محافظ «البحرين المركزي»: الوضع المالي مستقر.. والمصارف البحرينية لم تتأثر بالأحداث الأخيرة

رشيد المعراج لـ«الشرق الأوسط»: السعودية حجر الزاوية في الاقتصاد العالمي

محافظ مصرف البحرين المركزي رشيد المعراج (رويترز)
TT

أكد محافظ مصرف البحرين المركزي رشيد المعراج في حوار لـ«الشرق الأوسط» في المنامة، استقرار الوضع المالي للبحرين، وذلك من خلال المؤشرات الإيجابية للبنوك المصرفية التي تواصل نشاطها بالشكل المعتاد وتلبية حاجة عملائها. مشيرا إلى أنه من السابق لأوانه تحديد حجم التأثيرات على خلفية الأحداث التي مرت بها البحرين في الآونة الأخيرة. وقال: على المدى القصير قد تنعكس الآثار على بعض القطاعات وفي مقدمتها الخدمات وقطاع التجزئة، وتوقع انخفاض تباطؤ الحركة الاقتصادية في الأشهر القليلة المقبلة، على معدلات معينة بالنسبة للبنوك، بسبب ما وصفه بالقصور في إيضاح الصورة الحقيقية عن الأوضاع من الإعلام الخارجي الذي يتبنى أفكارا وتحليلات غير صحيحة، ويتداولونها في وسائل إعلامهم لإسقاطها بشكل جزافي أو أوتوماتيكي على منطقة الخليج، دون نظرة متعمقة لما يدور في المنطقة في مختلف الجوانب الاقتصادية والسياسية.

وأشار إلى أن السوق الخليجية المشتركة ووحدة النقد هي الطموح الأكبر للخليجيين لبناء منظومة اقتصادية كبيرة، وبين أن حجم التضخم في البحرين ما زال في معدلات متدنية ولم يتجاوز 1.5 في المائة، في حين شهد الاقتصاد نموا متصاعدا في السنوات الثلاث الأخيرة، بلغ 4 في المائة في العام الماضي.

وفي ما يلي نص الحوار:

* لا بد أن انعكاسات الأزمة البحرينية كان لها تأثيرات على القطاع المالي بشكل عام؟

- من المبكر جدا أن نتحدث عن حجم التأثيرات على واقع القطاع المالي لأنه حسب قراءاتنا لكل المؤشرات بالنسبة للبنوك فإن وضعها سليم في الوقت السليم لأننا منذ بداية الأحداث كانت لنا اتصالات مباشرة يوميا مع البنوك من أجل التأكد من أن كل شيء هو تأمين خدمات العمليات المصرفية لكافة العملاء أفرادا أو مؤسسات، وسواء تحويلات خارجية أو سحوبات داخلية، والاحتياجات التي تتعلق بالاقتصاد المحلي من واردات وخلافها بحيث إن العمليات المصرفية تكون بشكل طبيعي وتنساب بشكل دون أي إشكالات. وهذا في الواقع ما تحقق والبنوك تعاونت معنا بشكل كامل في هذا الجانب.

