التضخم يقفز.. والمفوضية الأوروبية: أزمة منطقة اليورو دخلت مرحلتها النهائية

الارتفاع القياسي عزز التوقعات برفع جديد للفائدة

TT

استمرت معدلات التضخم في الارتفاع خلال الشهر الماضي، سواء في منطقة اليورو التي تضم 17 دولة أوروبية أو على مستوى التكتل الأوروبي الموحد الذي يضم 27 دولة، مما جعل العديد من المراقبين الأوروبيين يتوقعون مزيدا من الرفع في سعر الفائدة خلال الأشهر القادمة.

وأفادت بيانات نشرت أمس بأن التضخم في منطقة اليورو ارتفع أكثر من المتوقع في مارس (آذار) ليصل إلى 2.7 في المائة على أساس سنوي، إذ رفعت تكلفة الوقود تكلفة المواصلات والسكن. وحدا ارتفاع التضخم المدفوع بأسعار السلع الأولية والطاقة بالبنك المركزي الأوروبي إلى رفع أسعار الفائدة الأسبوع الماضي للمرة الأولى منذ الأزمة المالية في 2008، ومن المتوقع أن يرفعها مجددا في يوليو (تموز). وقال مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات) إن التضخم في منطقة اليورو قفز إلى 2.7 في المائة في مارس متجاوزا توقعه المبدئي البالغ 2.6 في المائة ومستواه المسجل في نفس الفترة قبل عام والبالغ 1.6 في المائة. وعزا مسؤولون في الاتحاد الأوروبي ارتفاع الأسعار في المقام الأول إلى ارتفاع تكلفة وقود النقل وزيت التدفئة. والمستوى الذي يستهدفه البنك المركزي الأوروبي للتضخم يقل قليلا عن اثنين في المائة، وقد فاق التضخم الكلي في الأسعار هذا الرقم منذ ديسمبر (كانون الأول). وبلغ التضخم في الاتحاد الأوروبي بأكمله في مارس 3.1 في المائة مقارنة مع اثنين في المائة قبل عام، إذ سجل التضخم في بلدان مثل رومانيا ثمانية في المائة، ويتزامن ذلك مع إعلان مؤسسة «موديز» عن تخفيض التصنيف الائتماني للديون السيادية في آيرلندا، وأكدت الحكومة اليونانية الجمعة أنها ستعلن عن خطة تقشفية لمواجهة العجز في الميزانية العامة. وفي الوقت نفسه، ارتفعت القراءة الشهرية لمؤشر أسعار المستهلكين بمنقطة اليورو خلال فبراير (شباط) لتسجل 1.4% مقارنة بالقراءة السابقة بنسبة 0.4%، وجاءت القراءة الفعلية أعلى من التوقعات المقدرة 1.3%، أما عن القراءة السنوية فقد سجلت 2.7% مقارنة بكل من التوقعات والقراءة السابقة 2.6%، أما عن القراءة السنوية الجوهرية فقد سجلت 1.3% مقارنة بالقراءة السابقة 1.0%، في حين كانت التوقعات 1.1%.

وجاء الإعلان عن هذه الأرقام بعد ساعات من تصريحات قال فيها المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية والنقدية أولي رين، إن أزمة منطقة اليورو دخلت مرحلتها النهائية، مؤكدا أن إعادة هيكلة الدين اليوناني ليست خيارا. وفي كلمة ألقاها بمعهد بروكينجز بالعاصمة الأميركية، قال رين «لا يمكن أن أقول إن المهمة انتهت، إنني ازداد قناعة بأننا في المرحلة النهائية في إدارة الأزمة». لكن المسؤول الأوروبي، الذي يزور واشنطن للمشاركة في اجتماع الربيع المشترك لصندوق النقد والبنك الدوليين، أقر بأنه لم يتم بعد التغلب على «التقلبات» التي تشهدها الأسواق. وأشار إلى أن طلب لشبونة خطة إنقاذ من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، فك الاشتباك بين الدين السيادي لإسبانيا، واليونان وآيرلندا والبرتغال، الدول الثلاث التي لجأت للمساعدات المالية. وأكد في الوقت ذاته أن المسؤولين الأوروبيين لا يرون في إعادة هيكلة الدين اليوناني «خيارا»، مشيرا إلى أن هذا الإجراء قد يؤدي إلى «ردود فعل متتالية» في النظام المصرفي ويلحق ضررا بالاقتصاد. وقفزت معدلات التضخم في منطقة اليورو لتسجل أعلى مستويات منذ عامين، متأثرة بشكل أساسي من الارتفاع المطرد في أسعار الطاقة، فالارتفاع في معدلات التضخم يأتي على الرغم من بدء البنك المركزي الأوروبي برفع سعر الفائدة المرجعي ليكون السباق لذلك بين البنوك المركزية العالمية.

