وفاة شركة

علي المزيد

TT

عمر الشركات المساهمة في عالمنا العربي قصير نسبيا، كما أن عمر أسواق المال (أو البورصة) قصير هو الآخر، حيث إن الشركات المساهمة نشأت بعد اكتشاف النفط، ومرت المنطقة العربية من خلال دولها القطرية بتجارب اقتصادية عدة منها الرأسمالية والاشتراكية أو المزاوجة بينهما وكذلك لا ننسى اقتصاد الجماهير...!! لذلك يستغرب بعض العرب حينما تسقط شركة من السوق وهذا أمر عادي وطبيعي، بل الأدهى من ذلك أنهم يحملون الجهات المنظمة أو المرخصة مسؤولية الخسارة أو التعثر أو الإفلاس وكنت قد كتبت في وقت سابق مقالا بعنوان «فالصو» وأوضحت أن الشركات كالكائن الحي تزدهر وتموت أيضا وأحيانا تولد ميتة، إن هذا ليس مسؤولية الجهات المنظمة بل الجهات المنظمة مسؤوليتها استيفاء شروط التأسيس فقط، أما دراسة الجدوى فهي مسؤولية المؤسسين الذين يجب عليهم القيام بدراسة جيدة عن وضع نشاط الشركة.

ولأن المخاطر هي طبيعة الأعمال التجارية فإنني أرى أنه من الطبيعي أن تموت الشركات ولا يهم أن تموت شركة معينة إذا كان الموت بسبب اجتهاد خاطئ مثل أن تعتمد دراسة الجدوى على عوامل معينة، ولكن هذه العوامل تتغير بعد التنفيذ مثلا أو لأي سبب آخر اجتهادي، ولكن ما يحز في النفس أن يكون الموت بسبب السرقة أو الفساد الإداري أو تغليب المصالح الخاصة أو الإهمال.

وللأسف في عالمنا العربي حتى الجهات الرسمية لم تتعود على وفاة الشركات، فقد قامت الحكومات في فترات سابقة بدعم الشركات خشية إفلاسها وموتها ودعم بنوك أيضا وكأن سقوط بنك معين يعني سقوط اقتصاد الدولة، ولقد سررت حينما قررت شركة «عذيب» السعودية عقد اجتماع لها بعد 25 يوما يستهدف حل الشركة قبل انتهاء مدتها القانونية، بمعنى إطلاق رصاصة الرحمة على الشركة أو النظر في استمرارها وتوفيق أوضاعها وفق القوانين السعودية.

لا أخفيكم القول إنني سعيد بشجاعة مجلس إدارة الشركة حينما قرروا إطلاق رصاصة الرحمة على شركتهم بعد بلوغ خسائرها 453 مليون ريال (8.120 دولار) وهو أمر فاق التوقعات، ومصدر السرور أن الحفاظ على جزء من رأس المال أفضل من القضاء عليه كاملا، وهذه حالة أولى لوفاة شركة إن لم يتدخل مجلس الإدارة ويدخلها غرفة الإنعاش.

* كاتب اقتصادي