* وماذا عن التأثيرات المتوقعة؟

- على المدى القصير قد يكون التأثير نتيجة للتراجع الاقتصادي بسبب انعكاسات الظروف في الشهر الماضي، وذلك لتأثر قطاع الخدمات بشكل عام وفي مقدمتها الفنادق لانخفاض نسبة الزوار إلى البحرين، وعلى مجموعة من الخدمات الأخرى من مطاعم وخلافها، كذلك تأثر قطاع التجزئة وعملياته المصرفية من قروض وغيرها، وهذا الذي يمكن أن تتعرض له البنوك في هذه الفترة للانخفاض في معدلات الحركة أو النشاط مما يؤثر سلبا على ربحيتهم على المدى القصير، في حين لم تحدث أضرار أو جوانب سلبية كبيرة مباشرة على القطاع المصرفي، وربما يؤثر تباطؤ الحركة الاقتصادية في الأشهر القليلة المقبلة، على معدلات معينة بالنسبة للبنوك، خاصة في ظل القصور في إيضاح الصورة الحقيقية عن الأوضاع من الإعلام الخارجي، وأحيانا الأفكار والتحليلات غير الصحيحة التي يطرحونها في وسائل إعلامهم لإسقاطها بشكل جزافي أو أوتوماتيكي على منطقة الخليج، دون نظرة متعمقة لما يدور في المنطقة في مختلف الجوانب الاقتصادية والسياسية، وهو ما قد يترتب عليه أن بعض المؤسسات تتخذ مواقف على أساس هذه التحليلات غير الدقيقة أو غير الموزونة. مع أن منطقة الخليج استطاعت الخروج من كل الأزمات التي مرت بها على مدى 40 عاما مضت، وأثبتت استقرارها وقدرتها على التعامل مع كل الظروف بعيدا عن هذه الإسقاطات المغرضة. ويجب أن ننظر إلى هذه المنطقة بأنها ما زالت تملك كثيرا من الإمكانات والمقومات والفرص الاستثمارية، عطفا على ما تتمتع به من عمق استراتيجي على المستوى العالمي. ولعبت دورا أساسيا للحفاظ على إمدادات النفط في كل الظروف والأزمات، وهو ما ساهم في الحفاظ على النشاط الاقتصادي العالمي أيضا بمستويات معقولة، وهذه الدول وخاصة السعودية لم تعط حقها كاملا حيال دورها الإيجابي والمسؤول حيث تمثل حجر الزاوية للاقتصاد العالمي، إضافة إلى قدرتها على تغطية الأسواق العالمية النفطية.

* وما نسب المعدلات المتوقعة؟

- من الصعب أن نحدد نسبا أو أرقاما لأن الوضع ما زال في البداية ولا نملك من المعلومات والإحصائيات النهائية التي يعتمد عليها لبناء تصور متكامل، إنما هذا تقييم لما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية على المدى القصير، إنما لو أخذت الجوانب الأخرى بالنسبة للنشاط الاقتصادي في البحرين، فإن المقومات الاقتصادية للبحرين، كما هي لم تتغير والعمليات الأساسية للاقتصاد لم تتأثر فيما يتعلق بعمليات إنتاج النفط وتصديره وتصنيعه والشركات الكبيرة ما زالت تشتغل مثل مصنع الألمنيوم ومصانع البتروكيماويات وغيرها، إنما المؤسسات الصغيرة التي لها علاقة بالسوق المحلية من حيث مبيعاتها وعملياتها قد تتأثر بسبب الإرباك الذي حدث في الفترة الماضية.

* هل يجدر بنا الحديث الآن عن خسائر تكبدتها شركات أو قطاعات معينة؟

- أكيد هناك شركات ومؤسسات صغيرة ومتوسطة ستتعرض لخسائر، لأن إيراداتها أو مبيعاتها انخفضت انخفاضا كبيرا خلال الشهر الماضي، وفي نفس الوقت بقيت تكلفتها كما هي، ويمكن على المدى القصير، أن تكون هناك أضرار على هذه المؤسسات التجارية، ولكننا الآن لا نتحدث عن المؤسسات المالية، ولكن أعتقد أنه مع الترتيبات والإجراءات التي تمت أننا سنخرج من هذه الأمور في وضع أكثر أمنا، بعد أن عادت الحياة إلى طبيعتها إلى حد ما ولم تعد هناك طرق غير سالكة.

* هل كانت لديكم خطط طوارئ مسبقة لمواجهة مثل هذه الأحداث؟

- بالتأكيد لدى البنك المركزي خطط مسبقة، وليست وليدة اللحظة، إنما هي خطط موضوعة قبل فترة طويلة، تعتمد عليها البنوك في عملياتها وعمليات التحويلات وتسوية الشيكات والمدفوعات إلى آخره، وهذه كلها عندنا لها خطة طوارئ وشغلناها وسارت بشكل عادي ودون أي مشكلات.

* وهل هناك تأثير على الودائع؟

- لا بد أن هناك تأثيرا في مثل هذه الظروف، ولكنه تأثير محدود، والقطاع المصرفي لدينا كبير وفيه تنوع من المؤسسات المالية، سواء كانت خليجية أم دولية. وبطبيعة الحال المنطقة العربية ككل وليس البحرين فقط، شهدت أحداثا لا بد لها أن تخلق نوعا من القلق عند المتعاملين من خارج المنطقة، وما حدث في البحرين لا يعني بالضرورة أنه أثر بشكل مباشر على قرارات هؤلاء إنما المنطقة العربية كانت محط أنظار الإعلام العالمي، ومن المؤكد أنه حدث نوع من الضبابية فيما يجري في كل دولة.

