مصادر بريطانية: فرص خروج دول أوروبية من اليورو باتت كبيرة

وسط ضغوط الناخبين وتفاقم أزمة ديون البرتغال واحتمالات تخلف اليونان عن السداد

TT

حذرت مصادر بريطانية أمس من نهاية قريبة لليورو كعملة موحدة في ظل نفق الديون المظلم والطويل. وتوقعت وحدة دراسات (الإيكونومست إنتيليجينس) في لندن أن تتخلى بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عن اليورو وتعود لعملاتها وسط تفاقم أزمة الديون القاسية التي تضغط على أكثر من 4 دول أوروبية من بينها البرتغال وآيرلندا وإسبانيا واليونان. ونسبت صحيفة «الديلي تلغراف» إلى وحدة دراسات الإيكونومست قولها «إن فرصة دفع أزمة الديون لبعض دول الاتحاد للخروج من العملة الموحدة ترتفع بمعدل واحد إلى 7، مما يرفع احتمالات نهاية منطقة اليورو». وقالت وحدة الدراسات «الضغوط التي يواجهها ساسة الاتحاد الأوروبي في بلدانهم للخروج من العملة الأوروبية الواحدة لا يمكن مقاومتها». وذكرت أن محاولات إعادة ثقة المستثمرين التي تبذلها الدول الأوروبية الضعيفة التي ترزح تحت أعباء الديون عبر الإيفاء بالتزاماتها المالية من دفع خدمات الديون والفوائد على سندات الدين تزيد من الضغوط على مواطني هذه الدول. وفي المقابل فإن الدول الغنية في الاتحاد الأوروبي ربما ينفد صبرها من تكرار عمليات الإنقاذ المالي. وخلصت «الإيكونومست إنتيليجينس يونت» في الدراسة الصادرة أخيرا عن منطقة اليورو إلى أن الضغوط من المواطنين في دول الاتحاد لترك اليورو والعودة إلى عملاتها ستتصاعد ويصبح من الصعب مقاومتها من قبل الساسة. وتوقعت الدراسة أن تفشل بعض دول الاتحاد الأوروبي في تسديد التزاماتها المالية. وتوقعت أن تكون اليونان من بين الدول التي تفشل في تسديد الديون. يذكر أن عدة مؤسسات تصنيف خفضت لأكثر من مرة تصنيف البرتغال.

وخفضت وكالة «موديز» للتصنيفات الائتمانية للديون يوم الثلاثاء تصنيف ديون البرتغال للمرة الثانية في أقل من شهر في إشارة تحذيرية للحكومة القادمة بضرورة طلب المساعدة من شركائها الأوروبيين. وخفضت الوكالة تصنيفها لسندات البرتغال طويلة الأجل بمقدار درجة إلى «BAA1» من «A3». ومن المتوقع أن تواجه البرتغال تخفيضا آخر. ولقد جاء هذا التخفيض بعد عدة تخفيضات سابقة منذ سقوط الحكومة الشهر الماضي، بعد إخفاقها في اتخاذ مجموعة جديدة من الإجراءات التقشفية.

وحسب قواعد التصنيف فإن وكالة التصنيف إذا قامت بتخفيض التصنيف الائتماني للبرتغال ثلاث مرات أخرى بحيث يصل إلى «BA1»، سوف تعتبر الوكالة السندات التي تمتلكها دولة البرتغال بلا قيمة. وقد خفضت مؤسسة «ستاندرد آند بورز» التصنيف الائتماني لديون البرتغال إلى «بي بي بي» ويعني هذا أنها على بعد درجة واحدة من مستوى انعدام القيمة. وتعاني البرتغال من عجز في سندات بمقدار 9 مليارات يورو بما يعادل 13 مليار دولار مستحقة في أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران). ويشكك المستثمرون في قدرة الدولة على تسديد هذه الديون دون مساعدة من شركائها الأوروبيين أو صندوق النقد الدولي. ويوم الجمعة الماضي، باعت الدولة كمبيالات قصيرة الأجل بقيمة 1.65 مليار يورو وهو ما نظر إليه كإجراء بديل عن الاستدانة بالسندات.

ويذكر أن أرباح سندات ديون البرتغال واصلت الارتفاع أمس الثلاثاء، حيث بلغت نسبة المؤشر الذي يقيس السندات أجل عشر سنوات إلى 8.43 في المائة وللسندات أجل سنتين 8.6 في المائة، مما جعل ديون البرتغال تشكل مخاطر على المستثمرين، أكثر من الهند أو إندونيسيا. وصرح مسؤولون برتغاليون بأن الدولة غير قادرة على الاستمرار في دفع فوائد بقيمة 7 في المائة أو أكثر لمدة طويلة. ويأتي الارتفاع في أسعار السندات كضربة للميزانية البرتغالية التي تسعى إلى خدمة فوائد الديون حتى لا تفقد خطوط الائتمان لتمويل الإنفاق الحكومي، خاصة أن البرتغال تعيش ظروفا غير مواتية ترتفع فيها فاتورة المحروقات في ظل أسعار النفط المرتفعة. وصرحت وكالة «موديز» بأن لشبونة تواجه عددا من الصعوبات من ضمنها الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في 5 يونيو (حزيران) وارتفاع أسعار الفائدة ومحدودية القدرة على تسديد الالتزامات المالية وهو ما يزيد خطر عدم قدرة الحكومة على خفض العجز خلال السنوات الثلاث المقبلة الذي تواجهه البرتغال. وطبقا للتقارير الإخبارية البرتغالية، تبحث حكومة تصريف الأعمال مع مسؤولين أوروبيين إمكانية منح الاتحاد الأوروبي للبرتغال قرضا قصير الأجل لتغطية التزاماتها المالية الباقية إلى حين تشكيل حكومة جديدة. وقالت وكالة «موديز» إنه من المرجح أن تطلب الحكومة القادمة العون من شركائها الأوروبيين على اعتبار أن هذا إجراء عاجل. وصرحت الوكالة: «من غير المرجح أن تعيد أسواق الديون طويلة الأجل فتح أبوابها للحكومة أو المصارف البرتغالية بشكل كبير حتى تستطيع الحكومة اتخاذ إجراء يبدد المخاوف من عدم قدرتها على التزامها بتنفيذ البرنامج المالي». وفي الصعيد ذاته تزايدت الضغوط على الاقتصاد البرتغالي المتعثر أمس الثلاثاء وسط تقارير تحدثت عن أن بنوكا كبرى في البلاد حثت حكومة تصريف الأعمال على طلب قرض قصير الأجل من صندوق إنقاذ الاتحاد الأوروبي. وقالت صحيفة «جورنال دي نيجوسيوس» إن عددا من البنوك الكبرى قررت ألا تشتري أي سندات حكومية أخرى في الأشهر المقبلة. وجاء في تقرير الصحيفة أن البنوك نصحت رئيس الوزراء جوزيه سوكراتس بأن يحصل على قرض بقيمة 15 مليار يورو (21 مليار دولار) من الاتحاد الأوروبي من أجل مساعدتها على الاستمرار حتى موعد الانتخابات في الخامس من يونيو (حزيران). ولم يتم تأكيد التقرير على الفور. ورغم ذلك دافع رئيس بنك «بي سي بي» كارلوس سانتوس أمس الاثنين عن الحصول على قرض قصير الأجل باعتباره «لا يمكن الاستغناء عنه».