البنك المركزي المصري يدرس تعديل قانون البنوك والنقد ومراجعة قواعد وضوابط الرقابة

خبراء: التعديلات تهدف إلى استقلاليته بشكل أكبر وإحكام قبضته

TT

كشف محافظ البنك المركزي المصري أمس عن دراسة لتعديل قانون البنك المركزي والقطاع المصرفي والنقد، فيما نبه إلى قصور ظهر في تطبيق القانون السابق (الصادر في 2003) خلال السنوات الماضية مما دعا إلى إعادة النظر في بعض أحكامه وأفكاره بما يجعله أكثر توازنا مع حاجة المجتمع والقطاع المصرفي.

وقال الدكتور فاروق العقدة في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن التعديلات المطروحة حاليا ستشمل 3 محاور أولها «حوكمة البنوك» خاصة تلك المملوكة للدولة بما يؤكد عدم تعارض مصالح أي من العاملين بها وتحديد دور مجالس إداراتها ومسؤولياتها بشكل أفضل بما في ذلك مجلس إدارة البنك المركزي المصري وأيضا تطبيق قواعد الحكومة السليمة فيما يتعلق بتمثيل المال العام سواء في بنوك القطاع العام أو في الشركات التي تساهم فيها.

وأضاف العقدة أن المحور الثاني يتعلق بالقواعد المتعلقة بالتنفيذ الجبري مع حالات التعثر مع المصارف، بما يسمح بالإسراع بالإجراءات المطلوبة لحصول البنك الدائن على مستحقاته على نحو سليم لما في ذلك من حماية لأموال المودعين التي يمكن أن تتعرض للخطر من جراء طول إجراءات التقاضي مع المتعثرين.

أما المحور الثالث فهو مراجعة قواعد وضوابط الرقابة على البنوك وسلطات وصلاحيات البنك المركزي في هذا المجال بما يؤدي إلى مزيد من الرقابة الفعالة.

وأكد محافظ البنك المصري أن تشاورا واسعا سوف يتم مع البنوك والقيادات المصرفية والخبراء في مختلف المجالات قبل الانتهاء من وضع المقترحات الخاصة بالتعديل بما يسمح بتلقي كافة الآراء في هذا المجال، مشيرا إلى أن عملية صياغة التعديلات المقترحة والتشاور مع الجهات المعنية بها ستتم من خلال مجموعة عمل يرأسها الدكتور زياد بهاء الدين الرئيس السابق لهيئة الرقابة المالية والخبير القانوني ومن المتوقع أن تستمر لمدة 4 أشهر لإعداد مشروع التعديل.

وقال الخبير الاقتصادي الدولي الدكتور رشاد عبده في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن تلك التعديلات ستحكم قبضة البنك المركزي (رأسماله مليار جنيه) على الجهاز المصرفي المصري وهو ما يتضح في المحور الثالث، مشيرا إلى أنها ستعطيه ضمانا أكبر في الاستقلالية عن الدولة في اتخاذ القرار.

وأضاف عبده الذي شارك في إعداد «قانون البنوك 2003» أن هذه المعايير الجديدة من الممكن أن تشجع الاستثمار الأجنبي في القطاع المصرفي المصري لأنها ستزيد من معايير الرقابة والشفافية وهو ما يفضله المستثمرون.

ويرى رشاد عبده أن فترة إعداد تلك التشريعات قصيرة، وتحتاج لإقرارها إلى مناقشات واسعة في المجتمع المصري، كما أنها قد تتم في وقت لم يتشكل فيه البرلمان المصري بعد.

واعتبر الخبير المصرفي أحمد آدم في تصريحات لــ«الشرق الأوسط» أن هذه التعديلات التي يسعى المركزي المصري لتنفيذها «اعتراف ضمني» بأخطائه، وهو ما يتناقض تماما مع ما كان يعلنه من قبل حول سيطرته على الجهاز المصرفي المصري.

وتابع أن تلك التعديلات تأتي للرد بشكل غير مباشر على انتقادات تم توجيهها إلى «المركزي» حول ضرورة إصدار قرار بوضع سقف للتحويلات المالية من مصر للخارج بعد اندلاع ثورة تونس وانتظاره حتى توتر الأوضاع في مصر ما تسبب في خروج أموال كبيرة من مصر.

وأضاف آدم أن المظاهرات الفئوية التي قام بها أغلب العاملين في المصارف المصرية كشفت «على حد قوله» عن مواطن خلل داخل بعض المصارف، منوها بأن تلك التعديلات المطروحة جاءت بعد لقاء لم يعلن تفاصيله الكاملة بين محافظ البنك المركزي والمشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

وبحث المشير طنطاوي والدكتور فاروق العقدة قبل عدة أيام الموقف الاقتصادي المصري الراهن والتأثيرات السلبية لتوقف القطاعات الإنتاجية والخدمية وقطاع السياحة خلال الفترة السابقة على الاقتصاد المصري، ومعدل النمو في الدخل القومي.

واستعرض محافظ البنك المركزي موقف الاحتياطي النقدي (يبلغ حاليا 33 مليار دولار) وميزان المدفوعات، وكيفية تعامل القطاع المصرفي مع المستجدات الحالية، وموقف البنوك العامة واستقرارها المالي وقدرتها على المنافسة وزيادة حصتها المصرفية في السوق المصرية.