* وما تقديرك لحجم هذه التأثيرات؟

- لم نتسلم النتائج المالية حتى الآن لأننا ما زلنا في بداية الربع الأخير من الشهر، ولا بد من تسلم الأرقام كي نحللها ونحدد الانعكاسات الحقيقية، وفي تقديري ومن خلال اتصالاتنا اليومية بالبنوك في البحرين ونستمع إليهم ومستوى السيولة والحركة بشكل عام، وجميعهم لم يبد نوعا من القلق بشأن أي تحركات سلبية مؤثرة على العمليات.

* وماذا عن قدرة البنك المركزي في تعويض حجم سحب الودائع؟ - هناك أموال خاصة تتعلق بعمليات المصارف المحلية، وهذا هو الأهم بالنسبة لنا لأنها موجهة لخدمة الاقتصاد المحلي، ولم نلحظ أي نوع من الأوضاع السلبية التي قد تؤثر على عملياتها. كما أنه خلال أيام معدودة في الفترة الأخيرة، ونتيجة لغلق بعض الطرق الحيوية فإن بعض البنوك لم تستطع أن تشغل بعض فروعها وعددها محدود جدا، ولكن بشكل عام البنوك تعمل في ظل هذه الفترة بشكل طبيعي.

* هل تدخلت الدولة لدعم المؤسسة أو اتخاذ إجراءات معينة تتعلق بالبنك المركزي؟

- نتيجة للمعلومات المتوفرة من خلال التواصل اليومي مع البنوك، لم نجد أي مبرر ولا حاجة للتدخل بشكل من الأشكال، وأعطينا البنوك تطمينات، بتوفير سيولة ورقية في السوق المحلية لإدراكنا أنه في هذه الأحداث الإنسان بطبيعته يحتاج إلى أن يحتفظ بأموال لديه أكثر من المعتاد، ولهذا السبب، حرصنا على تأمين السيولة النقدية، بطريقة أو أخرى للبنوك في الفروع ومكائن السحب لتغطية كافة عملياتهم المصرفية.

* وهل هناك تزايد ملحوظ في التحويلات الأجنبية خاصة فيما يتعلق بتحويلات الأجانب المقيمين في البحرين؟

- أنا قلت لك الأرقام وأتوقع أن هناك تزايدا، والعمالة الأجنبية تحويلاتها على مدار الشهر، ولا أعتقد أنها ارتفعت كثيرا، لأن غالبية العمال في البحرين غالبيتهم أجانب ويشتغلون في مختلف المهن وفي أعمال مثل قطاع البناء والإنشاءات، هم بشكل تلقائي لا يحتفظون برواتبهم محليا، وتحويلاتهم بشكل مستمر، إلى الخارج حتى في الظروف الطبيعية، والتدفقات المالية في الفترة الأخيرة، كانت تغطي الجزء الأكبر من هذه التحويلات، وفي البحرين لدينا نحو 500 ألف عامل في البحرين، وسنويا يتراوح حجم التحويلات ما بين 500 إلى 600 ألف مليون دينار، من العمالة ولو حسبتها على الشهر فتجد أن هذه التدفقات التي تمت لتغطية هذه التحويلات.

