تقرير دولي يتوقع زيادة الإنفاق الحكومي في السعودية إلى 30% خلال العام الحالي

خبير اقتصادي: الأوامر الملكية رفعت مستوى الاقتصاد الوطني

TT

ثبتت وكالة التصنيف الائتماني «فيتش» تصنيفها للسعودية عند «AA-» مع نظرة مستقبلية مستقرة في تقرير صدر عنها أمس، الجمعة، متوقعة أن يزيد الإنفاق الحكومي بنحو 30 في المائة خلال العام الحالي 2011 على خلفية القرارات الملكية الأخيرة، لكنها أوضحت أن ذلك لن يشكل خطرا على الوضع المالي للبلاد، حيث يتوقع أن تحقق الميزانية العامة فائضا بحدود 7 في المائة حتى بعد زيادة الإنفاق.

وأورد التقرير الذي صدر أمس، أن شركة النفط السعودية «أرامكو» رفعت إنتاجها بنسبة 10 في المائة بعد الاضطرابات في ليبيا، وأنه على حسب حجم الإنتاج الحالي فإن السعودية تحتاج إلى سعر نفط بحدود 80 دولارا لتغطية زيادة النفقات. وقال التقرير إن السعودية تمتلك واحدا من أفضل الأوضاع المالية من بين الدول التي تغطيها الوكالة، حيث توقع أن يحقق الناتج المحلي نموا بنسبة 6 في المائة خلال عام 2011 بعد نموه بنسبة 3.8 في المائة في عام 2010، مضيفا أن التضخم سيصل إلى 5 في المائة خلال العام الحالي 2011.

أمام ذلك وصف خبير اقتصادي سعودي ما أورده التقرير بالقراءة الصحيحة لسير الاقتصاد السعودي، خصوصا بعد جملة الأوامر الملكية الأخيرة، مبينا أن ما جاء به التقرير كان متوقعا نظرا لقوة الوضع الاقتصادي السعودي.

وقال الخبير الاقتصادي عبد الحميد العمري، إن بلاده تتجه إلى إعطاء الاقتصاد منحنيات جديدة، وذلك من خلال الأوامر الملكية الأخيرة التي أسهمت في تعزيز كفاءة عدد من القطاعات وفي مقدمتها الموارد البشرية، بالإضافة إلى البنى التحية لتتوافق كامل الرؤى في تعظيم الاقتصاد السعودي.

وأضاف العمري أنه من المرجح أن تسير السعودية في السنوات القادمة نحو المزيد من تنويع وتعزيز مصادر النمو الاقتصادي على المستوى الكلي، وعلى مستوى نمو دخل الأفراد بصورة أو بأخرى، على ضوء القرارات الملكية التي صدرت مؤخرا، مما ينعكس إيجابيا على رفع مستويات دخله، وزيادة خياراته المعيشية، وتطوير مكونات حياته الاجتماعية والمادية لتقترب قدر الإمكان مع أفضل المعايير الدولية في هذا الشأن في ظل احتمال توفر فرص كبيرة غير مسبوقة بالنسبة للكثير من أعمال وشركات البناء المحلية والدولية.

وأكد العمري أن القرارات الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز مؤخرا استهدفت في مجملها هدفين رئيسيين، الأول: معالجة أغلب أوجه القصور والخلل التي عانى ويعاني منها الاقتصاد خلال العقدين الأخيرين، والثاني: منح الاقتصاد مجالات أوسع لزيادة متانته وقدرته في مواجهة التحديات الجسيمة التي يواجهها في الوقت الراهن ومستقبلا، والتي من شأنها الدفع به للاستفادة من الفرص المالية والاقتصادية غير المسبوقة التي يتمتع بها الآن.

