الأيام السعيدة تعود لكبار الرؤساء التنفيذيين الأميركيين.. وتعود معها علاواتهم القياسية

متوسط إجمالي رواتبهم في العام الماضي بلغ 10 ملايين دولار بزيادة 12% عن 2009

TT

لقد عادت الأيام السعيدة على الأقل في المكتب الذي يقع في الركن القصي. وبعد الانكماش الاقتصادي خلال فترة الركود عامي 2008 و2009، تعاود أجور كبار الرؤساء التنفيذيين الأميركيين النمو مرة أخرى وبشكل كبير في كثير من الأحوال. من النادر أن يبدو المشهد في المكتب الذي يقع في الركن القصي على الجانب الآخر من الشارع. وعندما كان يحاول ملايين الأميركيين عدم خسارة منازلهم ويحاول ملايين آخرون الحفاظ على وظائفهم، كان الرؤساء التنفيذيون في الشركات الكبرى مثل «ثري إم» و«جنرال إلكتريك» و«سيسكو سيستيمز» يجنون أرباحا مثل تلك التي كانوا يجنونها قبل فترة الركود. بل كان يحقق بعضهم أرباحا أكبر عن ذي قبل. ويتضح هذا التفاوت خاصة من خلال توفر السيولة النقدية لدى الشركات. زادت خلال الربع الرابع من العام أرباح الشركات الأميركية بنسبة 29.2 في المائة وهو أسرع نمو خلال الستين عاما الماضية. وحققت الشركات الأميركية بوجه عام أرباحا سنوية تقدر بـ1.678 تريليون دولار. وحتى هذه اللحظة لم ينته هذا الانتعاش، فبعد سنتين قاسيتين حصل الرؤساء التنفيذيون في مجال المال والتكنولوجيا والطاقة على أجور بملايين الدولارات. وما لا يفعله كثير من هؤلاء الرؤساء التنفيذيين هو تعيين موظفين. رغم تراجع معدل البطالة الذي وصل إلى 8.8 في المائة في مارس (آذار) الماضي. ويتوقع بعض خبراء الاقتصاد انخفاض معدل البطالة بشكل كبير في أي وقت. لقد عادت الأوقات الطيبة للرؤساء التنفيذيين بشكل عام. وطبقا لدراسة أجرتها مؤسسة «إكويلار» الاستشارية ومقرها في ريد وود سيتي بولاية كاليفورنيا لصالح صحيفة «نيويورك تايمز»، وصل متوسط إجمالي رواتب الرؤساء التنفيذيين في الشركات الكبرى العام الماضي 9.6 مليون دولار بزيادة نسبتها 12 في المائة مقارنة بعام 2009. وتحسن أداء كثير من المؤسسات التي يديرها هؤلاء الرؤساء إن لم يكن أكثرها عن ذي قبل. فقد تأثر كثير من المجالات بفترة الركود حتى أن الارتفاع الطفيف في المبيعات والأرباح بدا جيدا مقارنة بذلك. لكن تمت زيادة راتب الرئيس التنفيذي في شركات مثل «كابيتال وان» و«غولدمان ساكس» اللتين استطاعا تجاوز الأزمة الاقتصادية بسلام بمساعدة خطط الإنقاذ المالي الذي قام دافعو الضرائب بتمويلها. والجدير بالذكر أن في خلفية تلك الأحداث يبدو أن الخطوات التي تم اتخاذها مؤخرا لتمكين حاملي الأسهم، لم تفلح كثيرا في التأثير على تحمس الشركات لدفع أعلى الأجور للرؤساء التنفيذيين. إنه موسم عقد الشركات لاجتماعات سنوية مع حاملي الأسهم. بموجب القوانين الجديدة التي شملتها اللائحة المالية لشركة «دود فرانك»، يجب على كل الشركات الحكومية تقريبا أن تمنح حاملي الأسهم راتب رئيس تنفيذي يعمل بها على سبيل المثال. ويتساءل المحللون وخبراء إدارة الشركات عن كيفية مشاركة هذه الأصوات في ظل عدم وجود ما يلزم الشركة بالإصغاء إلى نصيحة حاملي الأسهم. يقول ديفيد لاركير، مدير برنامج أبحاث مراقبة الشركات في كلية ستانفورد للأعمال: «المثير للسخرية بشأن الرواتب هو أنه عندما تنتعش السوق يغطي ذلك على كل الخطايا، إن هذه المهازل تحدث عندما يتراجع السوق. بالنظر إلى بعض الرواتب الحالية، يريد حاملو الأسهم أن يروا نتائج ملموسة». وتصدر فيليب داومان الرئيس التنفيذي لشركة «فياكوم» قائمة أعلى الأجور خلال العام الحالي، حيث تقاضى 84.5 مليون دولار في تسعة أشهر. وغيرت «فياكوم» نهاية العام المالي لتصبح سبتمبر (أيلول) بدلا من ديسمبر (كانون الأول). وصرحت شركة «فياكوم» بأن التعويض تضخم بسبب إحدى مكافآت الأسهم التي تضمنها عقد طويل الأجل تم توقيعه العام الماضي. كذلك احتل راي إراني، الرئيس التنفيذي لشركة «أوكسيدينتال بتروليوم» مركزا متقدما على القائمة، حيث تقاضى 76.1 مليون دولار العام الماضي بزيادة 142 في المائة عن العام الذي سبقه. ومنح مجلس إدارة الشركة العام الماضي إراني 22 مليون دولار مكافآت إضافة إلى مكافآت أسهم بمقدار 40.3 مليون دولار أي أكثر من ضعف ما تقاضاه عام 2009. ويتقاعد إراني العام الحالي. وصرحت شركة «أكسيدينتال» بأن ذلك مثل أكبر عقبة وهو ما سوف يقلل من رواتب الرؤساء التنفيذيين. وأعقبه على القائمة لورانس إليسون، الرئيس التنفيذي في شركة «أوراكل» عملاق برامج الكومبيوتر، حيث يتقاضى 70 مليون دولار رغم أن راتبه انخفض عن عام 2009 بنسبة 17 في المائة. لكن تظل ثروة إليسون جيدة، حيث حصل على أسهم وممتلكات في «أوراكل» بقيمة 26.3 مليار دولار عام 2010. على عكس السنوات السابقة، شهد عام 2010 زيادة كبيرة في رواتب الرؤساء التنفيذيين الذين استفادوا تقريبا من كل مجالات الاقتصاد. وعرضت كثير من الشركات المنتجة للسلع الاستهلاكية رواتب مغرية، منها راتب دون لاندغرين، الرئيس التنفيذي بشركة «ستانلي بلاك أند ديكر» الذي زاد بنسبة 253 في المائة من 32.57 مليون دولار بعد أسهم مكافأة كثيرة. ونظيره في ديفيد فار بشركة «إميرسون إلكتريك» رأى أن زيادة راتبه بنسبة 233 في المائة إلى 22.9 مليون دولار كان بسبب منحه أسهما بملايين الدولارات. تتضمن أكثر خطط تعويض الرؤساء التنفيذيين من عقود خيارات الأسهم التي ازدادت مع تعافي الأسواق من الأزمة المالية. رغم أنه يتعين على الرؤساء التنفيذيين الانتظار بضع سنوات قبل تحويل تلك الأسهم إلى عقود خيارات أسهم جديدة، يعني انتعاش البورصة أن هذه العقود كانت كنزا لكثير من الرؤساء التنفيذيين على حد قول بروس غولدفارب، استشاري التعويضات في نيويورك. وبلغ إجمالي الراتب الذي تقاضاه ألان مولالي، الرئيس التنفيذي لشركة «فورد موتور»، 26.5 مليون دولار بزيادة 48 في المائة خلال العام الماضي بفضل مكافآت خيارات الأسهم الضخمة. وكانت شركة «فورد» واحدة من الثلاث شركات الكبرى المصنعة لسيارات «ديترويت» التي لم تحصل على أموال من الحكومة في إطار خطة الإنقاذ المالي وارتفعت قيمة أسهمها بنسبة 68 في المائة العام الماضي.