* البحرين كمركز مالي، هل ترى أن الأحداث قد تهز سمعتها المالية؟

- لنكون واقعيين إن كثيرا من المؤسسات الإعلامية في الخارج قد حاولت تضخيم أحداث البحرين بشكل سلبي وغير موضوعي وهذا قد يكون أعطى سلبية لدى كثير من الناس، ومن واجبنا الآن أن نقوم بتصحيح الصورة الواقعية والحقيقية لما حدث، بحيث إن الناس في الخارج الذين اعتمدوا في تحويلاتهم أو قراراتهم جاءوا بناء على لقطات تلفزيونية محدودة أو تقارير إخباريه متجزئة عن واقع ما حدث في البحرين، فإننا يجب أن نقوم بتوضيح الصورة بشكل صحيح، وأعتقد أنه بعد ما هدأت الأمور، والناس اتضح لهم ما قامت به الحكومة من إجراءات معينة، لتأمين وسلامة المواطنين وفتح الطرقات وعودة الحياة الطبيعية، فالناس تعرف أكثر ما تعنيه البحرين بالنسبة لهم، أما فيما يتعلق بما حدث في القطاع المالي، فأملنا كبير لأن السجل الكبير لتاريخ البحرين في هذا المجال يشير إلى أنه مرت علينا الكثير من الأزمات الإقليمية والدولية واستطعنا أن نصمد أمامها منذ تأسيس هذا المركز في بداية التسعينات، ودخلنا اختبارات جهد كبيرة، بدءا من الحرب العراقية الإيرانية وما تبعه من مشكلات، وتلاها غزو الكويت وتأثيراتها على المنطقة، ودخلنا في الأزمة المالية العالمية، إضافة إلى الأزمات التي تأتي من وقت إلى آخر، ونحن كنظام مصرفي اكتسبنا تجارب وتعرفنا على طريقة التعامل مع الأزمات، ويعني كل أزمة نخرج منها بدروس وتجربة أفضل، ونسبت للعالم أن ما حدث في البحرين خلال هذه الفترة القصيرة، أننا استطعنا أن نؤمن عمليات مصرفية ومستقرة وطبيعية. والنظام المصرفي استطاع أن يتكيف ويتعامل بشكل جيد، مع هذه الأمور، وإن شاء الله الأمور القادمة ستثبت ذلك.

* ما انعكاسات الأحداث على حجم التضخم في البحرين؟

- تاريخيا وفي الأزمات الماضية التي شهدت فيها المنطقة ارتفاعا ملحوظا في المنطقة فنحن لم ترتفع عندنا المعدلات بالنسب المغلقة وإلى الآن نسب التضخم في البحرين ما زالت متدنية ولا تتجاوز 1.5 في المائة على المستوى العالمي، ولا أعتقد أن هناك أي مؤشرات لأي تضخم قد يؤثر على وضع النشاط الاقتصادي في البحرين، لكن لا بد من الإشارة إلى أننا قلقون بالنسبة لبعض الارتفاع في أسعار بعض المواد الغذائية لأن هذا خارج عن إرادتنا لأن معظمها ناتج عن تغييرات عالمية أو طقسية تؤثر على أسعار السلع الغذائية الرئيسية مثل الأرز والسكر وبعض المنتجات الأخرى التي لا تزرع ولا تنتج في البحرين ولكن تستورد من الخارج وهذا ما نقلق منه على المواطن سواء في البحرين أو غير البحرين، ولكن هذه يعني أشياء مستوردة من الخارج.

* وما انعكاسات الأزمة على الصناديق الاستثمارية وسوق المال؟

- كمركز مالي لدينا الكثير من الصناديق مسجلة في البحرين ولكنها تستثمر في الخارج، وبطبيعة الحال عملياتها لم تتأثر بالوضع في البحرين لأن استثماراتها خارجية، لكن يجب أن نعرف أن القطاع المالي خارج من أزمة عالمية تعاملنا معه قبل سنتين ذات أبعاد كبيرة وتأثرت كثير من المؤسسات المالية ونمط استثماراتهم وتعاملاتهم، وكنا نأمل أنه بعد سنتين من المعالجات أن نصل إلى مرحلة على الأقل مقبلين فيها على مرحلة انطلاق من جديد وهذا يعطينا كثيرا من التفاؤل، ولكن الآن استجدت ظروف على المستوى المحلي فأعتقد أنه يجب أن نتعامل معها بإيجابية وننظر إلى الأمام.

* وماذا عن ارتفاع سقف الائتمان المصرفي نتيجة هذه الأحداث؟

- لا أعتقد ذلك، لأن الائتمان المصرفي يعتمد على حركة النشاط الاقتصادي، والشهر الماضي شهد تراجعا في الحركة الاقتصادية وخصوصا على القطاعات والمؤسسات المتوسطة والصغيرة بشكل واضح، وقطاع السياحة، سينعكس على قدرتهم في طلب الائتمان المصرفي وغيره، وأعتقد أن الائتمان في هذه الفترة لن يشهد نموا.