وقال العمري لـ«الشرق الأوسط»: «إن الاقتصاد الوطني والمجتمع السعودي عانى كل منهما من عدد من التشوهات التنموية والمالية والاقتصادية السابقة، وبعضها تفاقمت نتائجها بصورة لم تفلح السياسات الاقتصادية الراهنة في مواجهتها، ولهذا ارتأت تلك الأوامر الملكية وضع حلول، من خلال قرارات وصفت بأنها الأكثر والأكبر وزنا في تاريخ الاقتصاد السعودي المعاصر، شملت باهتمامها مختلف جوانب الاقتصاد الوطني، ومختلف شرائح المجتمع السعودي الذي تتشكل أغلبيته من الشباب».

وأضاف العمري: «منها ما اتجه في صيغة (حلول آنية) عملت بجدية وجرأة وسرعة على تحسين مستويات الدخل، وزيادة حماية الشرائح الاجتماعية الأكثر حاجة، ومنها ما اتجه في صيغة (حلول متوسطة وطويلة الأجل)»، كانت في رأيه الأثقل وزنا والأهم على مدى تاريخ الاقتصاد السعودي.

وزاد العمري أن «هذه الأوامر الملكية اهتمت في جانب آخر بالقضية الأصعب في الواقع الاقتصادي والاجتماعي الراهن في السعودية، والمرتبطة بتوفير السكن التي تقدر قيمة فاتورتها السخية بأكثر من 300 مليار ريال سعودي (80 مليار دولار)، تم توجيهها بإرادة ملكية قوية وصادقة تجاه معالجة هذه القضية الكأداء، التي من شأنها أن تحدث نقلة تنموية بعيدة المدى ستتجاوز آثارها الإيجابية على الاقتصاد الوطني والمجتمع السعودي عدة عقود».

وأشار العمري إلى أن من الأوامر الملكية ما اتجه نحو معالجة القصور البين في استيعاب مخرجات التعليم العام والتعليم العالي ومختلف مخرجات مؤسسات التدريب والتأهيل، حيث ظل الاقتصاد الوطني يعاني منها طوال عقدين من الزمن، ولم تتوقف عند هذا الحد فقط، بل طالبت بوضع حد أدنى للأجور لا يقل عن 3000 ريال سعودي.

ويتماشى هذا مع ما تخطط له السعودية من خلال إنفاقها نحو 155 مليار دولار خلال السنوات الـ10 المقبلة لتطوير مشاريع خاصة ببنيتها التحتية الاجتماعية بما فيها مشاريع إسكانية ومرافق لقطاعي التعليم والرعاية الصحية وفقا لبيانات حكومية.

وبالنظر إلى هيكل المجتمع السعودي، علما بأن نحو 55 في المائة منه هم من تحت سن 18 سنة، فإن العمري يعتقد أن أهمية صدور مثل هذه القرارات الأبوية الوفية، وكلتا الحزمتين من القرارات السابقة أعلاه، تؤكد أهدافها النهائية على ضرورة رفع مستويات الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية للمواطن، وهو الهدف الأسمى والأول لأي اقتصاد حول العالم.

وزاد الخبير الاقتصادي عبد الحميد العمري أن الأوامر الملكية من شأنها إحداث نتائج إيجابية ستنصب على مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني، بصورة ستعمل على توسيع طاقته الاستيعابية، وتسهم في إنجاح جهود تنويع قاعدته الإنتاجية التي لم يحدث أي تقدم ملموس فيها طوال الـ4 عقود الماضية، وستزيد من جاذبية بيئة الاستثمار المحلية أمام المدخرات الوطنية، التي - في رأيه - تعد الأهم في الاجتذاب والتشجيع على توطين أعمالها ومشاريعها محليا من الاستثمارات الأجنبية.

وفي مجمل ما تقدم يجزم العمري بأن هذه منجزات تسهم عبر الزمن في تعزيز استقرار الاقتصاد الوطني، وستعمل أيضا على تنويع وتعزيز مصادر النمو الاقتصادي على المستوى الكلي، وعلى مستوى نمو دخل الأفراد بصورة ستنعكس إيجابيا على رفع مستويات دخله، وزيادة خياراته المعيشية، وتطوير مكونات حياته الاجتماعية والمادية لتقترب قدر الإمكان مع أفضل المعايير الدولية في هذا الشأن.