ووصل معدل التضخم في منطقة اليورو إلى 2.7% في مارس الماضي، بينما كان الرقم 2.4% في فبراير، وفي إجمالي دول الاتحاد وصل الرقم إلى 3.1% بدلا من 2.9% في الشهر الذي سبقه، وكانت أعلى معدلات التضخم قد سجلت في رومانيا ووصل الرقم إلى 8.0%، ويأتي بعدها إستونيا وبلغاريا والمجر، وذلك حسب الأرقام التي صدرت عن مكتب الإحصاء الأوروبي، بينما عرفت دول مثل السويد وهولندا وآيرلندا أرقاما أقل بكثير. وقرر البنك المركزي الأوروبي الأسبوع الماضي رفع سعر الفائدة الأساسي بمقدار 0.25% ليصل إلى 1.25% وهي المرة الأولى منذ يوليو (تموز) من عام 2008، حيث يحاول فيه البنك مواجهة الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية، كما قام البنك برفع سعر فائدة الإقراض لتصل إلى 2% من 1.75%، وعلى الودائع لتصل إلى 0.5% من 0.25%.

أكد البنك المركزي الأوروبي في النشرة الشهرية أنه سيتابع المخاطر التضخمية المرتفعة عن كثب، فالهدف الأساسي للبنك الحفاظ على مستويات التضخم حول 2.0% الذي يعتبر مستوى الأمان للأسعار، أفاد البنك بأن الارتفاع الحالي في معدلات التضخم لا يزيد من الضغوط التضخمية على المدى المتوسط، وتتزايد التوقعات بأن يواصل البنك المركزي الأوروبي بأنه سوف سيواصل رفع سعر الفائدة بمرتين لمستويات 1.75% هذا العام. من جانبها، لجأت شركة «مودي» للتصنيف الائتماني إلى خفض التصنيف الائتماني للديون السيادية لآيرلندا بمقدار درجتين، بالإضافة إلى إبقاء النظرة السلبية لمستقبل الاقتصاد المتخم بالديون والحكومة التي تعاني لتخفيض العجز في الميزانية العمومية. وحددت الشركة التصنيف الائتماني لآيرلندا، وقد تم تخفيض التصنيف الائتماني لكل من آيسلندا وتونس ورومانيا والبرازيل. وفي نفس الصدد، جميع الأنظار مترقبة خطة التقشف من الحكومة اليونانية وتبعاتها، التي تتضمن خطط تخفيض الإنفاق الحكومية، وذلك للوصول إلى الهدف المحدد لتخفيض العجز في الميزانية العمومية للدولة، بعد ارتفاع العائد على السندات لمستويات عليا خلال الفترة الماضية، وخاصة بعد الشائعات عن إعادة هيكلة الديون العامة التي قامت بنفيه، ويتوقع المحللون أن الخطة ستتضمن شروحات لتخفيض الإنفاق بمقدار 22 مليار يورو مع نهاية عام 2014، بالإضافة إلى وضع خطة لجمع ما يقارب 15 مليار يورو بحلول عام 2013، وذلك عن طريق بيع أصول تعود للدولة.

وحصلت اليونان على مساعدة من قبل الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي بمقدار 110 مليارات يورو، وذلك بعد أن أعلنت الدولة عن بلوغ العجز في الميزانية بمقدار 15.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2009.