفاع هذا السعر التعادلي خلال السنوات التي تلي عام 2012. وبما أن الحكومة تملك احتياطيات ضخمة من الموجودات الأجنبية بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق في نهاية يناير مسجلة 445 مليار دولار، فستكون بلا شك قادرة على تمويل أي عجز في الميزانية لعدة سنوات مقبلة وفقا لـ«جدوى».

وذكرت أن التضخم سيفوق التقديرات على المدى القصير، وبسبب الزيادة الهائلة في الإنفاق الاستهلاكي، أما على المدى المتوسط فيتوقع أن تؤدي الزيادة في توفر المساكن إلى خفض الضغوط التضخمية بدرجة ملحوظة، وسيؤدي قرار الملك منح موظفي الدولة راتب شهرين إضافيين إلى انطلاق مكافآت مشابهة لدى القطاع الخاص إلى إحداث زيادة كبيرة في الإنفاق خلال عام 2011.