وتم وضع اللائحة الحكومية الجديدة بعد أن شجعت الأزمة المالية بعض حاملي الأسهم على القيام بمحاولة أخرى لكبح جماح التعويضات التي اعتبروها مبالغا بها وغير مستحقة. رغم عدم تقيد الشركات بهذا النوع من التصويت، سيكون عليها الكشف عن النتائج في تقارير تقدم إلى لجنة الأوراق المالية والبورصة وكذلك عليها توضيح كيفية توظيف التصويت في تحديد راتب الرئيس التنفيذي. وهناك مؤشرات أولية على أن حاملي الأسهم يناضلون ويطلبون الاستماع إليهم بشأن ما يرونه رواتب كبيرة بشكل مبالغ فيه. وبعد مرور بضعة أسابيع على موسم عقد اجتماعات مع حاملي الأسهم، قدم أكثر حاملي الأسهم في أربع شركات شكاوى بشأن إدارة خطط دفع رواتب مبالغ فيها. وتلك الشركات هي «هيوليت باكارد» و«بيزر هومز» ومجموعة «جاكوبس إنجينيرينغ» و«شافل ماستر» التي تعمل في مجال صناعة معدات كازينوهات الميسر. على الجانب الآخر لم يتم التصويت على رفض الرواتب التي تدفعها تلك الشركات خلال موسم تلك الاجتماعات العام الماضي بالأغلبية سوى في ثلاث شركات. هذه الشركات هي «كيكورب» و«أوكسيدينتال بتروليوم» و«موتوريلا» سابقا التي انقسمت إلى شركتين. وتجلى حنق حاملي الأسهم خلال الأسابيع الأخيرة في المشادة العلنية المريرة في شركة «هيوليت باكارد».

* خدمة «نيويورك تايمز»