مقترح بخفض عجز الميزانية الأميركية 6 تريليونات دولار خلال 10 سنوات

أوباما استدعى قياديي الكونغرس إلى البيت الأبيض لحل أزمة الموازنة

TT

تشهد العاصمة الأميركية مشادة قوية بين البيت الأبيض ومجلس النواب الأميركي حول عجز الميزانية الأميركية، قد تؤدي إلى تعطيل أعمال الحكومة الأميركية بحلول نهاية هذا الأسبوع. واستدعى الرئيس الأميركي باراك أوباما قياديي مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين إلى البيت الأبيض، أمس، لإجراء مشاورات تساعد في التوصل إلى حل بين الطرفين. ويعتبر الخلاف الرئيسي بين الديمقراطيين والجمهوريين حول نسبة تقليص الإنفاق العام خلال العام المالي الحالي الذي ينتهي يوم 30 سبتمبر (أيلول) المقبل.

واجتمع أوباما، ومعه نائبه جو بايدن، مع رئيس مجلس النواب الجمهوري جون بينر ورئيس مجلس الشيوخ هاري ريد، أمس، بهدف التوصل إلى اتفاق قبل يوم الجمعة، وهو الموعد النهائي للتوصل إلى اتفاق بين الطرفين. وقد أشار الجمهوريون إلى احتمال التوصل إلى اتفاق مؤقت يستمر أسبوعا واحدا يشمل خفضا بقيمة 12 مليار دولار، إلا أن الديمقراطيين، الذين يسيطرون على مجلس الشيوخ، لم يوافقوا عليه بعدُ. وعبر الناطق باسم البيت الأبيض جي كارني، أمس، عن تفاؤل البيت الأبيض حول إمكانية التوصل إلى اتفاق، قائلا: «نعتقد أنه من الممكن التوصل إلى اتفاق».

يأتي الخلاف حول الميزانية الأميركية وسط جدال سياسي شديد في واشنطن حول مستقبل الاقتصاد الأميركي، العامل الأكثر تأثيرا في الانتخابات الرئاسية المقبلة لعام 2012. وفي حال فشل الطرفين في التوصل إلى اتفاق، سيؤدي ذلك إلى تعطيل عمل أجزاء كبيرة من الحكومة الفيدرالية، الأمر الذي لم يحدث في واشنطن منذ عام 1995، وقد ينعكس سلبا على إدارة أوباما وقدرتها على إدارة الأزمات الاقتصادية. وبينما يشدد البيت الأبيض على نجاحات حققها مؤخرا في المجال الاقتصادي، مثل تقليص نسبة البطالة من 10 إلى 9%، يشدد الجمهوريون على ضرورة تقليص الإنفاق العام للحد من العجز الأميركي. وقال بينر، أمس: «إن الحزب الجمهوري ملتزم بموقفه في النقاشات المالية». وأضاف، عبر صفحته على موقع «تويتر» الإلكتروني، أن «ميزانية الحزب الجمهوري ستساعد في خلق نحو مليون وظيفة جديدة في القطاع الخاص العام المقبل».

كان الحزب الجمهوري قد أصدر مشروع قرار لخفض الإنفاق الحكومي منذ 45 يوما، لكن البيت الأبيض ومجلس الشيوخ الأميركي عارضاه، من دون التوصل إلى اتفاق حول الميزانية الجديدة. ويشمل مشروع القرار صرف ميزانية إلى سبتمبر المقبل، تشمل ميزانية وزارة الدفاع الأميركية، ولكن يستوجب خفضا شديدا في الإنفاق العام.

من جهة أخرى، اقترح الجمهوريون، أمس، خطة واسعة للحد من الإنفاق العام خلال العقد المقبل، يقولون إنها ستؤدي إلى خفض 6 تريليونات دولار من العجز العام خلال السنوات الـ10 المقبلة. ونشر رئيس لجنة الموازنة في مجلس النواب الأميركي بول رايان، وهو نائب جمهوري من ولاية ويسكونسون، خطة، أمس، لميزانية عام 2012 تشمل خفض الإنفاق من مشاريع أساسية مثل «ميديكيد» و«ميديكير» للرعاية الصحية للفقراء وكبار السن. وشدد كارني، أمس، على أهمية التركيز على اتفاق حول ميزانية العام الحالي وسد الفجوة فيها، مبتعدا عن الرد رسميا على مقترحات رايان الذي نشرها النائب في صحيفة «وول ستريت جورنال». وقال رايان، في مقابلة تلفزيونية، إنه سيسعى إلى خفض ميزانية البرنامجين خلال العقد المقبل، في ضربة إضافية من الجمهوريين لبرنامج إصلاح الرعاية الصحية الذي يعتبره أوباما من أهم إنجازاته منذ تولي الرئاسة. وأشارت مصادر جمهورية إلى أن أكثر من مليار دولار من الخفض في الإنفاق العام ستأتي من برنامج «ميديكيد» لمساعدة المحتاجين في التأمين الصحي في حال أقر مشروع الجمهوريين.

كان الغضب واضحا على الرئيس الأميركي باراك أوباما وهو يعلن للشعب الأميركي أنه لم يتمكن من التوصل إلى اتفاق مع رئيس مجلس النواب الجمهوري جون بينر حول تمديد الميزانية الأميركية. وبينما الخلاف بين الطرفين استمر يوم أمس، اجتمع بينر مع رئيس مجلس الشيوخ عصر أمس للتوصل إلى اتفاق حول الميزانية، في وقت وبخ أوباما الجمهوريين قائلا لهم: «الشعب الأميركي لا يحب هذه الألاعيب». وأوضح أوباما أن الطرفين متفقان على خفض الإنفاق العام بقيمة 73 مليار دولار، إلا أنهما مختلفان حول الجهات أو البرامج التي ستتأثر من تقليص ميزانياتها للتوصل إلى الإنفاق بمقدار 73 مليار دولار. وقال أوباما في ظهور مفاجئ للصحافيين خلال المؤتمر الصحافي اليومي للبيت الأبيض، إنه «منذ البداية، هدفي كان خفض إنفاقنا الداخلي بشكل مهم، ولكن في الوقت نفسه ضمان الاستثمارات الأساسية في مستقبلنا مثل التعليم والابتكار». وأضاف: «ما قمنا به، تقديم إطار ميزانية يخفض نفس نسبة الإنفاق التي قدمها رئيس مجلس النواب بينر والنائب هال روجز»، وهو رئيس لجنة تحديد الصرف في مجلس النواب الأميركي. أوضح أوباما أنه من الممكن التوصل إلى حل، قائلا: «نحن الآن أقرب إلى اتفاق على قيمة 73 مليار دولار.. لكن السؤال هو إذن، السياسة أو الآيديولوجية ستؤثر على منع وقف أعمال الحكومة... آخر ما نحتاجه الاضطراب الذي سيؤدي إليه خلق أعمال الحكومة». واعتبر أوباما أمس أن الجمهوريين يحاولون استغلال الميزانية لفرض «آيديولوجيتهم»، إذ يريدون الحد من الإنفاق في المشاريع التي يعارضها الجمهوريون مثل برامج تقديم المساعدات المالية لعمليات الإجهاض أو حماية البيئة.