* وكيف تجد قدرة البنوك على التمويل؟

- البنوك لديها القدرة على التمويل المحلي ولا أعتقد أن البنوك المحلية ستفوت أي فرصة جيدة، لتقديم الائتمان أو القروض لأن ما لاحظناه أن البنوك لديها سيولة كاملة تغطي التمويلات المطلوبة محليا، والملاءة المالية جيدة، بعد أن حسنت البنوك من أوضاعها بعد الأزمة المالية، وما قبل الأزمة وبعد الأزمة البنوك احتفظت برأسمال عال وارتبطت بسيولة عالية، والأزمة العالمية بحد ذاتها فرضت على البنوك، نمطا جديدا من المعاملات والاحتياطات المتخذة على أساس تأمين استقرار التمويل والقدرة على التعامل مع المخاطر، وعندما حدثت التطورات السياسية في البحرين، كانت البنوك بشكل عام مستعدة بشكل أو بآخر، وإن كانت البنوك بعد الأزمة العالمية أصبحت أكثر حذرا في التعامل وأكثر انتقائية وتعمل على دراسة المخاطر بشكل أفضل وهذا أمر طبيعي، وتوفرت سيولة كبيرة لديها، وذلك من خلال إيداعاتها الكبيرة لدى البنك المركزي من فوائض السيولة التي لديها، ولكن البنوك لن تفوت الفرص المتاحة الجيدة للتمويل، لأنها في نهاية المطاف، لديها أموال سائلة لا بد أن يحققوا منها عوائد تنعكس على ربحيتها.

* وماذا عن دعم أو خلق منتجات جديدة للقطاعات المصرفية؟

- نحن عملنا على دعم وخلق منافسة بين البنوك وبين المؤسسات المالية لتحفيزها وتشجيعها لتقديم منتجات جديدة ورفع قدرتها على استقطاب عملاء دون ممارسات احتكارية، والعميل اليوم لم تعد تتوقف احتياجاته على الإيداعات أو السحوبات، ولكن الاحتياجات تنوعت في الرغبة لاستثمار أمواله سواء على المستوى الفردي أو المؤسسي، واحتياجاته التمويلية أصبحت تختلف عما كان في السابق وبالتالي على المؤسسات المصرفية أن تكون على قدر هذا التحدي.

* وكيف ترى الإنفاق الحكومي وانعكاسه على القطاع المصرفي؟

- الحكومة زادت من معدل الإنفاق في السنوات الأخيرة، وكانت هناك موازنة تكميلية للميزانية المقررة من أجل معالجة انعكاسات الأزمة المالية. وزاد الإنفاق على بعض المشاريع والبرامج من تخفيف التأثير على الاقتصاد المحلي، وشهد القطاع الاقتصادي البحريني نموا بمعدل إيجابي خلال الأعوام من 2008 إلى 2010 وبنسبة نمو 3 في المائة في 2009 ونحو 4 في المائة في العام الفائت، ومشينا بمعدلات إيجابية على الرغم من تداعيات الأزمة المالية وكانت الميزانية المعروضة على مجلس النواب للسنتين المقبلتين تتضمن أيضا زيادة في حجم الإنفاق على بعض البرامج المهمة والتركيز على الجوانب الأساسية التي تهمنا مثل قضية الإسكان والرعاية الصحية والتعليم والتي استحوذت على أولويات الصرف في كل الميزانيات الماضية الأخيرة.

* ألا ترى أن البنوك الخليجية بصفة عامة تحتاج للاستفادة من الاحتياطي القومي لدى الدول نفسها؟

- كل دولة لها ظروفها وحسب احتياجات القطاع المالي، ولا بد أن نكون واضحين في هذا الجانب، كون البنوك المحلية والخليجية لا تحتاج إلى زيادة السيولة، حتى تساعدها الدولة عن طريق احتياطاتها، فالسيولة الزائدة في البنوك تضفي عليها أعباء إذا لم تستطع توظيفها، بالشكل الصحيح، وأعتقد أن البنوك في الخليج وضعها جيد من حيث السيولة والملاءة المالية وأعتقد أنها قادرة على أن تستوعب حجم النشاط الاقتصادي، هذا لا يعني عدم الحاجة إلى التمويل الخارجي من قبل مؤسسات مالية، وهناك دول قامت بتمويل بعض المشاريع الحيوية ومشاريع البنية الأساسية، عن طريق بعض الصناديق السيادية.

