صندوق النقد يحذر أميركا.. وأكبر صندوق استثماري يبيع سنداتها «على المكشوف»

رئيس «الاحتياط الفيدرالي» دعا إلى خطة محددة لمعالجة الديون

المستشار المالي ومدير قسم النقد والأسواق المالية بصندوق النقد الدولي جوزيه فينالز أثناء تقديم تقرير صندوق النقد (أ. ف. ب)
TT

قال صندوق النقد الدولي إنه يجب أن تقدم الولايات المتحدة «دفعة مالية مقدمة» هذا العام لمعالجة عجز الميزانية. وجاء تحذير الصندوق في وقت كشفت فيه أكبر شركة تستثمر في السندات الأميركية أنها تبيع السندات الأميركية على المكشوف في سوق الصفقات التبادلية الآجلة. ومن المتوقع أن يصل عجز الموازنة الأميركية إلى 10 في المائة من إجمالي الناتج المحلي هذا العام، وهي أكبر نسبة عجز في أي من الدول المتقدمة، وذلك وفقا لما ذكره صندوق النقد الدولي في تقرير المراقبة المالية الصادر أمس.

وعلى النقيض تماما مما يحدث في بريطانيا ومعظم الدول الأوروبية الأخرى التي تعكف على خفض العجز والمديونية عبر خفض الإنفاق، ترجئ الولايات المتحدة حتى الآن أية خطوة لتخفيض العجز. وبدلا من ذلك، يركز البيت الأبيض والكونغرس جهودهما على إيجاد حلول تركز على تسريع النمو الاقتصادي عبر زيادة نطاق التخفيضات الضريبية وجولة ثانية من التيسير الكمي بقيمة 600 مليار دولار، على أمل إنقاذ الاقتصاد.

ونسبت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية أمس إلى بيل غروس مدير شركة «باسيفيك إنفستمينت مانجمينت»، التي تدير أكبر صندوق سندات في العالم، قوله إن عجز السياسيين في واشنطن العاصمة عن التعامل بجدية مع العجز المالي في البلاد، الذي يقدر بأن يصل إلى 1.5 تريليون دولار في العام المالي المقبل، هو ما دفعه إلى أن يبدأ في وضع صندوق عائد إجمالي بقيمة 236 مليار دولار من أجل الاستفادة من انخفاض قيمة سندات الحكومة الأميركية. وفي فبراير (شباط)، باع الصندوق سندات الحكومة الأميركية التي يملكها، أي سندات الخزانة الأميركية. وذكر غروس في تقرير الشركة الشهري: «دون الإضرار بالاستحقاقات – (ميديكير) و(ميديايد) والأمن الاجتماعي - نستطيع أن نتوقع العجز البالغ تريليون دولار».

وأورد صندوق النقد الدولي أمس أن «مخاوف السوق حول النمو الأميركي ما زالت غير مقلقة، ولكن من الممكن أن يكون أي تأجيل في الإجراءات مكلفا». وأعلن كارولو كوتاريلي، مدير القسم المالي في صندوق النقد الدولي، في واشنطن العاصمة يوم الثلاثاء أنه يجب على الولايات المتحدة أن تتصرف «عاجلا وليس آجلا».

وفي واشنطن، طالب رئيس مصرف الاحتياط الفيدرالي، بن برنانكي، الجمهوريين أثناء اجتماع عشاء عقد مساء الثلاثاء بإيجاد طريقة من أجل «التعامل مع «الدين القومي الأميركي المتزايد دون إقرار خطة محددة»، وذلك على حد قول المشرعين الذين حضروا الاجتماع. وقال عضو مجلس النواب ستيف بيرس، الجمهوري من نيوميكسيكو، في حوار بعد الاجتماع مع رئيس المصرف المركزي في «كابيتال هيل»: «قال برنانكي حسب ما نقلت وكالة (بلومبيرغ) إن علينا التعامل مع الديون. حتى الآن تبدو السوق متسامحة مع فكرة أننا لم نتعامل معه»، مضيفا: «إننا بحاجة إلى التعامل مع الديون».

وتأتي تلك التعليقات امتدادا لحملة برنانكي من أجل تبني الكونغرس خطة طويلة المدى من أجل تخفيض العجز المالي بمعدل قياسي هذا العام. ويستعد الجمهوريون، الذين سيطروا على مجلس النواب وقلصوا الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، من أجل خوض معارك حول مزيد من التخفيضات على الإنفاق ورفع الحد الأقصى القانوني للإقراض الحكومي الذي يبلغ 14.3 تريليون دولار. وقال باتريك ماكهنري، الجمهوري من كارولينا الشمالية بعد الاجتماع: «كان ملتزما تماما بما يقوله في العلن. وأنا متأكد من أننا سمعنا معظم ما قاله من قبل». وصرح عضو آخر حضر الاجتماع، هو مايكل فيتزباتريك عن ولاية بنسلفانيا، قائلا إن برنانكي «لم يقر خطة بطريقة أو بأخرى» من أجل تخفيض الديون.

عقد اجتماع مع نحو 15 عضوا جمهوريا في لجنة المالية بمجلس النواب في قاعة الاستماع الخاصة بالمجلس، واستمر لمدة ساعتين بعيدا عن الجمهور ووسائل الإعلام. ورفض العديد من المشرعين ذكر تفاصيل ملاحظات برنانكي، قائلين إنها «ليست للنشر». وقال راندي نيوغنباور في حوار بعد الاجتماع: «كانت تلك فرصة للأعضاء لتبادل الأفكار ومعرفة وجهة نظر رئيس المصرف في بعض من تلك القضايا. نعمل جميعا على إصدار قرارات كبرى في الوقت الحالي، ومن المفيد إجراء هذا التواصل». رفض نيوغنباور ذكر تفاصيل ما قاله برنانكي، مشيرا إلى أنه تحدث عن الاقتصاد والديون.

كانت العائدات على سندات الخزانة التي تبلغ مدتها 10 سنوات قد ارتفعت إلى 3.52 في المائة أمس بعد أن كانت 3.30 في المائة في بداية عام 2011، في حين ارتفع مؤشر «ستاندارد آند بورز» بنسبة 4.5 في المائة. وقد توصل البيت الأبيض والكونغرس في الأسبوع الماضي إلى اتفاق حول خطة الإنفاق في العام المالي الحالي، الذي بدأ في 1 أكتوبر (تشرين الأول). وتجنب الاتفاق توقف أعمال الهيئات الحكومية. ومن المقرر أن يعلن الرئيس باراك أوباما عن مقترحات طويلة المدى من أجل تخفيض العجز الفيدرالي اليوم. وفي مايو (أيار) المقبل، ربما تكون الحكومة مجبرة على رفع سقف الديون الفيدرالية لضمان وفاء الولايات المتحدة بالتزاماتها المالية.

وأكد برنانكي، في شهادة نصف سنوية حول السياسة النقدية أدلى بها في الشهر الماضي، على مطالبته الكونغرس بتبني خطة طويلة المدى لتخفيض عجز الميزانية، في حين قال إن تخفيض الإنفاق على المدى القريب، وهو ما يضعه الجمهوريون في الأولوية، ربما يضر بالنمو الأميركي وينتج عنه فقدان 200.000 وظيفة. وكانت الحكومة الأميركية قد أعلنت عن عجز شهري قيمته 188.2 مليار دولار في مارس (آذار)، وهو ما يفوق العام الماضي، وذلك كما ورد في إحصاءات وزارة الخزانة أمس.