كبير مستشاري مجموعة «الأنواء» لـ «الشرق الأوسط»: تضررنا من اضطرابات مصر وتونس.. ولكن السوق السعودية عوضت الخسائر

الشهيل: دخلنا في منازعات قضائية في مصر بسبب تعنت المسؤولين السابقين وفجوات القوانين

عبد العزيز الشهيل
TT

قال عبد العزيز الشهيل، كبير المستشارين في مجموعة «الأنواء» السعودية القابضة، إنه متفائل بالمرحلة المقبلة لمناخ الاستثمار بمصر، متوقعا أن تعتمد الحكومة أو «مصر الجديدة»، كما يطلق عليها، «الشفافية» في التعاملات واتخاذ القرارات، وهو ما يريده المستثمرون، وأوضح الشهيل في حوار مع «الشرق الأوسط» في القاهرة أن مجموعته التي تدير أكثر من 1.5 مليار دولار بمصر دخلت في منازعات قضائية امتدت لأكثر من 15 عاما، بسبب فجوات في مناخ الاستثمار وتعنت بعض المسؤولين السابقين في مصر قبل ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، إلا أن ذلك لم يثن مجموعته عن ضخ استثمارات جديدة بمصر تقدر بنحو 520 مليون دولار سيستقبلها الاقتصاد المصري خلال أسابيع.

وأشار الشهيل إلى أن «مجموعة الأنواء للاستثمارات القابضة» التي تدير استثمارات بـ5 مليارات دولار تأثرت سلبا بالتوترات في المنطقة، وخاصة في مصر وتونس، إلا أن نمو أرباح عملياتها بالمملكة العربية السعودية عوض جزءا من تلك الخسائر.

وإلى نص الحوار..

* كيف ترى مناخ الاستثمار في مصر حاليا بعد التطورات الأخيرة؟ وهل التحقيقات الجارية مع رجال أعمال شديدي الصلة بالنظام السابق أزعجت المستثمرين؟

- المستثمر العربي والأجنبي المهتم بمصر؛ سواء من يملك استثمارات فيها أو كان يعد خططا للاستثمار بها يعيش حاليا في حالة «ترقب» للوضع بمصر حتى تتضح الصورة، وهذا وضع طبيعي، ويتابع المستثمرون باهتمام كل التطورات السياسية بنظرة مختلفة عن الشخص العادي، أتوقع أن يتحول مناخ الاستثمار في مصر للأفضل بعد اعتماد الحكومة للشفافية والمصداقية في اتخاذ القرار أو منح التراخيص.

* وهل جمدت «مجموعة الأنواء للاستثمارات القابضة» خططا لها في مصر، أو نقلت استثماراتها لبلد آخر؟

- بالطبع لا، ننوى ضخ 520 مليون دولار في قطاعي السياحة والفنادق المصري بحلول أغسطس (آب) المقبل، ففرص الاستثمار بمصر ما زالت واعدة ومشجعة، والوضع الراهن لن يوقف توسعاتنا، لأنه لن يدوم، فلدينا تجربة شبيهة عندما زادت الاستثمارات في مصر وقت تصاعد أحداث العنف والإرهاب في التسعينات، وتراجعت معدلات السياحة بشكل مخيف إلى 3 ملايين سائح، كما نؤمن بأن الشعب المصري على درجة كبيرة من الوعي، وسيتغلب بسرعة على المشكلات الحالية، لكن «المحك الحقيقي» للمستثمر هو أن يرى التحسن في تنفيذ القوانين وليس خرقها من قبل المسؤولين أو التحايل عليها.

* ما حقيقة الأمر بالنسبة لـ«المجمع السياحي العالمي في الغردقة»، الذي تم وقف نشاطه والدخول في منازعات مع الحكومة السابقة؟

- كانت إحدى الشركات التابعة لمجموعة «أنواء» تنوي تنفيذ مشروع سياحي بمحافظة البحر الأحمر، إلا أن تعنت المسؤولين أدى إلى توقف المشروع، والنزاع دخل الآن عامه الـ16 دون حل، وقد حصلنا على أرض المشروع من خلال مزايدة تم الإعلان عنها بالصحف المصرية، وعرضنا وقتها 15 مليون دولار، وقيمة العرض الثاني 12 مليون دولار، فرؤيتنا للمشروع كانت تتضمن إنشاء مجمع عالمي يقع على مساحة 82 فدانا يضم قرى سياحية وفنادق، وأعطتنا السلطات الحق في ردم البحر لنحو 100 متر، وبدأنا التنفيذ من خلال شركات مصرية، إلا أننا فوجئنا بقرار من محافظ البحر الأحمر بمنع الردم في البحر دون مبرر، وهنا بدأ الخلاف الذي لم ينته إلى الآن، إضافة إلى تعطل إصدار التراخيص اللازمة لاستكمال المشروع، وهو ما دفعهم إلى اتهامنا بـ«تسقيع الأراضي»، على الرغم من تعطل التراخيص من المحافظة، كما فوجئنا باستيلاء محافظة البحر الأحمر على أرض للعاملين مساحتها 12 ألف متر.