* رغم الملاءة المالية وفوائض السيولة، لدى أغلب البنوك الخليجية، ألا ترى أن هناك حاجة لاستثمار الفرص المتاحة وإقامة مشاريع عملاقة؟

- أختلف معك في هذا الجانب، ولو نظرنا إلى حجم الاستثمار الذي يدور في منطقة الخليج، ولنأخذ كل دولة على حده، فإن هناك إنفاقا كبيرا ومشاريع كبيرة تنشأ، مثل المشاريع الضخمة لشركة «أرامكو السعودية» سواء لتطوير الإنتاجية أو لإنشاء مصاف، وكذلك «سابك» وشركات أخرى تتبنى مشاريع كبيرة في السعودية متخصصة في قطاع البتروكيماويات ونفس الحال ينطبق على دول خليجية أخرى، سواء كانت شركات حكومية أو شركات مختلطة، ولكن لا بد من الاستفادة من الإمكانات المالية في توسيع تنويع قاعدة النشاط الصناعي، وما يتم التركيز عليه فقط، ولاحظ أن قطاعات النفط مملوكة للحكومات أو لشركات حكومية أو بالشراكة مع شركات أجنبية أو محلية، والمهم في الأمر أن نخرج إلى قطاعات جديدة، ويتم تنويع القاعدة الاقتصادية بدل التركيز على قطاع واحد وأعتقد أن هذا هو التحدي الأكبر الذي تواجهه المنطقة من ناحية تنويع البيئة الاقتصادية وخلق صناعات متعددة وقادرة على استقطاب أيد عاملة محلية، لأنه إلى متى سنعتمد على العمالة الأجنبية، وهذا سيعطي دول الخليج الحيوية والديناميكية بحكم أن تجمع دول الخليج الاقتصادي أصبح من التجمعات الكبيرة في العالم.

* هل تعتقد أن القطاع ما زال يعاني من بعض المعوقات، خاصة فيما يتعلق بالتشريعات والأنظمة؟

- أعتقد أن البنوك المركزية في دول الخليج تطبق الأنظمة والمعايير العالمية ونجحت التجربة، والبنوك والمؤسسات في الخليج بينت قدرتها على التعامل وامتصاص أي نتائج سلبية من أي أزمة، وأعتقد أننا الآن ننظر بشكل أفضل وطموح تطبيق الوحدة الاقتصادية في منطقة الخليج ومشروع العملة الخليجية الموحدة التي ستخلق السوق الاقتصادية المشتركة وفتح أبواب أكبر للعمل سواء كان لشركات مصرفية أو غيرها، وأعتقد أن هذا هو الطموح الذي نسعى إليه الآن وذلك لفتح الأسواق، وسيكون أمام الجميع مجال أكبر وأوسع على أن نخفف من القيود القائمة.

* ولكن التكامل الاقتصادي تأخر كثيرا..

- الطموحات السياسية موجودة في هذا الشأن ولكن هناك عقبات فنية وإدارية وهذا الذي أجل هذا التكامل، ولكن الآن تلاشت الكثير من العراقيل وقطعنا شوطا طويلا في جانب الاتحاد الجمركي وهو الآن في حلقاته النهائية، وكذلك قطعنا خطوات متقدمة فيما يتعلق بالعملة الموحدة، من خلال توقع الاتفاقية لتنظيم عمل منطقة الاتحاد النقدي وأصبحت لدينا اجتماعات منتظمة للمجلس النقدي الذي هو النواة الأولى ونريد أن نتأكد من وضع الأسس السليمة لضمان نجاح هذا المشروع، وفي دول الخليج دائما نحرص على أن تكون خطواتنا على أسس صحيحة لكي تكون نتائجها مستمرة وغير قابلة للتغيير.