* وهل أطلعتم المسؤولين في الحكومة على هذه المشكلات للفصل في هذا النزاع؟

- وزير التجارة السابق، المهندس رشيد محمد رشيد، شكل لجنة لدراسة الوضع على الطبيعة، وكان من المقرر أن تبدأ عملها يوم 26 يناير (كانون الثاني)، إلا أن اندلاع الثورة المصرية، يوم 25 يناير، حال دون تنفيذ ذلك، مما عطل عملها، ثم تقدمنا مرة أخرى لجهات مسؤولة بالتظلم، والتقينا مع وزير السياحة الحالي، منير فخري عبد النور، وعرضت عليه المشروع، ثم بعثنا إلى رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف «ملف المشكلة» بالكامل، وتعهد سفير السعودية لدى مصر، أحمد قطان، بأنه سيطرح الموضوع على رئيس الوزراء والمسؤولين، ونتوقع أن تحل المسألة قريبا، ورصدنا للمشروع 400 مليون دولار لبدء تنفيذه لأنه سيعود بالنفع على قطاع السياحة المصري وذلك على الرغم من سلبية التقارير العالمية عن الاقتصاد المصري حتى العام المقبل.

* هل هناك استثمارات أخرى ستضخها مجموعة «الأنواء» بمصر خلافا لما سبق؟

- ننوي قريبا افتتاح فندق خاص في حي جاردن سيتي لخدمة الدبلوماسيين ورجال الأعمال، واخترنا «الأمير» اسما مؤقتا له، وتبلغ تكلفته 70 مليون دولار، وهو الآن جاهز بشكل خراساني.

* إحالة أسماء كبرى في مجتمع رجال الأعمال المصري إلى التحقيق بتهم فساد؛ هل أحدثت قلقا لدى المستثمرين في مصر؟

- تطبيق العدالة وتنفيذ القانون عوامل مشجعة للاستثمار في أي بلد، وليست مصدرا للقلق بالنسبة لرجل الأعمال الراغب في الاستثمار بشكل جاد وحقيقي، والمصداقية والعدالة هما ما يريدهما المستثمر، لأنه في النهاية يضع أموالا كبيرة ومن الطبيعي أن يكون حريصا وقلقا عليها إذا شعر بأن مناخ الاستثمار غير سليم.

* لكن هل سيؤثر هذا الكم الكبير من قضايا الفساد على خطط المستثمرين في مصر؟

- ما تعيشه مصر حاليا بالطبع سيدفع الكثير من رجال الأعمال والمستثمرين، خاصة الأجانب، إلى تغيير خططهم نحو مصر، أو على الأقل تأجيلها لحين استقرار الأوضاع، وبدا ذلك في سحب استثمارات أجنبية كبيرة من بورصة مصر، وأستطيع القول إن الوقت بمصر الآن «صعب»، وعلينا إعطاء حكومة الدكتور شرف فرصة حتى تستقر الأمور.

* وكيف يتابع المستثمرون العرب والأجانب محاكمات رجال الأعمال الكبار في مصر؟

- باهتمام بالغ، والكل يأمل في الاستقرار، ونؤمن بحق الشعب المصري في تطهير بلده من الفساد، ولكن يجب ألا ينسينا هذا السعي لعودة الحياة الاقتصادية لطبيعتها.

* طرحت هيئة الاستثمار المصرية حديثا «حزمة حوافز» جديدة للمستثمرين؛ هل ترى أنها كافية لجذب مستثمرين جدد؟

- نأمل أن تؤدى هذه «الحزم» الجديدة إلى جذب الاستثمارات، ولكن يجب أن تضع الهيئة المصرية حلولا للمعوقات الحالية، ويجب أن يكون هناك تنفيذ لقوانين لحماية الاستثمار الداخلي والأجنبي، فهناك قانون لحماية الاستثمار موجود فعلا، وهذا القانون يحرم ويجرم المصادرة والتأميم، وهو ما شجعنا على الاستثمار في مصر، لكن هذا القانون لم يطبق علينا وهو ما حصل معنا في استثماراتنا بالغردقة، وأرى أن من أهم سبل تحسين مناخ الاستثمار بمصر «الاستقرار»، لأن معظم دول العالم تتنافس على جذب الاستثمار، حتى دول البترول وفي المقدمة السعودية والإمارات.

* هل أثرت التوترات في المنطقة، خاصة بمصر وتونس، على ربحية مجموعة «الأنواء» القابضة؟

- تأثرنا بالطبع، خاصة بمصر، لأننا ركزنا على الاستثمار بها في أعقاب انسحابنا التدريجي من أميركا، فكان لدينا استثمارات هناك تزيد عن الملياري دولار، لكن بعد صدور القانون الأميركي الشهير «الباترويت آكت» الموجه للعرب المسلمين بعد 11 سبتمبر (أيلول) قلصنا مشاريعنا إلى نحو نصف مليار دولار، لكن ربحية استثماراتنا في السعودية، التي تستحوذ على 60 في المائة من استثماراتنا العالمية، عوضت ذلك، وفي مصر نعوض الخسائر من مواردنا الذاتية، لأن التشغيل تأثر جدا؛ إذ بلغت الطاقة الفندقية 7 في المائة فقط من الإجمالي.

وبدأت استثماراتنا في تونس بقطاع السياحة في أواخر الثمانينات بنحو 300 مليون دولار، ونجري حاليا توسعات، لكن النية في زيادة الاستثمار ستتم حين استقرار الأوضاع.